شيخ الخيمة

علي وشك زيارة مصر ومقابله السادات الذي يُعول عليه الغرب كثيراً في حل أزمه وقوف مصر حجر عثرة لاستقرار الدولة اليهودية بحث هنري كسينجر أهم وأقوي وزراء خارجية الولايات المتحدة علي الإطلاق مع مستشاريه عن الطريقة المثلي للتعامل مع زعماء الشرق الأوسط

زعيم القبيلة

 من بين مئات الصفحات المكتوبة يجد ضالته في ورقتين(عدداً)كتبهم شاب بدرجه موظف صغير في الخارجية الأمريكية ضمن طاقم مستشاريه تحت عنوان “الشيخ والخيمة”…واختصاراً كتب الشاب الذي أصبح لاحقاً احد أهم أركان إدارة بوش الابن “المجرم” تحت لقب “أمير الظلام” ما يلي: “ستدخل خيمه زعيم القبيلة وتجد أعراباً في كل الأركان يرتدون ثياباً زاهيه يتحدثون جميعاً في آن واحد وبصوت عالٍ ويتوددون إليّ ذلك الأجنبي القادم زائراً يعرضون عليه بضائع يملكونها منتظرين منه أن يشتري بأعلى سعر، لا تعيرهم بالا أدخل مباشرة إليّ ذلك الجالس في صدر الخيمة، هو وحده من يملك القرار، هو وحده من يملك إسكات الباقيين وهو وحده صاحب الكلمة الأخيرة، وهو ليس بحاجه إليّ استشارة أحد من وجهاء قومه، ولا يجرؤ أحد مهما علا شأنه أن يراجعه، تحدث معه مباشرة، لا تنسى أن تنعته بالصديق العزيز مهما كنت تحتقره في نفسك، ولا تنسى أن تمدح حكمته وعبقريته وبُعْد نظره، هؤلاء القوم ضعفاء أمام الإطراء وكلمات المديح، تستهويهم تلك الكلمات خصوصاً من أصحاب العيون الملونة، بعدها أدخل مباشره في عرضك بعد أن يعرف تماماً شيخ الخيمة وزعيمها أنها كلمات تأتي من صديقه الحميم الباحث عن مصلحته، سيحلف لك العجوز أنه يبيع لك بضاعته بثمنها دون ان ينتظر منك مكسبا كعربون لصفقات قادمة، استمر في ضغطك ولا تعيره بالاً،. سيعلو صوته ويغلظ من إيمانه في كل مره يقدم فيها تنازلاً، هو يكذب وهو علي استعداد لمزيد من التنازلات”

.تلك كانت النصيحة باختصار، هؤلاء القوم يعلمون تماماً كيف يتعاملون مع من نصبوا أنفسهم زعماء للعرب، كسينجر لم يأخذ فقط من السادات(شيخ الخيمة وزعيمها)ما أراد، بدون مبالغة بعد كلمات إطراء قليله رددها علي مسامع الرئيس المؤمن المختال اللاهث علي صداقة الغرب، كسينجر حصل من السادات بدون مبالغة علي أكثر مما عرض الإسرائيليون أنفسهم علي كسينجر(برجاء مراجعه مذكرات كسينجر عن مفاوضاته مع السادات).

بهلوان سياسي

ليس سراً أن وصف السادات بأنه بهلوان سياسي(تحقيراً)خرج من كسينجر، ولكن لا يهم طالما خرجت كلمات الإطراء علي مسامع الزعيم الذي فرط بالسياسة فيما تحقق بالقتال، وليس سراً بكاء المقاتل الفذ عبد الغني الجمسي حين تم إجباره علي ما يراه تنازلاً فادحاً في مفاوضات الكيلو ١٠١،….تلك أزمتنا وتلك مصيبتنا أن يحكمنا عجوز الخيمة الذي لا يرد كلامه، ولا يملك أحدنا مراجعة ما يراه صائباً، تراث فرعوني من عهد هذا الذي قال لأسلافنا يوماً ” مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أرى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَاد” ولم نخرج حتي يومنا هذا من لعنة هؤلاء الفراعنة الموهومين بحكمتهم  وإن انحدرنا من حاكم بدرجه فرعون إليّ حاكم بدرجه زعيم مفدي إليّ حاكم بدرجه طبيب فلاسفة،…

كلهم ظنوا وهماً أنهم يحسنون صنعاً بينما هم وبكل بساطه من الأخسرين أعمالا

 يحتاج هؤلاء دائماً من ضمن ما يحتاجون من معدات ضروية أناساً يرغبون دائماً في إراحة عقولهم من هَم محاسبة الحاكم منتهي أملهم أن يمنحهم ذلك الحاكم بعطفه وإحسانه مرتباً يكفيهم طعاماً وملبساً، وليعصف بالحريات كما يشاء وليذهب أولئك المزعجون المعارضون الي الجحيم أو إليّ غياهب سجونه، وباقي المعدات المطلوبة إعلاماً يلوي عنق الحقيقة يعمل به من لا يتورع علي النظر إليّ نفسه في المرآه ليري مسخاً مؤخرته مكان رأسه ثم يمضي إليّ غايته غير مكترثاً لما رآه،….

تخلص العالم من ذلك الذي يريهم ما يري فتقدموا، أهتم العالم بقدرتهم علي محاسبة حكامهم ففلحوا،…قبل أن يحدث ذلك التغيير في العلاقة بين الحاكم والمحكوم وبين ذلك الذي يستخفنا فنطيعه سيبقي دائماً صاحب العيون الزرقاء يتعامل بنظرية الشيخ والخيمة المحببة إليّ قلبه، وستظل أرضنا وأعراضنا ودماؤنا مستباحه وستجد ثرواتنا دائماً طريقها إليّ خزائنهم …فلا نلومن الا أنفسنا

المقال لا يعبر عن موقف أو راي الجزيرة مباشر وإنما يعبر عن رأي كاتبه