عراق ما بعد اكتمال النصاب

يطمح العراقي يوما أن يدخل نادي التعارف مع رفاق من عالمه العربي وغيره ممن جمعتهم المنافي والهجرات من دون سائل يسأله (سني أنت أم شيعي؟ عربي أم كردي ؟ مسلم أم مسيحي؟).

“أن يرجع اللحن عراقياً”.

بمنح الثقة لحكومة عبد المهدي وتشكيل مجلس الوزراء المنقوص بانتظار اكتماله مع قرب نهاية عام 2018 . يكون قد اكتمل الاستحقاق الثالث بعد البرلمان والرئاسة . ومع مثلث النظام السياسي العراقي المتبع بعيداً عن توصيف طريقة إنجازه والقواعد التي بنيت عليها العملية السياسية منذ عام 2003، أي ما بعد احتلال العراق أمريكيا، يمكن القول بأن هذه هي مخرجات الحالة العراقية اليوم ضمن مسار خمسة عشر عاما اختلط فيه الدم بالدم والألم بالألم ولم يعد الحديث عما مضى مجديا إلا على سبيل قول القائل (وكفى عظة لأولى الألباب ما جربوا).

ليس العراق وحده من تَرسمُ لوحة وجوده أطياف الاختلاف والتنوع الديني والمذهبي والعرقي . وليس العراق وحده من يذكر إذا ما ذكر النفط . وليس وحده من يذكر إذا ما ذكر النهر والجبل والسهل . وليس وحده من يذكر إذا ما ذكرت الحضارات والزعامات التاريخية . ولكن حتما فانه يذكر إذا ما ذكرت جميعها . ومثله في أوطان أخرى من عالم يتكامل مع بعضه.

العراق أمام الخارج واجبات واستحقاقات.

على مستوى الأفراد الذين يشكلون نسبة كبيرة خارج بلدهم. يطمح العراقي يوما أن يدخل نادي التعارف مع رفاق من عالمه العربي وغيره ممن جمعتهم المنافي والهجرات من دون سائل يسأله  (سني أنت أم شيعي؟ عربي أم كردي؟ مسلم أم مسيحي؟). هي مشكلة داخلية أيضا لكن مذاق طعمها في الخارج له مرارة مختلفة حينما يوضع العراق بهذه الدائرة الضيقة.

هذا الأمر يشكل هاجسا وسؤالا من (عراقي الخارج) كما درج الوصف الى حكومة عبد المهدي.. هل من ضمن برنامج حكومتكم الإبقاء على مبدأ تقاسم وبيع السفارات والقنصليات طائفيا وفق ميزان الكتل الطائفية  وامبراطوريات المال الشكوك فيه كما جرى العرف السياسي والدبلوماسي للعراق ما بعد 2003 ؟ المواطن العراقي في الخارج يتساءل! والإجابة في قادم الأيام .

السؤال الآخر لحكومة بغداد: هل سيكون في عين الاعتبار التمثيل المتوازن في مؤتمراتكم العربية والعالمية بين مكونات الشعب العراقي بما يتناسب مع ما يفرضه واقع وصف العراق عربيا ودوليا وما يستوجبه حسن النية؟ أم ستعتبرون الأمر مغنما ومساحات للتجوال والنزهة والسياحة الخارجية على حساب القضايا الخارجية التي مثلت الملف الأكثر أهمية في نقل قضية العراق عالميا وقد أخفق من قبلكم فيها . والنتائج المخيبة السابقة لا تحتاج إلى دليل إذا ما كان السؤال: أين تضعون أنفسكم ضمن إطار التوازنات الإقليمية والدولية؟ ومتي يعود توصيف العراق عراقا وليس ورقة بيد العالم يلعبها متى يشاء ويضعها أينما يريد؟

سأختزل شيئا من أمنيات ( مظفر النواب ) على بوابة السنة الجديدة ونسقطها على بوابة الحكومة الجديدة بتصرف وانتقال بين آلام قائلها وآلام العراق . فأي قلق وحزن يجسده مشهده “حينما ترتفع القامات لحناً أممياً ثم لا يأتي العراق كان قلبي يضطرب.. كنت أبكي”؟

ليت حكومة بغداد تصل بوعيها إلى وعي مواطنيها أمام تساؤل وحسرة وألم الغياب في زحام الحاضرين هكذا تبدو المحنة ومثلها يراها الآخرون، ولكن الفرق يكمن بين تعبير وتعبير، واستفهام واستفهام بقدر محاكاة الحالة.

رسائل

هي مجموعة رسائل واجب أن يتضمنها ملف العراق خارجيا . فالجهل بمعادلة الخارج يسقط كل بناء محتمل في الداخل في عالم لا يعرف الحدود بشكلها النمطي القديم . ومن الخارج أيضا تتضح الرؤية  لما تخطط له أجندات عالم الكبار . فحين يتفق الجميع على أن شكل الحكومة العراقية وشكل النظم الداخلية للدول تُرسم آفاقه ومآلاته ضمن معادلة لا تقبل الفصل بين الخارج والداخل، ذلك ما يمنع العذر بضيق الأفق ومحدودية القراءة المستقبلية. فالمنطقة الخضراء وسط العاصمة وحدها لا تمثل القرار في عالم الحروب المتداخلة متعددة الأطراف . فربماهي ليست أكثر من قرار دولي أنشئت بموجبه في عالم يختلط فيه العدو بالصديق. ولم يعد ما يبرر جملة الخسائر أكثر مما قد مضى وقد تشرب العراقيون أحزانها وأوجاعها بانتظار تحقق البعض من أمنيات قائلهم بأن  “يسقط القمع بداء القلب والمنفى يعودون إلى أوطانهم وأن يرجع اللحن عراقياً وإن كان حزين”.

المقال لا يعبر عن موقف أو راي الجزيرة مباشر وإنما يعبر عن رأي كاتبه