محمد منير يكتب: شر البلية لا يُضحك
يا سادة النكات التى تطلقها السلطة مستخفة بهموم هذا الشعب وآلامه ليست مضحكة؛ وانما هى مبكية وتعكس امتداد لنظام مستبد قديم نهب وسرق واستغل وفرط فى الأرض والآن يضيف الى كل هذا رغبة فى افقاد الشعب عقله ومنطقه. يتبع
*محمد منير
قام محمد بديع عبد المجيد سامى، المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين والمحبوس حاليا هو وجماعته، بإلقاء التماسيح داخل ترعة الإسماعيلية والمريوطية، لبث الرعب فى نفوس المواطنين وتعبئتهم ضد النظام لتحقيق أغراضهم الدنيئة فى قلب نظام الحكم والتحريض ضد مؤسسات الدولة.
الكلمات السابقة ليست ” نكته”، وإنما هى جزء من البلاغ الذى تقدم به عبد المجيد جابر المحامى ومؤسس جبهة حماية مصر للنائب العام، يتهم فيه محمد بديع المرشد العام لجماعة الإخوان وجماعته، بإلقاء بعض التماسيح بترعة الإسماعيلية بمسطرد وترعة المريوطية لبث الرعب فى نفوس المصريين وإشاعة الفوضى والذعر فى نفوس المواطنين. واختصم البلاغ رقم 1226 لسنة 2016 عرائض النائب العام، مرشد جماعة الإخوان. وقال البلاغ، “إن هناك فئة منتمية لجماعة الإخوان قامت بإلقاء التماسيح داخل ترعة الإسماعيلية والمريوطية، لتعبئة المواطنين ضد النظام لتحقيق أغراضهم الدنيئة فى قلب نظام الحكم والتحريض ضد مؤسسات الدولة”. وأكد البلاغ، “أن من يدير المعديات فى ترعة الإسماعيلية والمريوطية بناهيا أغلبهم من جماعة الإخوان، وذلك بسبب أهدافهم الدنيئة مع النظام الجمهورى المنتخب بإرادة الشعب المصرى، إلا أن أعيننا تتربص لهم ونقف لهم بكل حزم!!!”
في بداية شتاء هذا العام وجهت الحكومة المصرية الاتهام لجماعة الاخوان المسلمين وقيادتها بالقيام بسد مصارف المياه فى مدينة الإسكندرية مما تسبب فى غرق المدينة بفعل مياه الأمطار التى لم تجد مصرفاً لها !!!
هذا بالاضافة إلى ماتم نشره عمدا من معتقدات وشائعات حول مسئولية جماعة الإخوان عن مشكلات المرور وغلق الطرق، بل ووصل الأمر إلى ترويج رواية عن هروب قيادات الإخوان من خلال نفق سرى وخروجهم لتنفيذ عمليات إرهابية والعودة مرة أخرى.
كوميديا سوداء
ربما يرى البعض فى هذا الاستخفاف كوميديا أو على الأقل كوميديا سوداء طبقاً للمثل المصرى ” شر البلية ما يضحك ” .. ولكن الحقيقة يدركها أبناء الوطن المصرى المظلوم ، هى بلية ولكن غير مضحكة ، فهذه المشاهد تعكس حالة من الانهيار والضياع لا يعيشها إلا المواطن البسيط .
إعلام الإجرام يركز كل أدواته باحترافية شديدة لخلق مشاهد خارج حدود المنطق والعقل وتحمل استخفافاً بكل المواطنين بل بالوطن فيدخل الشعب فى دائرة من الارتباك واللغط والخلاف من غير مضمون حول مشاهد وهمية تبدو كقضايا ومشكلات ليبعده عن التفكير فى وسائل لمواجهة همومه والاستبداد والاستغلال المحيط به.
إعلام الإجرام وورثة النظام الاستبدادى يعملون بحرفية اللصوص المخضرمين فيوزعون الأدوار على أنفسهم ليخلقوا المشاهد المستخفة، ويخلقون معها معارضيهم بغرض خلق ساحة سجال واهتمام بعيدة عن ساحة هموم المواطنين التى تعكس معاناتهم بفعل الجوع والمرض والاستغلال وضيق ذات اليد وانهيار منظومات التعليم والثقافة والصحة، وكلها انهيارات متعمدة لإنهاك الوطن وافقاده القدرة على مواجهة المستغلين وسالبى الحريات والآمال ويفقد القدرة على النهوض والعيش بحرية وكرامة.
فى الوقت الذى نناقش فيه تماسيح المرشد وتنظيم الإخوان للبالوعات ، وتفجيرات متفرقة لا نعلم مصادرها ، وارتباك أمنى منظم ، يموت العشرات فى المستشفيات بفعل الإهمال ، ويتسرب المئات من الأطفال من التعليم للعمل فى الشوارع لتوفير قوت يومهم الذى عجزت أسرهم عن توفيره ، ويغرق الآلاف بل الملايين فى دائرة العوز والحاجة والفقر المدقع بفعل الاستغلال المتعمد من رجال أعمال مستغلين وسلطة حاكمة فاسدة يحيط بها الغل والرغبة فى الانتقام من الشعب الذى حاول القضاء عليها فى عام 2011 ، ونجحت فى الإفلات من ثورته بالحيلة وبفعل أخطاء من أبناء الثورة .
وسائل إعلام العار
ملايين من البشر الذين خدموا هذا الوطن ووصلوا سن التقاعد سُرقت معاشتهم وتاميناتهم التى دفعوها من عرقهم سنوات طويلة لم يهأنوا فيها بأقل حدود المعيشة الانسانية ، وأتحدى أن تجد أى موضوع من هذه الموضوعات التى تعكس هموم الشعب الحقيقية تناولته وسيلة من وسائل إعلام العار والإجرام .
يا سادة النكات التى تطلقها السلطة مستخفة بهموم هذا الشعب وآلامه ليست مضحكة؛ وانما هى مبكية وتعكس امتداد لنظام مستبد قديم نهب وسرق واستغل وفرط فى الأرض والآن يضيف الى كل هذا رغبة فى افقاد الشعب عقله ومنطقه.
وإذا كان النظام فى عام2011 قد قدم كل المبررات الموضوعية للثورة من أجل الخلاص ، فإن امتداد هذا النظام يقدم مبررات وحيثيات أكثر موضوعية لثورة أكثر جذرية ووضوحا وتخطيطاً لتحرير الوطن.
ومن اليوم علينا أن نعلم أن شر البلية لا يضحك أبداً .
_______________
*كاتب وصحفي مصري
المقال لا يعبر عن موقف أو راي الجزيرة مباشر وإنما يعبر عن رأي كاتبه