عصام تليمة يكتب: عصام سلطان الفارس النبيل كما عرفته

عرفت الفارس النبيل، والصوت الذي طالما جهر بالحق في وجه الفاسدين، الأخ الحبيب العزيز عصام سلطان، عرفته من خلال علاقتي بشيخي وشيخه العلامة الدكتور يوسف القرضاوي. يتبع

عصام تليمة*
عرفت الفارس النبيل، والصوت الذي طالما جهر بالحق في وجه الفاسدين، الأخ الحبيب العزيز عصام سلطان، عرفته من خلال علاقتي بشيخي وشيخه العلامة الدكتور يوسف القرضاوي، فما زادتني الأيام إلا ثقة في رأيي فيه، وحبي له، هذا الأسد في محبسه في سجون الطغاة والفاسدين.

عرفته في محافل الحق، والفكر والنضال السياسي، في ملتقيات فكرية وسياسية، كان فيها عصام سلطان صاحب رأي وحجة، تتفق أو تختلف معه؛ لكن تكبر فيه احترامه لفكرته، وتعبيره عنها بوضوح وقوة، عن مبدأ راسخ بها، ثم كانت ثورة يناير، وقد كان من أوائل قادتها المبرزين في ميدان التحرير.

أذكر أول أيامها، وكان يعاني من آلام في ظهره، فيجلس ساندا ظهره، شاكيا من الألم، ولا يمنعه ذلك في شتاء القاهرة الشديد من المشاركة والاستمرار، ويقول للدكتور البلتاجي فك الله أسرهما: يا دكتور بلتاجي نحن هنا علينا الميدان، فكلف الإخوان بالأحياء، مخافة أن يقتحمها البلطجية، وأن يحمي الإخوان ـ مع مشاركتهم في الميدان ـ المنشآت العامة في الأحياء وغيرها.

ولما جاء برلمان الثورة، وكان عصام سلطان مرشحا ضد أحد أفراد جماعة الإخوان، ونال كرسي البرلمان، وقتها كتب حمدي رزق مقالا يبشر فيه بنائب سوف يكون شوكة في حلق الإخوان، وخنجرا في ظهرهم، قاصدا بذلك عصام سلطان، ولما جاء وقت اختيار رئيس لمجلس شعب الثورة، كاد الأمر أن يمر بالتزكية للدكتور سعد الكتاتني؛ لكنه أبى أن يكون الأمر بهذا الشكل، فقام بترشيح نفسه ضد الكتاتني، مع علمه يقينا أنه سيخسر المقعد؛ لكنه أراد أن يسجل موقفا مشرفا بأن ينتهي زمن التزكية، وزمن المرشح الواحد، وكانت هذه دلالة على نضجه السياسي، وعلى إيمانه بالمبادئ.

ثم لقيته بعدها في منزل الشيخ القرضاوي بالقاهرة، مع الأخ الحبيب الكبير المهندس أبو العلا ماضي، وتكلمت مع الأستاذ عصام وحدنا، وقلت له: أرأيت ما كتبه حمدي رزق، قال: نعم قرأته، وقد رددت عليه، وفعلا رد عليه أنه لن يكون شوكة إلا في حلوق الظلمة فقط، ثم قال لي بوضوح عن خطته: يا عصام هذه تجربة يجب أن نقف وراءها بكل قوة، وندعمها، فنجاحها نجاح للثورة ولنا جميعا، وفشلها فشل لنا جميعا، وعودة لحكم العسكر.

ثم جاءت انتخابات الرئاسة، وكان حزب الوسط الذي هو نائب رئيسه، قد اختار تأييد أستاذنا الدكتور محمد سليم العوا، وهو أب كبير لهم، وظل فترة ما قبل الثورة يشير عليهم بما يرشد مسارهم الفكري والسياسي والقانوني، وله في قلوبهم وقلوب الكثيرين مكانة؛ لكن موقفه بعد الثورة مباشرة، كان موقفا غامضا بالنسبة لنا من حيث موقفه من المجلس العسكري، فدائما ما نراه في موقف الدفاع عنه، هل مارس المجلس العسكري خداعه له كما مارسه على الجميع، هذا أغلب الظن؛ لكن حزب الوسط قرر بعد استشارة قواعده وأفراده أن يدعم صديقنا الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح، لوضوح مواقفه آنذاك، ووقفوا معه بكل قوة، وكان على رأس هؤلاء فارسنا النبيل عصام سلطان.

وكانت الإعادة بين أحمد شفيق والرئيس محمد مرسي، فكان انحياز عصام سلطان وحزب الوسط لمرشح الثورة، سواء في الانتخابات، أو في فترة الرئاسة، كان واضحا في مواقفه، الذي يعلي فيها المبدأ على المغنم السياسي، فكما غير دعمه من أستاذه الذي يجله الدكتور العوا للدكتور أبو الفتوح، لم يقر أبا الفتوح على دعوته لانتخابات رئاسية مبكرة، ولم يعجبه مواقف أبي الفتوح في فترة الدكتور مرسي، فضلا عن حضوره بعد الثالث من يوليو/تموز مع الانقلاب، ومواقف أخرى ليس مقام الحديث بتفصيل عنها الآن.

ظل ولا يزال صديقي العزيز عصام سلطان كما عرفته، صامدا شامخا، لا تلين له قناة، رغم دوران الزمن، وانقلاب العسكر، ليدخل السجن الشريف، بينما الفاسد هو من يحاكمه!
فك الله أسرك وأسر جميع المعتقلين في سجون الانقلاب.
__________________________

*من علماء الأزهر

المقال لا يعبر عن موقف أو راي الجزيرة مباشر وإنما يعبر عن رأي كاتبه