ضحكات شيطانية على أنات المصريين في القاعة الإدارية

حالة عماد الكوتش مثال صارخ على مدى القمع الذي يمارسه النظام؛ فقد جاء الكوتش وهو عضو في حزب تيار الكرامة في إجازة سنوية من عمله بإحدى دول الخليج ليفاجأ بالقبض عليه.

 

هذه الضحكات الهستيرية التي يطلقها الجنرال الحاكم في مصر عبد الفتاح السيسي كلما أتيحت له الفرصة خاصة في الزفة التي يقيمها كل عام فيما يسميه مؤتمرا للشباب..

هذا الشباب الذي يتم اختياره بعناية شديدة وبشروط يضعها الأمن على كل من يشارك فيه؛ فشباب مصر الحقيقي تمتلئ به سجون الطاغية الذي يحكم مصر وهم إما مسجون أو معتقل أو معذب، بين أقسام الشرطة في رحلة بحث عن عنوان معروف كما حدث مع آخر دفعة من المفرج عنهم في قضية الغناء باحتفالية ثورة يناير، أو شباب يعمل طوال الليل والنهار بحثا عن لقمة عيش تكفيه.

هذه المؤتمرات التي لا ترى فيها أي علاقة بين شعب مصر وشبابها، وبين هؤلاء الذين أتوا للتصفيق، ويسألون أسئلة معلبة وتم تحفيظها لهم في مكاتب أمن الدولة ويقابلها الجنرال بضحكات وقهقهات هستيرية تحتاج إلى محلل نفسي لتفسيرها.. وليقول لنا على ماذا يضحك الجنرال الذي يحكمنا بالنار والحديد ولا تسمح أجهزته لأحد في مصر أن يتنفس أو يعبر عن رأيه حتى ولو بكتابه على فيس بوك؟!

وفى حالة عماد الكوتش مثال صارخ على مدى القمع الذي يمارسه النظام؛ فقد جاء الكوتش وهو عضو في حزب تيار الكرامة في إجازة سنوية من عمله بإحدى دول الخليج ليفاجأ بالقبض عليه بتهمة كتابه منشورات مناهضة للنظام على صفحته على فيس بوك..

 فعلامه يضحك السيسي وبمليء فيه وبهذه الدرجة من الانبهار والسعادة، وكأنه يضحك على أنات المصريين.

عتريس وضحكات الشياطين

تذكرني تلك الضحكات التي يطلقها الحاكم بأمره في ربوع مصر –المنكوبة- بحُكْمِه بضحكات أفراد العصابات في أفلام السينما المصرية القديمة؛ حينما يقع في أيديهم فريسة أو ضحية وتمتلئ الشاشات بلقطات مكبرة للوجوه والأفواه، وهي تقهقه في تشفٍ وفرح بتحقيق الانتصار على الفقراء والضحايا..

كما تذكرنا بضحكات عتريس الجد في رائعة المخرج حسين كمال (شيء من الخوف) بعد أن نجح في جعل حفيده عتريس يذبح الحمام ويطلق الرصاص ويحرق حقول القمح، لقد نجح في جعل الشر والكراهية تنتصر على الحب والخير في قلب الفتى الصغير؛ فهل يفرح السيسي في جعل المصريين يعانون من الفقر والجوع والألم والقهر؟!

وفقك الله لما يحبه ويرضاه

في لحظات غير متوقعة تظهر قهقهات السيسي وضحكاته، ولعلنا نذكر حينما قالت له إحدى المذيعات في حوار أثناء مؤتمر من تلك المؤتمرات الديكورية: وفقك الله لما يحبه ويرضاه؛ فما كان من الجنرال الحاكم إلا أن ضحك بشدة، وضرب كفا بكف وقال: حلوة لما يحبه ويرضاه دي! قهقهة شديدة كاد أن يقع بسببها من على كرسيه.

ربما أدرك في تلك اللحظة أن في نيته سوءاً كبيراً، فلم يستطع أن ينكر؛ ولكنه استدركها بضحكة هستيرية تخفى قلقا من نوايا سيئة قد تفضي به إلى مصير أشباهه من هؤلاء الذين يحكمون شعوبهم بالنار والحديد.

أنات المظلومين في السجون

بينما السيسي يضحك كالشيطان تزداد أنات المسجونين ظلما في سجونه.. هؤلاء الذين تم القبض عليهم وألقوا في السجون بمحاكمة طالتها شبهة الحُكم السياسي، ويقبعون في السجون منذ سنوات قاربت الست أو الخمس أو الأربع سنوات..

أو هؤلاء الذين اعتقلوا بلا تهمة ولا محاكمة، وطالت مدة حبسهم الاحتياطي إلى أكثر من ثلاث سنوات، أو هؤلاء الذين يختفون قسريا كل يوم من شباب ورجال حتى النساء والفتيات لم يفلتوا من قبضة الأمن الغاشمة التي يقودها نظام الحاكم بأمره في مصر، أو هؤلاء الذين تخلي المحكمة سبيلهم فيظلوا محبوسين في سجون السيسي، وأقسام شرطته في بحث عن قضية جديدة لهم تمد أجل حبسهم في السجون.

كل أنات المصريين في السجون أو في سيناء التي تُضرب بيوتهم كل يوم وتنهدم على رؤوسهم تجعل الجنرال يضحك بهذا الشكل في قاعات مدينته الإدارية!

أنات الفقراء واصلاحهم الاقتصادي

تتوالى ضحكات الجنرال في قاعاته الفاخرة ومؤتمره الفخم في مدينته الموعودة، وهو يعلن أن الشعب المصري ارتضى ما يسميه الإصلاح الاقتصادي في مصر، وأنه لولا هذا الرضا لكان أقدم على إجراء انتخابات رئاسية مبكرة، هنا علينا أن نطلق نحن قهقهات مثل التي يطلقها طوال مؤتمره المزعوم للشباب؛ فعلى ماذا اعتمد في تقريره بأن هذا الشعب الذي يسقط منه كل يوم أُناس من على خط الفقر إلى تحته يوافق على ما يسميه إصلاحا اقتصاديا بينما يعلن الجهاز المركزي ارتفاع نسبه المصريين تحت خط الفقر إلى 32٪ بزيادة 4٪ عن 2017.

وبينما يعلن البنك الدولي أن النسبة تخطت الـ 60٪ وفى هذا يرى رئيس حكومته أن هذا إنجاز ولا عجب أن يرى رئيس حكومة السيسي في سقوط4.7٪ من الشعب المصري تحت خط الفقر إنجازا؛ فقد جاؤوا من أجل أن يكون الشعب كله تحت خط الفقر، ولا عجب أيضا في أن ترى الحكومة أن 8777 جنيها سنويا حدا مناسب لخط الفقر، وبفارق كبير عما حددته الأمم المتحدة كحد أدنى ليبقى الإنسان فوق خط الفقر..

وحينما تتساءل في دهشة عن هذه الضحكات التي يطلقها السيسي ربما يكون سؤالك هذا سبيل لدخولك السجن متهما بالاشتراك مع جماعه محظورة في نشر أفكارها تلك التهم التي أصبحت في الشهور الأخيرة توجه لأصحاب التوجهات الشيوعية واليساريين، وهم أبعد ما يكون عن توجهات جماعة الإخوان المسلمين التي يتهمونهم بنشر أفكارها، ولكنها تهم نظام أصبح لا يطيق مجرد مناقشة قراراته أو كلماته لو تصريحاته التي لا تخلو من كذب متعمد في محاولة لتغييب عقول ووعى المصريين، وفى عمليات مستمرة لغسيل مخ البسطاء من الناس.

“انتظروني2020” في محاولة جديده لخداع المصريين الذين عانوا اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا كثيرا خلال خمس سنوات عجاف من حكم السيسي، يعود ليطلب من المصريين الانتظار حتى 2020 ليروا وضعا أفضل الأحوال، ولعلنا نذكر له كلمات مثل: انتظروني ست شهور.. أو سنتين “وها تشوفوا مصر”، والآن يطلب من الشعب المصري أن ينتظر حتى العام القادم بعد خمس سنوات من الحكم الأسود عليهم.

وفى نفس اللحظة يعلن أنه ليس لديه وقت لافتتاح مشروعات تسعد المصريين.. نعم إنها عمليات تغييب وخداع ينفذها بكل براعة وبنحنحة كبيرة، ولا تتساءل عما يشغل الجنرال عن افتتاح مشاريعه التي تسعد المصريين، وفى نفس اللحظة كانت الأهرام الجريدة الرسمية تعلن عن افتتاح مشروعات بالآلاف يوفر كل مشروع فيها أربع فرص عمل كاملة، أي مصنع أو مشروع هذا الذي يوفر أربع فرص عمل فقط، ورغم هذا يجد النظام الحاكم بين المصريين من يصدقه، وحين تجد أنت هذا فلا تندهش حينما تجلجل في قاعات الإدارية الفاخرة ضحكات وقهقهات الشيطان على أنات المصريين.

 

 

المقال لا يعبر عن موقف أو راي الجزيرة مباشر وإنما يعبر عن رأي كاتبه