الطغاة…فاشلون دوما في حكم الشعوب !

هل رأيت يوما حكما استبداديا ديكتاتوريا استطاع ان يحقق ارتفاعا في مستوي معيشة شعبه ونجح في نقل ملايين الفقراء الى الازدهار؟الاجابة بالقطع لا..

 

أحمد حسن الشرقاوي *

هل رأيت يوما حكما استبداديا ديكتاتوريا استطاع ان يحقق ارتفاعا في مستوي معيشة شعبه ونجح في نقل ملايين الفقراء الى رحابة الرخاء والازدهار؟! هل عرفت ديكتاتورا حول بلاده الى جنة وارفة الظلال ينعم مواطنوها بالأمن والرفاهية والسلام؟! هل قرأت في التاريخ عن مستبد استطاع ان ينشر العدل والمساواة والحرية بين مواطني بلاده وأن يعيش في سلام مع جيرانه؟!

الاجابة بالقطع لا.

في افريقيا، ومنذ استقلالها الإسمي عن الاستعمار في ستينيات القرن الماضي، شهدت القارة السمراء – وفقا للإحصائيات الدولية- 186 انقلابا عسكريا من بينها 100 انقلاب ( ناجح وفاشل) خلال 10 سنوات من 1966 حتي عام 1976، لكن الفشل في الوصول الى مقاعد السلطة بالنسبة لبعض تلك الانقلابات ربما كان أفضل من الذين وصلوا للحكم عبر إراقة الدماء وإزهاق أرواح الأبرياء من المدنيين ليجدوا أنفسهم في مواجهة تحديات الدولة والمواطنين فلا يستطيعون التصرف فيها نظرا لان الحكم ليس من مهامهم.  العسكريون بطبيعتهم لا يميلون للديمقراطية، والجيوش لا تصنع ديمقراطية ولا تقدر على تحمل أعباء التنمية. الجيوش في الدول الديمقراطية تكون حارسة للديمقراطية والدساتير، بينما تتولي النخب والسياسيين مهمة الحكم في الدولة تحت رقابة مباشرة من الشعب أو عبر النواب المنتخبين.

هل سمعتم أو رأيتم دولة في افريقيا-باستثناء جنوب افريقيا ذات الطبيعة الخاصة بمشكلة التمييز العنصري- تقدم نموذجا فى التطبيق الديمقراطي فى المجال السياسي؟! هل رأيتم دولة افريقية استطاعت ان تحقق معجزة اقتصادية تساهم في تحسين مستوي معيشة الملايين من أبنائها مثل البرازيل أو تركيا؟

الفارق هو الديمقراطية في السياسة. والليبرالية في الاقتصاد.

 التنمية الاقتصادية ورفع مستوي معيشة الناس وتوفير أرزاقهم وحدوث الرفاهية الاقتصادية تعتمد بدرجة كبيرة على الديمقراطية فى السياسة. وبدونها لا تحقق أنظمة الحكم في بلدان العالم الثالث أو النامي أي شيء ذي بال لمواطنيها الكادحين الفقراء المهمشين.

هذا درس من دروس النظم السياسية في العالم.. الواقع يخبرنا بذلك. ولا تظن ان نظاما شموليا استبداديا ديكتاتوريا يستطيع ان يحسن من مستوي معيشة مواطنيه. البعض ربما يجادل بطرح مثال الصين التي تحقق معدلات نمو سنوية تصل الى 10 بالمائة وربما أكثر في بعض السنوات.

والرد هنا ان الصين لم تحقق هذه المعدلات التنموية العالية سوي بعد العام 1989. في هذا العام عادت جزيرة هونج كونج الى السيادة الصينية بعد فترة استئجار من جانب بريطانيا العظمي لمدة قرنين من الزمان. هونج كونج عادت لأحضان البر الرئيس ( الصين) وفق مبدأ: دولة واحدة ونظامان.

والنظامان هما: الاشتراكي المخطط في الصين الأم ( البر الرئيسي)، والنظام الديمقراطي في السياسة –الليبرالي في الاقتصاد في هونج كونج، والتعايش بين النظامين الاشتراكي المخطط والليبرالي الديمقراطي هو الذى ساهم فى تلك المعدلات المرتفعة للنمو في الناتج القومي الاجمالي للصين ككل.

وما كانت الصين لتحقق تلك المعدلات التنموية العالية فى ظل النظام الشمولي الاستبدادي، نظام الحزب الواحد. هذا رأيي، ويمكن للبعض أن يجادل ويطرح الأفكار المخالفة والمختلفة عما طرحناه فى هذا المقال. عظيم ، لما لا ؟!!

المهم هو ان الأفكار تواجهها أفكار أخري، والمنطق يقابل بمنطق آخر، ولعل هذا أساس حرية التعبير والديمقراطية. إذا كان الطغاة يتقبلون النقد والتعبير الحر عن الفكر ، ويتيحون الفرصة والحرية لوسائل الاعلام لتناول كافة الأفكار المتناقضة والمتعارضة. فى تلك الحالة سيكونون على استعداد لبدء نظام ديمقراطي يمكن فى النهاية أن يساهم فى رفع مستوي معيشة المواطنين فى المجال الاقتصادي!!

___________________

كاتب صحافي مصري

المقال لا يعبر عن موقف أو راي الجزيرة مباشر وإنما يعبر عن رأي كاتبه