مؤسسات مالية محلية ودولية تتوقع ارتفاع الدولار في مصر

توقعت كل من مؤسسة كابيتال إيكونوميكس وأرقام كابيتال بلوغ الدولار 19 جنيها، وتوقع كل من بنك بي إن بى باريبا وجي بي مورغان بلوغه 18.5 جنيه

توقع العديد من المؤسسات المالية المحلية والدولية ارتفاع سعر صرف الدولار الأمريكي في السوق المصرية مع نهاية العام الحالي، حيث توقعت كل من مؤسسة كابيتال إيكونوميكس وأرقام كابيتال بلوغه 19 جنيها، وتوقع كل من بنك بي إن بي باريبا وجي بي مورغان بلوغه 5.18 جنيه، كما توقعت جهات أخرى ارتفاعه عن الـ 18 جنيها منها بنك الإمارات دبي الوطنى وأكسفورد غروب.

وبالطبع سيقول البعض خاصة من أنصار النظام الحاكم في مصر، إن تلك التوقعات كانت في شهر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، قبل تراجع سعر صرف الدولار في مصر بداية من السابع والعشرين من يناير/كانون الثاني الماضي وحتى كتابة تلك السطور، وكذلك عودة مشتريات الأجانب لأدوات الدين المصري خاصة أذون الخزانة، وكذلك وصول القسط الخامس من قرض صندوق النقد الدولي والبالغ قيمته ملياري دولار، ما يجعل الصورة مختلفة.

ولهؤلاء نذكر بعض توقعات مؤسسات مالية محلية ودولية بعد هبوط سعر صرف الدولار بأكثر من أسبوع، منها إدارة البحوث بمؤسسة فاروس القابضة المصرية التي توقعت بلوغ السعر 5.18 جنيه بنهاية العام الحالي، وكذلك إتش سي للأبحاث التي أعلنت في السابع من فبراير/شباط أى بعد أسبوعين من انخفاض الدولار، توقعها بلوغ السعر 60.19 جنيه بنهاية العام الحالى.

ومن الجهات الدولية توقعت مؤسسة موديز للتصنيف الائتماني بلوغ السعر 97.18 جنيه بنهاية العام الحالى، واستمراره في الإرتفاع إلى 67.19 بنهاية العام القادم، وتوقعت مؤسسة فوكس إيكونوميكس بلوغه 27.18 جنيه بالعام الحالي و77.18 جنيها بالعام القادم.                   

وفي الثانى من فبراير/شباط وبعد أسبوع من انخفاض الدولار في الأسواق المصرية توقعت مؤسسة مورغان ستانلي، تراجع قيمة الجنيه المصري أمام الدولار بنسبة 10% خلال الإثني عشر شهرا القادمة، كما توقع بنك الاستثمار غولدن مان ساكس تراجع سعر الجنيه المصري أمام الدولار بنسبة 8 % سنويا، لمدة ثلاث سنوات متتالية بسبب ارتفاع نسبة التضخم في مصر.

زيادة الواردات والعجز التجارى          

وبالطبع استندت تلك التوقعات لهذه المؤسسات على حقائق وبيانات مصرية أبرزها:

أولا: زيادة قيمة الواردات السلعية خلال الأحد عشر شهرا الأولى من العام الماضي، حسب بيانات جهاز الإحصاء الرسمي إلى 3.73 مليار دولار، بزيادة 7.12 مليار دولار عن الشهور نفسها من العام 2017، بينما كانت الزيادة بالصادرات محدودة لتقل عن 7.2 مليار دولار خلال تلك الشهور، ليزداد العجز في الميزان التجاري حوالي 10 مليار دولار.

والمعروف أن أبرز العوامل التى تضغط على سعر الصرف في مصر هو العجز بالميزان التجارى، والذي بلغ حوالي 47 مليار دولار فى أحد عشر شهرا، ويتوقع ارتفاعه خلال الفترة القادمة في ضوء ارتفاع سعر القمح حتى أن أقل سعر في آخر مناقصة خلال شهر فبراير/شباط الحالى كان 235 دولارا للطن بخلاف النقل والتأمين، كما تحولت مصر إلى دولة مستورة للأرز والذي تجاوز سعر الطن منه عالميا 400 دولارا بشهر يناير الماضى، كما تحسن سعر البترول فى يناير/كانون الثاني عما كان عليه في ديسمبر/كانون الأول.

وربما يقول البعض إن مصر اكتفت من الغاز الطبيعى وإنها ستصدر الغاز الطبيعى، ويمكن لتلك الصادرات دفع قيمة الصادرات للارتفاع، ولهؤلاء نقول إن مصر توقفت عن استيراد الغاز الطبيعى المسال لكنها مازالت تشترى الغاز الطبيعى من الشريك الأجنبى بالداخل، وستظل تشتريه لفترة طويلة، وهاهي ثلاث شركات مصرية ستقوم باستيراد الغاز الطبيعي في ضوء الاتفاق على استيراد غاز طبيعي من إسرائيل وقبرص وغيرها.

ولا تستطيع مصر التوسع في تصدير الغاز الطبيعي لفترة غير قصيرة، فما يتم تصديره حاليا من كميات ضئيلة إلى الأردن أو من خلال مشروع إدكو للتسييل، جاء من أجل الإفلات من غرامة التحكيم الباهظة التى حدثت بسبب توقف التصدير من خلال المشروع، لكن الاستهلاك المحلى المتزايد يحتاج كل الإنتاج المحلي شاملا نصيب الشركات الأجنبية والنصيب المصري.

تراجع الموارد وارتفاع المدفوعات                           

ثانيا: مدفوعات الدين الخارجي والبالغة 14 مليارا و738 مليون دولار خلال العام الحالي، كأقساط وفوائد للدين الخارجي متوسط وطويل الأجل بعد تأجيل دفع عدد من القروض لدول خليجية، يضاف إلى ذلك قروض قصيرة الأجل بلغت قيمتها 5.11 مليار دولار في نهاية سبتمبر/أيلول الماضى يجب سدادها خلال أقل من عام.

 وعادة ما يتم تجديد معظمها بالإضافة إلى الاقتراض الجديد، وهاهي وزارة المالية تستعد لطرح سندات بالسوق الدولية يمكن أن تصل قيمتها إلى 7 مليارات دولار، رغم تجاوز رقم الدين الخارجي 93 مليار دولار في سبتمبر/أيلول الماضى.

ثالثا: تشهد الموارد الطبيعية للعملات الأجنبية تراجعا خلال الفصول الأخيرة من العام الماضى، فمن خلال بيانات البنك المركزي للموارد من العملات الأجنبية شاملة القروض ومشتريات الأجانب لأدوات الدين المصري، نجد تراجعا في قيمة تلك الموارد والتي بلغت 1.32 مليار دولار في الربع الأول من العام الماضى، لتنخفض إلى 4.30 مليار دولار في الربع الثانى رغم اقتراض 7 مليارات دولار خلاله، ولم تزد في الربع الثالث سوى بنحو 245 مليون دولار رغم بلوغ القروض خلال ذلك الربع 4.7 مليار دولار.

وهكذا انخفضت إيرادات الصادرات السلعية في الربع الثالث عما كانت عليه في الربع الثانى من العام الماضى، ونفس الانخفاض لعائدات قناة السويس ولتحويلات العاملين بالخارج ولحصيلة الاستثمار الأجنبي المباشر وللمعونات بنفس فترة المقارنة.

وعلى الجانب الآخر فقد زادت قيمة المدفوعات من النقد الأجنبي من 8.26 مليار دولار في الربع الأول من العام الماضى، إلى 6.28 مليار دولار بالربع الثانى، ثم إلى 3.30 مليار دولار في الربع الثالث.

 القروض سبب الفائض الشكلي

رابعا: ما يتم الحديث عنه من وجود فائض في الميزان الكلي بميزان المدفوعات، كفرق بين الموارد من العملات الأجنبية ومدفوعاتها هو فائض غير حقيقي، فبلوغ الفائض في الربع الأول من العام الماضى 4.5 مليار دولار، كان بسبب بلوغ مجمل القروض ومبيعات أدوات الدين للأجانب خلاله 10 مليارات دولار.

 وفي الربع الثانى من العام الماضى بلغ الفائض 8.1 ميار دولار، بسبب القروض البالغة 4.7 مليار دولار خلاله، وفي الربع الثالث كان الفائض 284 مليون دولار، بسبب القروض البالغة 4.7 مليار دولار خلاله.

خامسا: تراجع صافي الأصول الأجنبية – العملات الأجنبية – في الجهاز المصرفى، وهو الفرق بين الأصول والالتزامات الأجنبية من 9.20 مليار دولار فى أبريل/نيسان 2018، مع استمراره في الانخفاض التدريجى في الشهور التالية ليصل إلى 1.7 مليار دولار بنهاية ديسمبر/كانون الأول الماضى.

 بل لقد تحول صافي الأصول الأجنبية – العملات الأجنبية – في البنوك التجارية من فائض إلى عجز منذ شهر يوليو/تموز الماضى بلغ 2.1 مليار دولار، واستمر ذلك العجز بالزيادة حتى بلغ 3.7 مليار دولار بنهاية نوفمبر/تشرين الثاني وهي آخر بيانات منشورة.

وكانت النتيجة تراجع أرصدة القروض بالعملات الأجنبية بالبنوك من 1.21 مليار دولار في ديسمبر/كانون الأول 2016، إلى 5.17 مليار دولار في نوفمبر/تشرين الثاني الماضى، رغم أنه حتى في حالة عدم منح قروض جديدة بالعملات الأجنبية فإنه من المفترض زيادة أرصدتها بسبب احتساب الفوائد عليها.

وربما يقول البعض: ولكن الأجانب عادوا للشراء بقوة لأدوات الدين المصرى فى يناير/كانون الثاني، حسبما قالت وسائل الإعلام الرسمية، ويرد على هؤلاء تصريح نائب وزير المالية في مؤتمر صحفى بالوزارة، بأن مشتريات الأجانب من أدوات الدين المصري، أي أذون وسندات الخزانة، بلغت خلال شهر يناير/كانون الثاني الماضي 900 مليون دولار.

  تكرار الخفض الإداري ثم الارتفاع

 وهو شراء متسارع يرتبط بالفترة السابقة على تعديل إحتساب الضريبة على أذون الخزانة والتى ستزيد الأعباء على المشترين لها، وهو التعديل الذي وافق عليه البرلمان مؤخرا وينتظر إقراره بقرار جمهوري ما سيؤثر على الطلب على الأذون، بينما بلغت مبيعات الأجانب من أذون الخزانة – من دون السندات – خلال الفترة من أبريل/نيسان وحتى ديسمبر/كانون الأول من العام الماضى، 8.10 مليار دولار فى تسعة أشهر، بمتوسط شهرى  مليار و202 مليون دولار.

سادسا: سعر الصرف في مصر لم يتم تحريره في نوفمبر/تشرين الثاني 2016 كما يُقال، وإنما هو سعر صرف مُدار، يتحكم فيه البنك المركزي وقد سبق لمحافظ البنك المركزي خفض السعر من خلال تعليماته للبنوك أكثر من مرة، كان أبرزها في فبراير/شباط 2017، حين كان سعر الصرف ببداية الشهر 83.18 جنيه، لينخفض في اليوم الثاني من الشهر حتى بلغ 78.15 جنيه في العشرين من الشهر، لكنها عاد إلى الارتفاع مرة أخرى.

وإذا كان المحافظ قد وصل بالسعر فى فبراير/شباط 2017 لكسر حاجز الـ18 جنيها ثم حاجز الـ17 جنيها، ثم حاجز الـ16 جنيها فى 19 يوما، فما زلنا بعد أسبوعين من بدء الانخفاض العمدي من جانب محافظ المركزى أواخر يناير/كانون الثاني 2019، عند سعر 61.17 جنيه فى السابع من فبراير/شباط 2019 أى بعد أسبوعين من بدء الخفض.

 وهكذا فإنه انخفاض أقل سرعة مما سبق عام 2017، والذي ثبت إضراره وقتها بمشتريات الأجانب لأدوات الدين المصري، وأثر على الاعتمادات المستندية لعمليات الاستيراد، حيث تفضل البنوك الانتظار لحين تحسن السعر الذي تعرف أنه غير حقيقي، ما يؤكد عودة سعر صرف الدولار إلى ما كان عليه يوم 26 من يناير/كانون الثاني الماضي خلال الأسابيع المقبلة، ثم تجاوزه بعد ذلك.

المقال لا يعبر عن موقف أو راي الجزيرة مباشر وإنما يعبر عن رأي كاتبه