كيف وثق هشام جنينة في سامي عنان؟!

كيف يمكن الثقة في شخص الفريق عنان الذي امتلك تلك الوثائق وظل متستراً علي المجرم.

من رجل يشغل منصب مرموق على رأس أكبر جهاز رقابي في الدولة المصرية إلى رجل يتعرض بشكل متصاعد إليّ أزمات فقد في إحداها منصبه، وكاد أن يفقد في الأخرى حياته، وفقد حريته في آخرها.

المستشار هشام جنينة، الذي تحول في أشهر قليلة من أحد أركان الدولة، إلى أحد أشرس المعارضين للنظام العسكري، ومن شخص يرى في السيسي أملاً في المستقبل، إلى رجل يراه السيسي شراً مستطيراً يستوجب معه التنكيل به كأحد أعداء الدولة/النظام.

ضد الفاسدين

لم ننس، ولا يجب أن ننسى، فضحه للفساد وقت أن كان في منصبه المرموق، متحدثاً عن فاتورة تتعدى الـ٦٠٠ مليار جنيه (نحو 33 مليار دولار) تتحملها الدولة المصرية، ثم إشارته إلى أعتى أجهزة الدولة وأكثرها نفوذاً – وزارة الداخلية- فيمن أشارت إليهم أصابع الاتهام بالفساد، وهو موقف لا يمكن أن يُمحى من ذاكرتنا، كأحد القلائل الذين خرجوا صراحة في مناخ الرعب في ظل الدولة العسكرية ليتحدث عن أطراف في السلطة متهمين بالفساد، يفقد الرجل منصبه فوراً بدلاً من اتخاذ إجراءات ضد الفاسدين، هكذا تمضي الأمور في الديكتاتوريات دائماً. وبدلاً من أن يكون موقفه وساماً على صدره يكون سبباً في اتهامه بالكذب، هكذا بلا خجل، ثم سبباً في حملة إعلامية شرسة ضده لم تنته بعزله فقط، بل تمتد إلى اتهامه في ذمته والحكم عليه والبيات في قسم الشرطة مع اللصوص وتجار المخدرات.

ليبدأ فاصل جديد في حياته بعد انخراطه في صفوف المعارضة حتى تأييد ترشح الفريق سامي عنان كمرشح منافس لعبد الفتاح السيسي.

محاولة اغتيال

وهنا يبدأ النظام في التعامل الإجرامي مع الرجل بالاعتداء عليه بواسطة أشخاص عُرف عنهم هذا النوع من الاعتداءات في محاولة سماها هو، محاولة اغتيال، كعقاب له على تحديه النظام في تطور له سوابقه وإن اختلف الأشخاص، وبشكل فيه من الإرهاب لغيره، أكثر مما فيه للرجل نفسه، فالرسالة واضحة نحن لن نتورع عن شيء ما دامت الظروف متاحة، كل شيء هنا في إطار تصعيدي، تتحدث عن أصحاب النفوذ، تفقد منصبا، تتحدى السلطة تواجه عنفا بدنيا وتهديدا بالسجن.

ثم وفجأة يخرج المستشار جنينة علي الجميع ليتحدث عن وثائق يمتلكها الفريق سامي عنان تفضح أناساً داخل السلطة، وتتحدث عن المسكوت عنه، لحوادث مفصلية وتاريخية، مهدداً السلطة كسابقه جديدة بخروج تلك الوثائق إذا ما مس الفريق عنان ما يهدد سلامة حياته.

سقطة حادة

وهنا أرى أن ذلك الحديث سقطة حادة جداً سياسياً لا أدري هل كان يدركها المستشار جنينة أم لا؟، والسقطة السياسية التي كلفت المستشار جنينه حريته- أعتقد لفترة طويلة – تستحق معها التساؤلات المشروعة: هل تطوع جنينه فنسب إلى قائد أركان الجيش السابق امتلاكه لوثائق يحتفظ بها عند حاجته، استطاع الاستحواذ عليها أثناء وجوده في منصبه الرفيع، انتظاراً للحظة قد يستخدمها لحماية نفسه؟، وأنا هنا لا أرى إلا أن امتلاك شخص ما لوثائق يكشف بها جناة -كما أشار جنينة- ولم يخرجها للنور خطيئة ما بعدها خطيئة، ولا أدري كيف لم ير المستشار جنينه هذا منذ البداية؟، ثم كيف يمكن الثقة في شخص الفريق عنان الذي امتلك تلك الوثائق وظل متستراً علي المجرم؟، وهل صدق المستشار جنينة أن رجلاً كان الرجل الثاني في الدولة وقت حدوث تلك الجرائم، ولم يتحرك لإيقافها، أو يكشف لأجل الوطن ولأصحاب الدم، وقبلهم لأجل الله عن المجرم الذي يعرفه.

 ولذلك لم أر في تنصل الفريق عنان من تصريحات المستشار المسكين هشام جنينة أي مفاجأة، وللأسف الشديد سيدفع المستشار جنينة ثمناً باهظاً من سنوات عمره لقاء تلك الثقة التي أعطاها لمن لا يستحق (الفريق سامي عنان) الذي سيخرج اليوم أو غداً أو في زمن قريب بعد تحقيق مواءمة مع السلطة. 

المقال لا يعبر عن موقف أو راي الجزيرة مباشر وإنما يعبر عن رأي كاتبه