حزب البردعة بعد حزب الكنبة

أحمد عمر*

يزعم مراقبون أنّ حزب الكنبة هو أكبر حزب مصري، والحق أنها معلومة  تقترب من العرف والبداهة، بين شعوب أسيرة سُرق حق تقرير وإدارة مصيرها و شؤونها العامة منها، وتعاني من الأمية التعليمية والسياسية، وهو حزب حائر أو منبطح بين حالين اثنين؛ إما قليل حيلة، غير محزب وكسول وخناث سياسياً، أو محايد يجلس على الكنبة متابعاً الأخبار، مذبذب:” لاَ إِلَى هَـؤُلاء، وَلاَ إِلَى هَـؤُلاء”.. لكني، وأنا أجلس على الأرض، والأرض أكرم من الكنبة،  وأفكر في إعلام ومثقفين وشيوخ، ينتمون إلى حزب سأسميه “حزب البردعة”، قياساً على المثل: لم يقدر على ضرب الحمار! أشهر هؤلاء هو محمد البرادعي، الذي شارك في  إعداد عرش مصر للانقلاب، وتبليغه سدة الحكم،  ثم هرب خوفاً على بقية عظامه، من أن يتعشى به الانقلاب، بعد أن تغذى  بالثورة المصرية، إلى بلاد ليالي الأنس، حيث الكنبة مريحة، وهو يظهر بين الفينة والأخرى، موزعاً نقده بين عتاب للحمار، و جلدٍ للبردعة.
 الحق أنني استغربت تصريحات  محمد فهمي صحفي الجزيرة الإنجليزية، بعد إطلاق سراحه، عندما وجه انتقاده لشبكة الجزيرة. واعتبر حبسه نتيجة الصراع مع قطر وتركيا، لدعمهما الإخوان وذلك بعد حبس دام أكثر من 400 يوم، في وحدة الظلام، التي توفر عادة مراجعة نفسية، وعقدية، ! فهمت أنّ الرجل يتودد للانقلاب ويعتذر منه. ثمة ملحوظة هي أنّ المذكور  من مؤيدي خارطة طريق 30 يونيو، ومظاهرات الدعوة العامة المرعية أمناً وشراباً، وزينة!  مع العلم أنه لم يبق من الخارطة سوى الأطلال، فالنظام المصري، والسوري، مشغولان من الحافر إلى الحافر، بالحرب على الإرهاب، الذي كان محتملاً، فصار جبهة مؤكدة.
 لعله مثل الكاهن  الأكبر محمد حسنين هيكل الذي  صرح مؤخراً أنه إذا ما خيّر بين المسجد والثكنة، فإنه سيختار الثكنة. وهذا النوع من المثقفين يمكن تصنيفه من “حزب الحوافر”. ومثله الشيخ الأزهري أحمد كريمة، الذي صرح أن:  “الإخوان” و”الوهابيين” و”الشيعة” هم الثالوث المدمر للثقافة الإسلامية، موضحاً أن “السلفية الوهابية” هي منبع عدد من الجماعات الإرهابية، التي انتشرت مؤخراً، وأنه لا بد من التصدي للفكر الوهابي ومنع انتشاره، عن طريق نشر الفكر الإسلامي الوسطي، وأن السعودية والكويت من أكبر الدول الداعمة للسلفية الوهابية. فهمت أن الرجل يتودد إلى ايران وقد ضمن رعاية الانقلاب.
 مشايعو أحزاب البردعة والحوافر كثر، منهم شيخ اسمه الحبيب الجفري  المكلف من قبل زعيم الانقلاب، على الهواء مباشرة، الى إشاعة الإسلام الوسطي نسبة إلى  وسط إحدى الممثلات الشهيرات . 
قال  المذكور : أنه” إذا مسَّ الجيش  المصري سوء فإنه سيعتبر نفسه مجنداً  مصرياً ، وسيرتدي لأمة الحرب، مما دفع  الشيخ عصام تليمة إلى نصحه، فالدين النصيحة وهي : أن يذهب، ويقاتل إلى جانب الجيش اليمني الذي يعاني الأمرين، و لعله سعيد بالاحتلال الفارسي الشيعي.
الأمثلة كثيرة..
إن كان عبد المنعم أبو الفتوح قد عاد إليه الوعي، والناس راجعة من الحج، فإمّا لأنه حرم من قطعة من الكعكة، أو لأنه أحسَّ أنه منبوذ، ولأنه يحسب على الإسلاميين مهما غازل الانقلاب أو هادنهم، وكان في كل تصريح يهاجم الإخوان والإرهابيين، ثم يعرج بعد أن يكلَّ من ضرب البردعة إلى العتاب على الحمار. لم يشفع له وقوفه إلى جانب ثورة يوليو، والمطلوب أن يكون بوقاً للنظام الانقلابي. أما في سوريا، فقد عاد بعض المعارضين إلى حضن النظام ،”تحت سقف الوطن”، منددين بجرائم داعش، مهما كان فالنظام أكثر علمانية من داعش .
 هذه “الكنائب”، تشتغل عقلياً، وتبحث أحيانا عن روافع فقهية أو تاريخية أو أسطورية،  لتبرير جلد البردعة، وقد حاول مذيع المخابرات المصري  استنطاق يسري فودة، فكان أكثر ما استطاعته شجاعته هو أنه رثى موقعه التلفزيوني الذي أبعد عنه دليلاً على الظلم السافر!
 أعتقد أننا يمكن أن نعذر بطولة كوبر نيكوس الناقصة، عندما قال همساً:  ومع ذلك فإنها تدور، لأنه كان مهدداً بالحرق، في العصور الوسيطة المظلمة، ونفهم أيضا نوازع  موالي حزب الحوافر ومحازبيه، الذين تعودوا على الذل والمازوشية السياسية، لكن جماعة حزب البردعة،  قوم مضحكون لأنهم دون كيشوتات و البردعة لا تتألم ولا تتكلم وقد باتت زياً وطنيا! يد الله مع الجماعة( المجتمع المتضامن) وليس مع العسكر، والعسكر كائنات تنفذ الأوامر، سواء كانت معروفاً أو منكراً، أو كفراً، وتطيعها طاعة مطلقة ، فالزي العسكري بردعة.. غالباً.
 حزب البردعة هو أكبر حزب عربي مسلم، لأن الحمار الأكبر أمريكي الجنسية، وهو حزب الانتهازيين، الذين يقفون مع القوي،  حزب البردعة ينشط إذا ظهر أن الحمار  مسعور و يعضّ ويرفس في كل الاتجاهات.  سياسة الأنظمة العربية مستقاة من أمثال:  أضرب الشعب المربوط، حتى تسعد إسرائيل، الذئبة السائبة.
 هؤلاء قال فيهم القرآن الكريم: ” إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُواْ إِلَى الصَّلاَةِ قَامُواْ كُسَالَى يُرَآؤُونَ النَّاسَ وَلاَ يَذْكُرُونَ اللّهَ إِلاَّ قَلِيلاً (142) مُّذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لاَ إِلَى هَـؤُلاء وَلاَ إِلَى هَـؤُلاء وَمَن يُضْلِلِ اللّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً “..
الفتوة  المصري عندما كان يقهر الفتوة الخصم،  بعد أن يبطحه على الأرض، يطلب منه الإقرار بالهزيمة، والتصريح بأنه : مَرَة.
 وقد رأينا “رجالا”، بواسل، لانت أكتافهم، “للزي الوطني المبردع”، يقرّون بوقوعهم في عشق الفتوة، والعياذ بالله ..
____________________

*كاتب سوري مقيم في ألمانيا

المقال لا يعبر عن موقف أو راي الجزيرة مباشر وإنما يعبر عن رأي كاتبه