الفول يلحق البطاطس في الارتفاع السعري

                                      

  

لم يترك الغلاء سلعة أساسية في السوق المصرية إلا ولحق بها بداية من الأرز الوجبة الرئيسية اليومية، والذي لم يتراجع سعره رغم حصاد المحصول مؤخرا، إلى البطاطس التي مازالت أسعارها مرتفعة رغم دخول إنتاج عروة منتصف نوفمبر للأسواق، إلى زيوت الطعام المستوردة معظم كمياتها. إلى جانب السكر والدواجن واللحوم والأسماك والسمن والدقيق ومنتجات الألبان، بحيث لم يعد هناك طعام رخيص السعر سواء من أصناف الخضر المتنوعة أو أنواع الفواكه، أو البقول البديلة للحوم في الإمداد بالبروتين النباتي، ووصل الغلاء إلى الفول، الوجبة الشعبية الأولى، والتي تعد بمثابة عماد وجبة الإفطار لغالبية الأسر أو لعموم الموظفين أو لساندويتش المدرسة للتلاميذ والطلاب.

ما انعكس على أسعار منتجاته من الطعمية وأنواع الساندويتشات المختلفة، ودفع ذلك بعض المطاعم لإنقاص كمية الفول في الأطباق والساندويتشات، ما يؤثر على الحالة الغذائية لغالبية المصريين الذين يعتمدون عليه كمصدر للبروتين، حيث يحتوي على نسبة 28 % من البروتين و58 % كربوهيدرات.

ونظرا لتعدد أنواع استهلاك الفول وتحوله بعد إضافة بعض المكونات مثل البصل أو الطماطم أو السمن أو الزيت الحار أو الطحينة إلى وجبة متكاملة مع الخبز، فقد ساهم استهلاكه الكبير في ضمان المزارعين تسويقه، إلا أنه نظرا لتنافسه كمحصول شتوي مع محصولين رئيسيين هما: القمح (الغذاء البشري) والبرسيم (الغذاء الحيواني) إلى جانب إصابة المحصول ببعض الآفات وتدني إنتاجية الأصناف المستنبطة محليا.                  

وساهم ذلك في تراجع إقبال المزارعين على زراعت الفول لتتراجع مساحة زراعته تدريجيا، بينما تتزايد كميات استهلاكه بحكم التزايد السكاني، ما دعا التنظيمات الفلاحية للمطالبة بدخول الفول ضمن الزراعات التعاقدية التي تضمن الحكومة سعرا مناسبا لبيعه حتى يقبل المزارعون على زراعته، لكن نتيجة تراجع مساحات زراعته كانت تزايد كميات استيراده، حتى أصبحت الكميات المستوردة تمثل نسبة 85 % من الاستهلاك المحلى.

 مصر المستورد الأول في العالم للفول

حتى أصبحت مصر تمثل المستورد الأول في العالم للفول الجاف، حيث تشير بيانات منظمة الأغذية والزراعة لعام 2016 إلى استيراد مصر 322 ألف طن، بينما جاءت الكميات التي استوردتها النرويج الثانية في الاستيراد 65 ألف طن فقط تليها السعودية 37 ألف طن وإندونيسيا 21 ألف طن والإمارات العربية 19 ألف طن.

ورغم أن الصين تأتى على رأس الدول المنتجة للفول وتستحوذ على نسبة 36% من الإنتاج العالمي، تليها أثيوبيا بنسبة 20% وأستراليا10% وإنجلترا 7% وفرنسا 5% وألمانيا 4% وكل من السودان ومصر بنسبة 3% من الإنتاج العالمي لكل منهما حيث جاءت مصر في المركز الثامن للإنتاج دوليا.

رغم ذلك فإن الاستهلاك المحلى الكبير له داخل الصين وأثيوبيا، أدى لاختلاف قائمة أكبر الدول المصدرة للفول، لتجيء أستراليا في الصدارة بنسبة 26% من الصادرات الدولية، وإنجلترا 23% وليتوانيا 14% وكل من مصر ولاتفيا بنسبة 5% لكل منهما، وكل من كندا والصين بنسبة 3% لكل منهما.

وكانت مصر المستورد الأكبر من حيث الكميات من دول أستراليا وإستونيا وفرنسا ولاتفيا وليتوانيا وبولندا وإنجلترا، حيث توزعت الكميات التي استوردتها مصر بنحو 155 ألف طن من أستراليا، و145 ألف من إنجلترا ومن ليتوانيا 137 ألف طن ولاتفيا 52 ألف وكندا 21 ألف، وفرنسا 12 ألف وكل من بولندا وإستونيا 11 ألف طن لكل منهما وأقل من ذلك من السويد وألمانيا.

سعر الفول ضعفا البطاطس والأرز

ومن هنا فقد أدت ظروف الجفاف مؤخرا في أستراليا والظروف الجوية غير المواتية للإنتاج في إنجلترا، إلى تأثر الكميات المصرية المستوردة ما زاد من سعر الفول المستورد ليتخطى سعر الكيلو للمستهلك العشرين جنيها أي ضعفي سعر السكر والأرز والبطاطس، وبالتالي زاد سعر الإنتاج المحلى الأكثر رواجا لدى الأسر.

ورغم تلك الكميات الكبيرة من الاستيراد فقد ظلت مصر تصدر كميات قليلة من الفول الجاف، بلغت 36 ألف طن عام 2016 نظرا لجودة الفول المصري من حيث المذاق مقارنة بالمستورد، حيث صدرت الى المغرب حوالي ستة آلاف طن ولكل من الجزائر وإيطاليا ألفى طن، وأقل من ألف طن لكل من إسبانيا ولبنان والكويت وتركيا وقطر.

وتشير بيانات جهاز الإحصاء المصري الى بلوغ الإنتاج المحلى من الفول في العام 2016 نحو 119 ألف طن مقابل 158 ألف طن قبل ذلك بأربع سنوات، بينما بلغت الكميات المستوردة 484 ألف طن أي تزيد كثيرا عن الرقم المعلن من قبل منظمة الأغذية والزراعة للعام نفسه. وبعد استبعاد الكميات التي تم تصديرها خلال العام يصبح المتاح للاستهلاك المحلى 569 ألف طن، يتم توجيه 68 ألف طن منها كغذاء للحيوان وتسعة آلاف طن كتقاوي، وتضيع كمية 28 ألف طن كفاقد خلال عمليات النقل والتداول، ليتبقى لغذاء الإنسان 464 ألف طن ليصل نصيب الفرد المصري حوالي 5 كيلو جرام سنويا.

وتشير بيانات جهاز الإحصاء الى أنه بينما تقل كميات الإنتاج المحلى، نتيجة انخفاض المساحات المنزرعة خلال السنوات الأخيرة من 282 ألف فدان عام 2003 إلى 88 ألف فدان عامي 2015 و2016، يتجه الاستهلاك المحلى للزيادة خاصة مع لجوء الغالبية إليه كبديل بروتيني حتى سماه البعض لحم الفقراء، وحيث أصبح هو الملاذ لأصحاب الدخول المنخفضة خاصة من لديهم أولاد مع زيادة أسعار الغذاء، بعد تداعيات الاتفاق مع صندوق النقد الدولي على أسعار الغذاء.

ويعزز ذلك ما ذكره المتخصصون في التغذية من احتوائه على مكونات تساعد على تحفيز مشاعر البهجة وتحسين مزاج كل من يتناوله، كما أنه غنى بالبروتين والفيتامينات والأملاح المعدنية مثل الحديد والفوسفور، وهو يقاوم التوتر والإجهاد الذي يصيب الجسم، ومفيد للقلب من حيث زيادته لمستوى الكولسترول الجيد في الدم كما يحتوي على مواد تقوى المناعة ضد الأمراض.

المقال لا يعبر عن موقف أو راي الجزيرة مباشر وإنما يعبر عن رأي كاتبه