ماذا يحدث في الكنيسة!

ويرى شباب الكنيسة أن مجيء تواضروس عن طريق هذه القرعة جاء وفقا لاختيارات أمنية، وظهر هذا جليا بوضوح في مواقفه فيما بعد.

مؤخرا كثرت الحكايات في مصر المحروسة عما يحدث في الكنيسة المصرية الأرثوذكسية؛ حيث لم يمض سوى شهرين على العثور على جثة الأنبا “إبيفانيوس”، رئيس دير أبو مقار في وادي النطرون بمحافظة البحيرة، أمام مسكنه بالدير، في واقعة نادرة يشوبها الغموض، واتهم فيها راهبان أحدهما سجن والآخر حاول الانتحار، وتحت الرعاية حاليا في المستشفى.
ولا تسأل أين هو؟، أو لماذا لم تُؤخذ أقواله؟
فعندما يتعلق الأمر بالكنيسة فأنت تتعامل مع دولة داخل الدولة في الوقت الذي يصدعون رأسك فيه بكلمة الوطن والمواطنة.

ولم تنته قصة مقتل “الأنبا أبيفانيوس”؛ حتى وجدنا راهباً آخراً يُدعى “زينون المقاري” توفي في ظروف غامضة بعد نقله للمستشفى، وذلك بعد أن تم نقله من دير وادي النطرون لدير المحرق في أسيوط.
البعض يقول إنه انتحر، وكثيرون يؤكدون أنه حتى الساعة الواحدة ليلا كان يحدثهم؛ ومن الاستحالة بمكان أن يفكر في الانتحار؟!!

ولكن لابد أن يكون قد قُتل أو تم نحره، على خلفية أحداث دير وادي النطرون ومقتل إبيفانيوس، والملاحظ أن الصفحات المسيحية التابعة للبابا تواضروس سربت قبل نبأ وفاته خبر هروبه من الدير، وخبراً آخراً حول محاولته الانتحار، كل هذا قبل أن تحقق النيابة، وقبل صدور تقرير الطب الشرعي!!

معارك في الدير

وكان دير أبو مقار قد شهد انشقاقات بين رهبانه في الفترة ما بين وفاة الأب متى المسكين، ووفاة الأنبا شنودة عام 2012، بعد مرحلة رأب الصدع، ما دفع إلى عودة الأنبا ميخائيل للإشراف عليه من جديد، قبل أن يطلب من البابا تواضروس فور توليه المسؤولية اختيار رئيس جديد للدير، وهو ما تم عبر الانتخابات التي شارك بها رهبان الدير، والتي أسفرت عن اختيار الراهب أبيفانيوس المقاري، والذى قتل منذ شهرين، وهذا يؤكد أن هناك خلافات داخل الكنيسة وبين رهبانها وقساوستها وبين البابا تواضروس، انقسم فيها شعب الكنيسة ما بين مشارك ومتفرج وغير مصدق.

وتصاعدت خلال الفترة الماضية الصدامات والخلافات داخل الكنيسة حول التعليم الكنسي، وجرى التركيز على أتباع وتلاميذ المسكين، وانتهت بتشكيل المجمع المقدس في مايو/ أيار الماضي لجنة لمراجعة التعليم الكنسي.
كما شهدت مواقع التواصل الاجتماعي قبل أيام من مقتل إبيفانيوس، جدلا وخلافات إثر تكريم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية للأب متى المسكين، واعتباره أحد رواد مدارس الأحد، خلال الاحتفال بمئوية مدارس الأحد التي أقيمت في مكتبة الإسكندرية، حيث قال نشطاء أقباط إن ما حدث كان «محاولة لتزييف التاريخ»، واعتبروا أن الراهب الراحل لم يكن خادما في المدارس؛ بل إنه هاجمها، فيما تمسكت الكنيسة بأن الأب الراحل كان بالفعل أحد رواد مدارس الأحد!

معركة مسيحية – مسيحية

هناك إذن خلافات كثيرة ومتعددة حاليا داخل الكنيسة الأرثوذكسية المصرية؛ أضحى فيها الخلاف على أشده منذ تولي تواضروس بطريرك الكرازة المرقسية خلفا للبابا شنودة الثالث.
وتعددت أسباب هذه الخلافات وبدأت تظهر على السطح مؤخرا بعد أن كانت من قبل داخل الكنائس والأديرة، ولكن مع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي اختلف الأمر ، حيث انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي ” الفيس بوك – تويتر ..وغيرها ” مجموعات من الشباب المسيحي تتحدث عن المسكوت عنه وتنشر فيديوهات ووثائق لاستخدامها في مهاجمة الـ 118 كما يطلقون على البابا تواضروس، فلقد تغير شباب الكنيسة بعد انتشار الفضائيات وانخراط بعضهم في العمل السياسي عقب ثورة يناير.
ووجدنا معركة مسيحية – مسيحية تدور رحاها على شبكات التواصل الاجتماعي بين أتباع البابا شنودة وأتباع الأب متى المسكين الذى كان مختلفا مع البابا شنودة في كثير من المواقف العقائدية والفكرية.
المعركة بدأت مبكرا حتى قبل ترشح البابا تواضروس خلفا لسابقه، ووفق كتاب “هل يجوز ترشيح الأسقف للكرسي البابوى ؟!” للمؤرخ القبطي بيشوي البسيط الذي صدر عن مركز المؤرخ عام 2013، رأى كثير من الشباب القبطي بعد ثورة يناير ضرورة العودة للنظام القديم في اختيار البابا، بعد أن تم مخالفة قوانين الكنيسة مع أربع باباوات سابقين كان آخرهم البابا شنودة.

خرق قوانين الكنيسة

ففى قوانين الكنيسة لا يجوز للأسقف الترشح للكرسي البابوي، ولابد أن يكون راهبا عاديا لا يحمل رتبة الأسقف، أو شخصا علمانيا مشهودا له بالقداسة والوقار ومثقف من ناحية العلوم الكنسية، وهذا لم يحدث إذ كان تواضروس أسقفا في محافظة البحيرة.
 كما أن القرعة الهيكلية حسب قوانين الكنيسة لاختيار تواضروس كانت باطلة، من وجهة نظر خصومه.
ووفقا لما  كتبه “بيشوي البسيط” أنه لابد أن تجري القرعة الهيكلية على ثلاث مرات، يصلى فيها شعب الكنيسة ثلاثة أيام، ثم تجرى القرعة ويسحب الطفل الورقة فإذا ظهر الاسم الفائز تعاد هذه القرعة مرة أخرى بعد ثلاثة أيام، ثم مرة أخرى بعد ثلاثة أيام.
وإذا تأكد نفس الاسم يتم رسامته بطريركا للكرازة المرقسية، وفقا للاختيار الإلهي حسب قوانين الكنيسة، ولكن عند تولي تواضروس لم يتم عمل القرعة سوى مرة واحدة؛ وهذا يجعلها قرعة غير صحيحة وفق اعتقاد كثير من المسيحيين.

ويرى شباب الكنيسة أن مجيء تواضروس عن طريق هذه القرعة جاء وفقا لاختيارات أمنية، وظهر هذا جليا بوضوح في مواقفه فيما بعد، وهذا ما أثبتته الأيام -وذلك حسب تأكيد بيشوي البسيط لي- حيث إنه من المعروف والمثبت في كل تصريحاته أنه تابع للتعليمات الأمنية على حساب حقوق الأقباط، وبدلا من أن يكون المتحدث باسم شعبه أصبح المتحدث بلسان السيسي، وظهر هذا منذ 30 يونيو 2013 وحتى زيارته الأخيرة لأمريكا، وتصريحاته المضللة عما يحدث في مصر، ونسي أن الأقباط والمسلمين سواء في الداخل أو الخارج يعلمون ويشاهدون كل شيء.

دعم تواضروس للسيسي

ومن ضمن الخلاف بين الشباب المسيحي وتواضروس انغماسه في السياسة، والكنيسة تمنع أصلا التحدث فيها، ولكنه يتحرك ويتكلم في أمور سياسية دائما؛ ونسي مشاكل شعب الكنيسة.
كما ظهر الخلاف والانقسام والغضب بسبب كيفية تأدية الطقوس وظهر هذا في “طقس الميرون”.
وفي طقس تدشين الكنائس حيث ضرب بقوانين الكنيسة عرض الحائط كما يقول شباب الأقباط.
والأمر الآخر أنهم يرونه غير صادق، وكلما واجهوه بكذبة واضحة؛ يخترع ردودا عليها ، كما في مشكلة رهبان وادي الريان فأنكر تبعيتهم للكنسية، ثم اعترف بهم فيما بعد،  وعندما تم مواجهته قال “لأنهم لا يطيعونني”.
وجاء الخلاف الأكبر في العقيدة حسب رؤيتهم ، أنه قرر منفردا وبعيدا عن موافقة المجمع المقدس إرسال الأنبا إيبفانيوس الذي قتل منذ شهرين لتوقيع برتوكول لتوحيد الأديان مع بابا الفاتيكان.

ما يفعله البابا تواضروس حاليا هو دعم السيسي بكل ما يملك من قوة، وفي نفس الوقت تقسيم شعب الكنيسة لثلاث فئات، مجموعة تابعة للأب متى المسكين، وثانية تابعة للبابا شنودة، أما الثالثة فقد سيطر هو عليها وهي تابعه له من خلال المجمع المقدس بعد أن أحكم قبضته عليه، فور أن قام برسامة العديد من الأساقفة وسيطر عليهم عن طريق الأمن والتهديد.
وفي نفس الوقت أنشأ كتائب ومليشيات إلكترونية على صفحات مواقع التواصل وفي المعاهد والكليات الدينية تهاجم كل من يعترض عليه، وتبارك وتهلل لكل ما يقدم عليه ويفعله.

نعم تزيد النعم

ظهر”تواضروس” تابعا للنظام الحالي منذ تصدره من خلال الكنيسة مشهد 30 يونيو و3 يوليو 2013 مشاركا في الانقلاب وداعما له.
ولا تمر أيام إلا ونجد له تصريحا يدعم فيه الجنرال منذ”نعم تزيد النّعم”، ومرورا بالانتخابات الرئاسية، وحتى زيارته الأخيرة لأمريكا داعما للسيسي عن طريق شحن أقباط المهجر وأقباط الداخل لاستقبال السيسي ، كما ظهر في فيديوهات كاشفة عما يدور في الكنائس من حشد بدعوي حب الكنيسة وإيمانا بالرب، وحتى كلمته الأخيرة لاتباع الكنيسة عن الصبر على النخلة لمدة 20 عاما حتى تثمر بلحا، والحقيقة كلاهما يحتاج للآخر.

كلاهما يعاني أزمة شرعية.

المقال لا يعبر عن موقف أو راي الجزيرة مباشر وإنما يعبر عن رأي كاتبه