عندما دافع حلمي النمنم عن القرضاوي والإخوان!

سيصدم القارئ حين يجد أن النمنم في ذلك الزمن لم يكن فقط محتفيا بفكر وعلم القرضاوي، بل وبرموز كبيرة في الإخوان، من أمثال: د. عصام العريان، والمستشار مأمون الهضيبي مرشد الإخوان.

 

يعتمد حلمي النمنم وزير الثقافة الأسبق في نفيه أية علاقة حسنة بالعلامة القرضاوي أو الإخوان، على ضعف ذاكرة القراء، وضعف ذاكرة المشاهدين، وقد ذكرت في مقالي السابق عندما رددت عليه، حين ادعى أنه لم يكن مرحبا بلقاء القرضاوي في مجلة المصور في دار الهلال، وذكرت حقائق اللقاء، وأنه خرج منه منبهرا بالقرضاوي، وأعطاني عدة أسئلة كي يجيب عنها الشيخ، ولما سألته عن الموضوع قال: ليس حوارا، بل تحقيقا أو موضوعا سأكتبه، وأريد أن أستشهد برأي فضيلة الشيخ، هكذا قال لي النمنم!

وقد ذكرت مجمل القصة في مقالي السابق، وعندما عدت لأرشيفي الخاص، وجدت بالفعل الموضوع واستشهاد النمنم بالشيخ في أكثر من موضع، مسبغا عليه أوصاف التقدير والتبجيل، وليس كما يدعي الآن في حواراته التلفزيونية أنه كان رافضا للقائه، وأنه ضد أفكاره، وضد مواقفه.

سيصدم القارئ حين يجد أن النمنم في ذلك الزمن لم يكن فقط محتفيا بفكر وعلم القرضاوي، بل وبرموز كبيرة في الإخوان، من أمثال: د. عصام العريان، والمستشار مأمون الهضيبي مرشد الإخوان، فما قصة هذا الاحتفاء من النمنم، والدفاع عن القرضاوي ورموز الإخوان آنذاك؟

إشادة النمنم بالقرضاوي ورموز الإخوان

أما الموضوع، فكان بعد حوار القرضاوي مع مجلة المصور،والذي نشر بعد أحداث سبتمبر 2001م مباشرة، وقد كان الحوار قبل أحداث سبتمبر، لكنه نشر بعدها بأيام، بعدها أرسل النمنم أسئلة عن الغرب وهل يطلق عليه وصف الكفر، وهل نناديهم بالكفار أم لا؟

أجاب القرضاوي عن أسئلة النمنم المرسلة، ولكن كتابة، وليس حوارا، وكتب النمنم موضوعا في مجلة المصور، بعنوان: قضية قديمة جددتها أحداث سبتمبر، هل لا تزال بلاد الغرب “ديار كفر وعناد”؟ تحقيق يكتبه: حلمي النمنم. في عدد 24 من نوفمبر/تشرين الثاني سنة 2001م من مجلة (المصور).

وراح النمنم يستشهد أولا برأي القرضاوي، في تقسيم أنواع الكفر، وأن الغرب لا يطلق عليه لفظ الكفر بمعنى الإلحاد أو الوثنية، بل بوصفه كافرا بمحمد صلى الله عليه وسلم، وأنه لا يفضل أن نناديهم بالكفار، بل بغير المسلمين، وراح النمنم يطيل الاستشهاد بإجابات الشيخ المكتوبة، بل ويبرزها في العناوين الجانبية للتحقيق، فكان من العناوين البارزة التي وضعها بجانب صورة القرضاوي: الشيخ يوسف القرضاوي: خطف الطائرات وترويع الآمنين حرام حتى لو كان من أجل قضية عادلة. لم يناد القرآن أحدا من مخالفيه بالكفار وخاطب مشركي مكة بـ (يا أيها الناس).

ثم أبرز النمنم كلاما للهضيبي والذي كان وقتها نائب مرشد الإخوان الأول، يقول فيه: نعم أهل الغرب كفار، ولكن ليس من اللائق أن نصارحهم بذلك. وأبرز كلاما لعصام العريان يقول فيه: الأصل في علاقة المسلم بغير المسلم حسن الخلق، والمثال الطيب.

دفاع عن القرضاوي والإخوان ضد مايكل منير

ربما تعلل (نمنم) بأنه كان يعمل عملا صحفيا، فسأل أسئلة وتلقى إجابات، وقام بعمل تحقيق لنشر الإجابات، لكن ينفي قوله الآن، طريقة عمل التحقيق، وتقديره لأصحاب هذه الآراء، وكان يمكن أن يقف الأمر عند هذا الحد، لكن تأتي الرياح بما لا يشتهي السفن (نمنم)، فقد قام مايكل منير وهو من أقباط المهجر، بكتابة مقال على موقع (الاتحاد القبطي الدولي) تحت عنوان: (كبار رجال الدين في مصر يصرحون بأن المسيحيين واليهود كفار) شن فيه هجوما حادا على تحقيق مجلة (المصور) والذي قام بكتابته النمنم.

وكتب النمنم يهاجم مايكل منير، ويرد عليه، ويدافع عن التحقيق، بأن مقال مايكل منير نموذج صارخ للتحرش الطائفي، أو رمي الجتت بالمعنى المصري الدارج، فقد امتلأ بالكذب والتدليس وسوء الفهم، وسوء النية.

وأن التحقيق يتحدث عن الغرب، وليس عن أقباط مصر، وأن التحقيق بعنوان استفهامي لا تقريري، ثم انبرى النمنم يدافع في فقرتين كاملتين عن القرضاوي والهضيبي والعريان فقال: (ولا يقف سوء الفهم (أي مقال مايكل) عند هذا الحد، لقد زعم كاتب المقال على الإنترنت أن مصادر التحقيق هم كبار رجال الدين في مصر، رغم أن من بين كل المصادر يعد – فقط – الشيخ القرضاوي من علماء الدين، وبقية المصادر إما شخصيات لها علاقة بالعمل العام أو أكاديميون، فالدكتور محمد نور فرحات ليس عالم دين بل هو أستاذ القانون المدني والمحامي المعروف، وعصام العريان هو طبيب متخرج في كلية طب قصر العيني، ود. حسن حبش هو أستاذ تاريخ العصور الوسطى المسيحية والإسلامية، والمستشار مأمون الهضيبي رجل قانون!).

ثم دافع النمنم عن القرضاوي تحديدا، وعن موقفه، فقال: (وكذب ودلس كاتب المقال حين ادعى أن الشيخ القرضاوي وصف المسيحيين واليهود بأنهم كفار، لقد قال القرضاوي بالحرف – صفحة 53 العمود الأول: (أنا شخصيا لا أستعمل في كتاباتي ومحاضراتي كلمة (الكفار) بل أوثر دائما أن أستخدم بدلا منها عبارة (غير المسلمين).

عبارات النمنم:

ودافع النمنم عن القرضاوي والإخوان في موقفهم من الآخر، وأن العلاقة مع الآخر غير المسلم هي السلم والمودة. ثم دعا مايكل منير للذهاب إلى مصحة نفسية، فهو المكان اللائق به).

لقد جئت بعبارات النمنم، التي نشرت في مجلة (المصور) باسم (المحرر)، والتي حاول بعد انقلاب الثالث من يوليو/تموز 2013م أن يتنصل منها، وأن يدعي أن مواقفه مغايرة تماما، وهو كذب منه وتدليس، معتمدا على أن ذاكرة الناس أقرب للنسيان منها للتذكر، ونسي أن ذاكرة المشايخ صعبة وليست قوية فقط، ونسي النمنم أنه أهداني نسخا من مجلة المصور، وفيها كلام القرضاوي، وفيها دفاعه عنه في عدد تال له، ليخبرني بأنه كاتب الرد كذلك، وإن نشر باسم (المحرر)، ويبدو أن طريقة تفكير النمنم كاشفة عن مواقف وزراء السيسي وسلوكهم، فهم وزراء على نفس خلق السيسي، وهو التنكر للماضي، والتنكر لأصحاب الجميل، تجد ذلك الخلق في معظمهم، سواء في الثقافة أو الأوقاف، بحكم معاملتنا لهما، وقد ترك النمنم الوزارة، وبقي أرشيفه، ليفضح تدليسه وكذبه على القرضاوي وغيره.

المقال لا يعبر عن موقف أو راي الجزيرة مباشر وإنما يعبر عن رأي كاتبه