زيادة سلطات الفرعون بالدستور

               

تضمنت مواد دستور 2014 بمصر أكثر من 34 مهمة لرئيس الجمهورية، إلا أن الطبيعة الفرعونية لحكام مصر لم تقنع بتلك السلطات الواسعة، فسعت لإضافة مهام أخرى تكفل له الهيمنة على اختيار رؤساء الجهات والهيئات القضائية، ورئيس المحكمة الدستورية العليا علاوة على نائب لرئيس الجمهورية.

وباستعراض بعض مواد دستور 2014 نجد من مهام رئيس الجمهورية: أنه يرأس السلطة التنفيذية، ويكلف رئيسا لمجلس الوزراء، وله إعفاء الحكومة من أداء عملها، كما إن له حق إجراء تعديل وزاري، وله دعوة الحكومة لاجتماع للتشاور في الأمور المهمة حيث يتولى رئاسة الاجتماع الذي يحضره.

ويعين الموظفين المدنيين والعسكريين والممثلين السياسيين ويعفيهم من مناصبهم، ويعتمد الممثلين السياسيين للدول والهيئات الأجنبية.

ويعين رؤساء الأجهزة الرقابية ومنها البنك المركزي وجهاز المحاسبات وهيئة الرقابة المالية وهيئة الرقابة الإدارية،

وهو الذي يمثل الدولة في علاقاتها الخارجية ويبرم المعاهدات ويصدق عليها.

كما أنه هو القائد الأعلى للقوات المسلحة، وهو الذي يعلن الحرب ويرسل قوات مسلحة في مهمة قتالية خارج حدود الدولة، وهو رئيس مجلس الدفاع الوطني، كما أنه هو رئيس مجلس الأمن القومي.

وهو الذي يضع السياسة العامة للدولة، ويلقى بيانا حول السياسة العامة للدولة أمام مجلس النواب، وهو الذي يدعو مجلس النواب للانعقاد الدوري السنوي، كما أنه هو الذي يفض دور الانعقاد، وله دعوة مجلس النواب لاجتماع طارئ، ويجور له حل مجلس النواب واصدار قرار بوقف جلسات المجلس.

إضافة اختيار رؤساء الهيئات القضائية

وله حق اقتراح القوانين، كما أن له حق إصدار القوانين أو الاعتراض عليها، وله الحق في إصدار قرارات بقوانين في حالة كون مجلس النواب غير قائم.

وله حق إعلان حالة الطوارئ، كما أن له حق العفو عن العقوبة أو تخفيفها، وله حق دعوة الناخبين للاستفتاء في المسائل التي تتصل بمصالح البلاد العليا، وله حق طلب تعديل مادة أو أكثر من الدستور.

ورغم كل تلك المهام وغيرها فإن الحاكم في مصر أبى أن يظل اختيار رؤساء الهيئات القضائية

بعيدا عن سلطانه بحكم مواد دستور 2014، فقد سعى لإجراء تعديلات على تلك المواد ليصبح اختيار رؤساءها من سلطته.

كما استحدث مجلس أعلى للجهات والهيئات القضائية برئاسته، يختص بالنظر في شروط تعيين أعضاء الجهات الهيئات القضائية وترقيتهم وتأديبهم.

وبعد أن كان اختيار رئيس المحكمة الدستورية العليا ونوابه ورئيس هيئة المفوضين من سلطة الجمعية العامة للمحكمة بحكم المادة 193 من دستور 2014، فقد قام بتعديلها ليصبح الاختيار لرئيس المحكمة الدستورية ونوابه له، من بين من يتم ترشيحهم لتلك المناصب.

ويعد أن كان اختيار النائب العام يتم من قبل مجلس القضاء الأعلى، بحكم المادة 189 من دستور 2014، جاءت التعديلات الجديدة لتجعل التعيين من قبل رئيس الجمهورية من بين ثلاثة يرشحهم مجلس القضاء الأعلى.

كما أضاف لاختصاصاته اختيار نائب له أو أكثر، رغم أن انتخابات الأندية الرياضية في مصر، يتم فيها الترشح لمناصب رئيس النادي ونائب الرئيس وأمين الصندوق كلا على حدة.

الأمر الخطير

ولم يقتصر الأمر على توسيع الاختصاصات والمهام بتلك التعديلات الدستورية التي أضافت لسلطاته له اختيار ثلث أعضاء مجلس الشيوخ المستحدث بالتعيين. بل تضمنت التعديلات بالدستور أمر أكثر خطورة وهو زيادة الفترة الرئاسية الى ست سنوات بدلا من أربعة.

 رغم النص الصريح بالمادة 226 من دستور 2014 التي نصت على أنه “لا يجور تعديل النصوص المتعلقة بإعادة انتخاب رئيس الجمهورية أو بمبادئ الحرية أو المساواة ما لم يكن التعديل متعلقا بالمزيد من الضمانات “.

وزاد الشذوذ الدستوري بالنص على استفادة الرئيس الحالي من مد المدة الرئاسية له إلى 6 سنوات بدلا من أربعة، أي أنه بدلا من انتهاء الرئاسة في العام 2022 سننتهي عام 2024، ورغم النص بدستور 2014 على ولايتين فقط لرئيس الجمهورية، وهو ما استفاد منه الرئيس الحالي الذي ترشح عامي 2014 و2018، فقد تم استثناؤه من خلال التعديلات بالترشح مرة ثالثة عام 2024، ليتاح له إمكانية المكوث بالمنصب لمدة 16 عاما حتى العام 2030.

ورغم نص المادة 157 بدستور 2014 على أنه ” إذا اشتملت الدعوة للاستفتاء على أكثر من مسألة، وجب التصويت على كل واحدة منها”، فقد تضمنت التعديلات الدستورية الجديدة على استبدال 14 مادة وإضافة عشر مواد.

 أي أنها تتضمن موضوعات عديدة تتعلق إضافة الى ما سبق، برفع تمثل المرأة بالبرلمان إلى نسبة 25 % من مقاعده، وتقليص صلاحيات مجلس الدولة، وإضافة مهام إضافية للقوات المسلحة، وزيادة حالات جواز محاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية.

ومن الطبيعي أن يكون هناك من يعترض على زيادة حالات محاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية، لكنه يوافق على زيادة نسبة تمثيل المرأة بالبرلمان، أو من يتفق على زيادة مدة رئيس الجمهورية، لكنه يعترض على السماح للرئيس الحالي بالترشح لفترة ثالثة، وهكذا مع باقي مواد التعديلات.

 إلا أن الأمر الذي حدث بالاستفتاء أن كان بالموافقة بنعم أو لا على جملة المواد الخمس والعشرين المستبدلة والمضافة، في ظل استفتاء مشكوك في نزاهته، بحكم الممارسات التي تمت مع التجار وأصحاب المحال ورجال لأعمال لتعليق لافتات تأييد للتعديلات قبل ان يتم إعلان تفاصيلها.

 وحظر تعليق أية لافتات معارضة للتعديلات، أو السماح للمعارضين بموقع إلكترونى للتعبير عن اعتراضهم، وغير ذلك من ممارسات الاستبداد الذي يهيمن على البلاد.

المقال لا يعبر عن موقف أو راي الجزيرة مباشر وإنما يعبر عن رأي كاتبه