ماذا يجري مع سامي عنان؟!

فيما بدا صراعا بين ديناصورات، ذهب أحد أعتى رجالات المؤسسة العسكرية ضحية لهذا الصراع لا يعرف أحد حتى هذه اللحظة أين ذهبوا برئيس أركان القوات المسلحة المصرية السابق.

 لم نسمع عن الفريق سامي عنان منذ بيان القوات المسلحة الذي أعقبه التصرف العنيف بالقبض عليه واتهامه باتهامات خطيرة لا يعلم الا الله إلى اين ستؤدي به. نحن لا نتحدث عن ناشط سياسي من أولئك الذين يحلو لنظام السيسي التنكيل بهم عقاباً لهم على قيادة قطار الثورة، نحن هنا نتحدث عن أحد أهم قادة القوات المسلحة المصرية، وأحد المعدودين الذين وصلوا إلى رتبة الفريق، وأحد المعدودين الذين تولوا قيادة أركان الجيش في تاريخه، ثم وقبل كل هذا وبوضوح، نتحدث عن رجل قرر النزول لمعترك انتخابات الرئاسة وخلفه كتلة ضخمه من أصحاب الثروات والنفوذ في دولة مبارك.

دائرة الأيام

وربما يوجد جناح داخل السلطة ذاتها امتلك من الحصافة ما جعله يرى أن استمرار الوضع كما هو عليه كارثي علي الدولة والنظام ذاته.

 سامي عنان الآن في وضع اختفاء قسري، وتلك حالة كوميديا سوداء، فالرجل الذي كان شريكاً في حكم مصر لم يكن ليتخيل في أقسي كوابيسه أن يكون هو ذاته رهن الاعتقال على يد من كانوا يوماً من رجاله وضباطه ورهن إشارة من يديه، وأن تدور عليه دائرة الأيام وتسقيه على يد من لم يكن يوماً يتخيله نداً له شراب العلقم.

 أصبحنا لا نجد في بلدنا عجباً بعد كل ما رأيناه في السنوات التي أعقبت ثورة الخامس والعشرين من يناير، ولكننا يوماً بعد يوم وساعة وراء الساعة، نري ما لم نكن نظن أنه سيحدث يوماً، نعم آلة القمع العسكرية لا تعرف الرحمة ولا تتوقف عن الدهس،  ولكن من منا كان يتخيل أن تكون رتبة-الفريق-من ضمن ضحاياها، قبل -الفريق-سامي عنان، فريقاً آخر-احمد شفيق- تم التنكيل به، ولكن في حالة شفيق فالتنكيل اقتصر علي الإهانة، وكنا نظن أن هذا هو الحد الأقصى لأصحاب النجوم علي الأكتاف والنياشين علي الصدور وأن الإهانة التي تعرض لها شفيق هي نهاية ما يمكن أن يفعله السيسي برجالات الجيش السابقين، ولكن يبدو  أنه لا حد أقصي مع نظام السيسي بالتأكيد ندرك ويدرك معنا الكثيرون، أنه بخلع النجوم من فوق الاكتاف تنتهي السطوة والنفوذ حتي وإن بقيت النياشين كشاهد علي مجد فائت، ولكن حتي وإن ضاعت السطوة فهناك دائماً الهيبة باقية.

إهدار الهيبة

 ما يفعله السيسي إهدار لما تبقي من هيبة ومجد البدلة العسكرية بعد خلعها، الرسالة واضحة لا أحد فوق التنكيل ولا أحد بعيد عن مصير النشطاء ليس فقط في التنكيل، قبل القبض عليه تم تسريب مكالمة لذات الشخص-الفريق سامي عنان- تم التنصت عليها في أثناء خدمته

نتحدث هنا عن رئيس أركان حرب القوات المسلحة في الخدمة- وإذاعتها في أحد البرامج المرتبطة بالنظام فمن الذي تنصت على الرجل الثاني في الدولة المصرية، ومن الذي لديه القدرة والجرأة على هذا الفعل، والأهم إذا كان رجل يحمل تلك الرتبة الرفيعة تم التنصت عليه، فمن غيره؟

ذلك سؤال استدعاه سياق الحدث قسراً، الآن من حقنا أن نعرف بالقطع أن نسأل، أين الفريق عنان؟ وما هي حقوقه القانونية، ومنذ متى يحاسب القانون الناس على نواياهم؟ حيث إن الفريق عنان أعلن عن نيته الترشح، ثم والسؤال يفرض نفسه فرضا ما هي فكرة القائمين على الحكم عن الوسيلة التي يتغير بها رأس النظام وسياسات الحكم؟

أحاول جاهداً أن اقنع نفسي بأن هناك من يري ويفهم الخطر المحدق بالدولة المصرية جراء تلك السياسات الكارثية التي يمارسها نظام السيسي ولكنه لا يتحرك حرصاً على منصبه، وطمعاً في المزيد من السلطة والنفوذ ولا يهمه مصير الدولة ذاتها طالما يحقق مآربه.

 لقد فشلت في اقناع نفسي بأن من يدير الدولة ذكي طماع، فبداخلي قناعة بأنه يوقعنا ويوقع بلادنا في جب سحيق، شخص يعتقد أنه ذكي وأمين ويمنع عن الدولة مؤامرات وهمية من صنع خياله بسببها ينكل بالجميع.

أعتقد حازماً أن الطامع الجشع الذكي، أفضل بمراحل من ذلك الغبي الذي لا ينفي الغباء عنه صفة الجشع

المقال لا يعبر عن موقف أو راي الجزيرة مباشر وإنما يعبر عن رأي كاتبه