“رامي مخلوف”.. أمين الخزنة

فجأة ظهر أمامي الخبر المثير “متجاوزا الوليد بن طلال رامي مخلوف أغنى أغنياء العرب”

هذا العنوان أمّا التفاصيل عن ثروة رامي مخلوف في الحقيقة لم تكن كلها مفاجئة فمنذ استحدثت شركة سيريا تيل للاتصالات بدأ اسم رامي مخلوف يتردد على ألسنة الناس ويتداولون سراً أرقاما خيالية عن ثروته وأملاكه هي الآن لا تساوي شيئا أمام الرقم الموجود في الخبر 27 مليار دولار! بالتأكيد المواطن السوري المطحون الذي كانت الأرقام التي يتعامل معها في حدود المليون ليرة سورية كان مذهولاً أمام رقم مثل 60 مليون ليرة يملكها رامي مخلوف من حصته من شركة الاتصالات وهذا الرقم فلكي بالنسبة له، ولم يكن يجرؤ أحد على التحدث بصوت مسموع عن تلك الأموال أو عن أموال التهريب أو حصته من الشاطئ السوري.. لكن في بداية الثورة ظهر رامي في فيديو يعلن فيه دعمه للاقتصاد السوري كي لا تتهاوى الليرة السّورية وعن رغبته في مساعدة الناس وقد لبس لبوس الأم تيريزا وحين سُئل عما يستطيع تقديمه رد بالحرف “مليارات، مليارات” في تلك الفترة كنت شخصياً أشكّ بفبركة الفيديو من قبل نشطاء الثورة بطريقة قطع الكلمات عن سياقها وعلى الرغم من معرفتي بأنّه يمتلك ثروة ضخمة لكن لم يصل الرقم في ذهني لمليارات الدولارات.. لكن إذا تأملنا قليلاً في ممتلكاته نجد الرقم عادياً..

أمين الخزنة:

عرف رامي مخلوف في بداياته بهذا اللقب “أمين الخزنة” لأنه يقوم بإدارة أموال عائلة الأسد ولا يملك شيئاً لكنّه فاجأ الناس بجمع ثروة ضخمة خلال زمن قصير.

لقد جمع رامي مخلوف ثروته في مدة قياسية لا تتجاوز السبعة عشر عاماً، من مشاريع تصل إلى 31 مشروعاً تجارياً على رأسها شركتا الاتصالات “سيرياتيل، أم تي إن” وشركة شام وبنكا سوريا الدولي وبيبلوس وراديو نينار في دمشق.

ويعتمد رامي مخلوف في تشكيل ثروته على نسبة كبيرة من الأسهم التجارية منها في “شركة البترول البريطانية ساندز وشام كابيتال للوساطة المالية” كما يملك أسطولاً لصيد السمك في جزيرة ارواد تصل قيمة تصديرها اليومي مئة مليون دولار. وقد فرض عليه الاتحاد الأوربي عقوبات عام 2011 _أيدتها المحكمة العامة للاتحاد فيما بعد_ تمنعه من دخول بلادها أو المرور بأراضيها وتجميد ثرواته فيها!

طبعاً تقدم رامي مخلوف بـ”طعن للحكم” تبرّأ فيه من ارتباطه بالنّظام السّوري وأكّد أنّه يكرّس نفسه للأعمال الخيرية. لكنّ المحكمة لم تأخذ بالطعن وقدّمت أدلة تثبت ارتباطه بقوات الأسد ورئاسته لشركة سيرياتيل للاتصالات.

تحالفات قذرة:

تقوم السلطة على التحالف القذر بين التاجر والكاهن والحاكم، وهؤلاء في المطلق يتخلون عن كلّ ماهو أخلاقي في سبيل الحكم. متوائمين بذلك مع مقولة أحد الفلاسفة: “إذا كان الإقطاعي يتمتع ببقية أخلاق فالتاجر لا أخلاق له”.

عندما استلم حافظ الأسد السلطة بدأت عملية التحول الكبير في سوريا وذلك بالقضاء التام على رجالات التجارة والاقتصاد التقليديين، ليحصر وظيفتهم في رجالات السلطة فأصبح رجل الاقتصاد هو ذاته رجل السلطة.

لقد سيطر رجال الدولة أو السياسيون على الاقتصاد وحيّدوا التّجار الدمشقيين الحقيقين عن السّاحة. هؤلاء الذين ابتكروا فكرة إنشاء معرض دمشق الدولي للترويج للمنتجات والصناعات السّورية.. وكانت سوريا الأولى في إنتاج القطن والقمح.

وضعت الدولة يدها على المعرض وأصبح الترويج فيه “لسوريا” فلم يعد عندنا صناعات نروج لها وأصبح الاقتصاد في الحضيض.. لكن تطوّر الترويج للبضائع الوطنية بعد أن اندثر القطن والقمح وظهر التلفزيون السوري بإعلاناته البائسة للصناعات السّورية المتمثلة “بعلكة سهام ومحارم ديمة”.

لكن المثير للاهتمام التحوّل الكبير في صناعة “الإعلان” والمواد المروّج لها.. فقد لفت انتباه السوريين ظاهرة غريبة أثناء الثورة وهي الترويج لأسماء الأسد وتلميع صورتها في الغرب وبذل أموال طائلة للقيام بذلك العمل!

سلطة رأس المال:

في الوقت الذي لا يشك فيه عاقل أنّ للمال سطوته في عالم لا يعترف إلا به كمحرّك أساسي للهيمنة على الشعوب.. لكنه في البلاد العربية مال تابع لقوى الهيمنة العالمية ولا تأثير له في القرار الدولي. فعلى الرغم من الثراء الفاحش لرامي مخلوف والوليد بن طلال وغيرهم من الأثرياء العرب إلا أنّهم وثرواتهم لا يشكّلون أهمية، ولا دور مؤثر لهم بينما يمتلك أثرياء اليهود السلطة المهيمنة الخفية على مقدرات الشعوب بإدارتهم للشركات المنفذة للمشاريع في الدول العظمى.

الخضوع الأمريكي للسلطة المالية التي امتلكها اليهود عبر التاريخ، تتبدى بشكل واضح من خلال صور رؤساء أمريكا قرب حائط المبكى! بينما نرى تغطرسهم في زياراتهم للبلدان العربية الثرية، فنظرة الغرب الأمريكي للمال العربي جسّدها ترامب بشكل واضح أثناء زيارته للمملكة

المسؤول الأول عن جرائم الحرب

لا شكّ أنّ رأس المال المتركز بيد اليهود والضاغط على القرار الأمريكي هو السبب الرئيس في المجازر التي قام بها الأمريكان لقمع القوى الناشئة وثورات الشعوب الحالمة بالحرية والديمقراطية وأيضاً تغول ذلك التوحش في السيطرة على الشعوب المسالمة البدائية واتخاذها فئراناً لتجارب متنوعة سواء في المجال الطبي أو العسكري

في النهاية تبرز وحشية رأس المال في القتل والدمار الممنهج لدولة مثل سوريا وفي هذه المسألة تحديداً تتبدى قذارة الدور المالي الذي وقف جنباً إلى جنب مع أموال رامي مخلوف في القضاء على الإنسان السوري وتدمير مدنه وممتلكاته من خلال تمويل سلاحيْ الجو السوري والروسي ولم يعد خافياً على أحد دعم دولة الإمارات في هذا المجال. وكانت قد ظهرت في بداية الثورة السورية بنفس اللباس الذي ظهر فيه رامي مخلوف لباس الأم تيريزا. ورحم الله أحمد شوقي عندما كشف لنا سريرة الثعلب الذي برز يوماً في ثياب الواعظينا.

 

المقال لا يعبر عن موقف أو راي الجزيرة مباشر وإنما يعبر عن رأي كاتبه