جيل استثنائي للجزائر.. وبلماضي النجم الأول

 

 

استحق المنتخب الجزائري الأول لكرة القدم، خروج الملايين من الشعوب العربية المختلفة لتشاركه فرحة الإنجاز الكبير الذي حققه مساء الجمعة بالفوز ببطولة كأس الأمم الأفريقية الثانية والثلاثين التي استضافتها مصر عقب التغلب على السنغال في المباراة النهائية بهدف نظيف..

فما قدمه الفريق الجزائري في البطولة من مستوى فني رائع، وأداء تكتيكي راق، وروح قتالية عالية، أكسبه دعم وتأييد ومؤازرة الغالبية العظمى من الجماهير العربية.. فعلى مدار (28) يوما هي مدة البطولة، خاض فيها محاربو الصحراء سبع مباريات انتهت جميعها بفوزه، كان هو المرشح الأول دائما للفوز فيها، حتى في المباراة الوحيدة التي لم تحسم إلا بضربات الترجيح ويلعب فيها الحظ الدور الأكبر وهي المباراة التي كانت أمام كوت ديفوار بالدور ربع النهائي، كانت الجماهير واثقة من أن الفوز سيذهب للمنتخب الجزائري لأن الأجدر به، وبالفعل انتهت ضربات الترجيح بفوزه 4 / 3..

لا مبالغة إذا قلنا إننا أمام جيل استثنائي قادر على أن يقود بلاده للعديد من الإنجازات القارية والعالمية، فهو يملك الامكانيات التي تمكنه من ذلك، شرط أن تتوفر له المقومات المادية والمعنوية.. وفي السطور القادمة نلقي بعض الضوء على أصحاب الإنجاز لنعرف، كيف ولماذا فازت الجزائر بالبطولة الأفريقية للمرة الثانية في تاريخها..

1 – المدرب الفذ جمال بلماضي

أول من يستحق الإشادة والثناء هو المدرب جمال بلماضي، ذلك المدرب الوطني الذي أبهر العالم بإمكانياته التدريبية العالية، تلك الإمكانيات التي جعلت المنتخب الجزائري يؤدي مبارياته بأداء تكتيكي محكم، تظهر فيه بصمات المدرب على أداء وتحركات كل لاعب بالملعب، وكأنهم قطع شطرنج يتحركون بعناية..

 لعب بلماضي أغلب مبارياته بطريقة لعب ثابتة (4 – 1 – 4 – 1) وهي طريقة جمعت بين الأداء الدفاعي المنيع، والتوجه الهجومي العنيف، وما كان لهذا التكتيك أن ينجح لولا قوة شخصية المدرب وقدرته على إلزام اللاعبين بتنفيذ الواجبات المطلوبة، ولعل ذلك ما جعلنا نرى لاعب في حجم ومكانة رياض محرز يرجع للخلف أثناء هجوم المنافس ليساعد في الدفاع عن فريقه والذود عن مرماه..

لم تظهر ملكات وقدرات بلماضي عند حد وضع الخطط وتوجيه اللاعبين في الملعب فقط، وإنما ظهرت في قدرته على شحن اللاعبين معنويا لينتزع منهم أقصى ما في طاقاتهم لتحقيق الفوز، وقد تبين أثر شحنه للاعبين من حالة البكاء التي انتابت اللاعب بغداد بونجاح نجم هجوم الفريق عندما أهدر ضربة جزاء أمام كوت ديفوار، حيث دخل بونجاح في نوبة بكاء لم يفق منها إلا بعد انتهت المباراة بفوز فريقه..

2 – الحارس رايس مبولوحي

كان رايس مبولوحي واحدا من أبرز نجوم الفريق، يكفي أن مرماه لم يستقبل سوى هدفين فقط في كل المباريات السبع التي خاضها، وهو الهدف الذي كان في مباراة كوت ديفوار، فقد قدم مبولوحي على مدار البطولة أداء رائع استحق أن ينال به لقب أحسن حارس في البطولة.

3 – خط الدفاع

لعب المنتخب الجزائري مبارياته بتشكيل ثابت لم يتغير إلا في مباراة واحدة كانت أمام تنزانيا لم يكن الجزائر في حاجة للفوز فيها، حيث كان قد ضمن التأهل لدور الـ16، فدفع فيها بلماضي بأغلب البدلاء ليطمئن على مستواهم من ناحية، ويحافظ على معنوياتهم من ناحية أخرى، وفيما عدا ذلك فالتشكيل لم يتغير، وقد ضم خط الدفاع كلا من: يوسف عطال قبل أن يصاب ويلعب بدلا منه مهدي زفان وبجواره عيسى ماندي وجمال بن العمري ورامي بن سبعيني، وقد أدى جميعهم بمستوى جيد وثابت، كل حسب المهام المطلوبة منه، فالظهيران زفان وبن سبعيني كانا يقطعان الملعب طوليا، بالتقدم في الهجوم والعودة في الدفاع، دون أن يبدو على أي منهما التعب أو الإجهاد من حجم المسافات التي يقطعانها، هذا فضلا عن دور كل منهما في رقابة أجنحة الفرق المنافسة ومنعها من التمرير العرضي أو التوغل داخل المنطقة، فيما كان يؤدي كل من بلعمري وماندي ملحمة كروية في الزود عن المرمى والتصدي لمهاجمي الخصوم، هذا فضلا عن التقدم الحذر خلف لاعبي الوسط أثناء الهجوم على المنافس..

4 – خط الوسط

ضم خط الوسط خمسة لاعبين منهم لاعب ارتكاز متأخر هو عدلان قديورة، وأمامه أربعة لاعبين هم يوسف بلايلي وإسماعيل بن ناصر ورياض محرز وسفيان فيغولي، وعلى الرغم من الغلبة الهجومية على هذه المجموعة، إلا أن المنتخب الجزائر كان في كل مبارياته هو الأكبر سيطرة على الملعب والأكثر استحواذا على الكرة، وإذا كان جميعهم قدم أداء رائعا في معظم المباريات، إلا أن الشاب الصاعد الواعد إسماعيل بن ناصر كان هو الأبرز والأفضل بينهم، بفضل التزامه الخططي الدائم وسلامة تمريراته ودقتها، وقد استحق أن يفوز بلقب أفضل لاعب في البطولة.. لكن ولأن الكبار لابد لهم من بصمة في مثل هذه المناسبات، فقد كان للنجم رياض محرز بصمته التي كانت سببا في شق الجزائر طريقها نحو اللقب، عندما أحرز هدفا قاتلا في مرمى نيجيريا من تسديدة بارعة لكرة ثابتة في الثواني الأخيرة من المباراة لتنتهي المباراة بفوز الجزائر بهدفين لهدف وتصعد للمباراة النهائية.

5 – بغداد بونجاح

على الرغم من المسئولية الثقيلة التي حملها المدرب جمال بلماضي لبغداد بونجاح، وهي الدفع به كرأس حربة وحيد، إلا أن بغداد كان على قدر المسئولية، واستطاع بفضل مهاراته العالية وقوته البدنية الهائلة أن يقود هجوم الجزائري في المباريات التي خاضها ويكون مصدر إزعاج دائم للمنافسين، وبالرغم من الرقابة التي كانت تفرض عليه وتصل لحد استخدام العنف معه، فإنه نجح في أن يحرز هدفين منهما هدف التتويج في مرمى السنغال، هذا فضلا عن كثرة حركته داخل منطقة مرمى المنافسين مما كان يعطي الفرصة لزملائه للوصول إلى المرمى بسهولة وإحراز الأهداف.

الجميع أجاد وكلهم يستحقون الإشادة بما في ذلك البدلاء الذين كان يتم الدفع بهم على فترات، لكن إذا كان ولابد من اختيار نجم لهذه لمجموعة، فالمؤكد هو جمال بلماضي المدير الفني.

 

 

 

 

 

 

المقال لا يعبر عن موقف أو راي الجزيرة مباشر وإنما يعبر عن رأي كاتبه