“السيسي مشرف مصر”!

بالطبع تلك الكلمات الثلاث في العنوان لا يمكن أن تشكل جملة إلا في حالة واحدة أن يكون المقصود أن السيسي هو النسخة المصرية من الباكستاني برويز مشرف، قائد الجيش الباكستاني ورئيسها عقب الإطاحة برئيس الوزراء نواز شريف عام ١٩٩٩ وحتى رحيله عن منصبه في العام ٢٠٠٨.

أوجه الشبة بين الرجلين لا تخطئها العين، ولا يمكن التغافل عنها، ثم أنها وبعد ذلك منطقية بشكل واضح، والمقارنة والإسقاط واجبين إليّ حد اعتبارهما فرض عين.

فقد عين نواز شريف برويز مشرف وزيراً للدفاع قبل أن يطيح به الأخير ووضعه قيد الإقامة الجبرية أولاً ثم سجنه في سجن “ديالا ” وحل محله على رأس الدولة، مستغلاً منصبه على رأس الجيش في بلد المؤسسة العسكرية فيه قوية وقادرة ومهابة الجانب، نفس بداية صعود نجم عبد الفتاح السيسي عندنا أطاح الدكتور مرسي برأسي المؤسسة العسكرية المشير طنطاوي والفريق سامي عنان ليضعه على رأس الجيش.

لمحاربة الارهاب

وصل مشرف إلي مقعد الرئاسة في العام ٢٠٠١ في استفتاء مشكوك في نزاهته ساندته فيه الجماعة الإسلامية في باكستان.

استفاد مشرف بشكل كبير جداً من الدعاية لنفسه أنه قادم لمحاربة الإرهاب، وساعده بالطبع وجود تنظيم القاعدة وحركة طالبان على مرمى حجر من دولته في أفغانستان، فكانت أحداث الحادي عشر من سبتمبر عام ٢٠٠١، فرصته الذهبية التي-في رأيي-أحد أهم اللحظات الفارقة في حياته، حيث أغتنم الفرصة ولم يضيعها، وقدم فروض الطاعة والولاء إلي الإدارة الأمريكية بقيادة بوش الابن، وعرض عليهم فتح باكستان على مصراعيها بكل ثقلها لهزيمة القاعدة في افغانستان، فكانت دعوة الحرب على الإرهاب هي حجته دائماً لتبرير أفاعيله في الفتك بالديمقراطية ، وبالطبع غضت الولايات المتحدة الطرف عن تصرفاته الكارثية في مقابل الدعم المخابراتي الأمريكي له، بل ودعمته بشدة ضد خصومه في الداخل، مما حدا بالرجل الي التصرف بأقصى درجات العنف والقهر لكل المناوئين لسلطته، فمن الإطاحة بنواز شريف من الحكومة ، إليّ اجبار بي نظير بوتو-رئيسة الوزراء التاريخية- على السفر خارج البلاد خوفاً من بطشه إليّ دولة الإمارات، إليّ الصدام العنيف بالسلاح مع الإسلاميين الذين دعمه بعضهم في البداية، ثم اصطدموا به فيما بعد عقب مصافحته للسفاح الإسرائيلي آرييل شارون، كأول مسؤول باكستاني يصافح مسؤولا إسرائيليا فيصل الصدام مع الإسلاميين مداه بالفتك بهم فيما عرف بأحداث المسجد الأحمر، خلال سنوات حكمة أعتمد بشكل واضح وصريح علي قوة الجيش وتغلغله العميق داخل الدولة في كل المجالات.

ضد المجتمع المدني

 أقال مشرف رئيس المحكمة العليا افتخار تشودري وكانت تلك أحد الصدامات المهمة مع المجتمع المدني، في معركة بالنقاط مع الديكتاتور العسكري، وعدل الدستور حتى يستطيع الاحتفاظ بمنصبه على رأس الجيش في نفس الوقت مع رئاسته للدولة.

ثم كانت إقالة وتحديد إقامة عبد القدير خان البطل القومي لباكستان أثر اتهام الأمريكيين له بتسريب معلومات عن البرنامج النووي لدول خارجة عن الرضا الأمريكي مثل ليبيا إحدى النقاط المهمة ضد مشرف.

وفي السياق نفسه اتخذ سياسات اقتصادية زادت من معاناة الشارع الباكستاني ولكنه ظل متماسكاً بفعل دعم المؤسسة العسكرية التي احتفظ برئاستها.

برويز مشرف بدأ حكمة واثقاً من نفسه ومن قدراته آمناً تماماً بفضل دعم الجيش، مستفيداً من الحالة التي خلفتها عملية ضرب أبراج مركز التجارة العالمي في نيويورك والرغبة الأمريكية الملحة في الاستفادة من الهجمات لتحقيق رغبات إدارة الرئيس چورچ بوش الابن، ثم بدأ رويداً رويداً ومع توحد المجتمع ضده في فقدان السيطرة، وفي النهاية فقد الدعم الأميركي

القصة مكررة، واضطر اضطرارا إليّ تقديم تنازلات مهمة كان من أهمها السماح لرئيسة وزراء باكستان السابقة بي نظير بوتو بدخول البلاد وهى التي تم اغتيالها في أثناء جولة لها في روالبندي، وأشارت أصابع الاتهام الى مشرف الذي اضطر في النهاية إلى الاستقالة واختيار منفي بين لندن وأبوظبي، قبل أن يقرر التحدي والعودة ولكن عقارب الساعة دائماً لا تعود حيث وجد في انتظاره حكم من المحكمة بعدم صلاحيته للترشح في الانتخابات مدى الحياة، ومحاكمة في عدة تهم أهمها التواطؤ في عملية اغتيال بي نظير بوتو

لمحات متشابهة بين كل الحكام العسكريين والسيسي ومشرف ليس استثناء عن القاعدة، البدايات متشابهة والخطوات والتحالفات في الطريق تكاد تكون متطابقة، واعتقد في أن النهاية الحتمية أقرب مما نتصور وإن بدا العكس.

 

المقال لا يعبر عن موقف أو راي الجزيرة مباشر وإنما يعبر عن رأي كاتبه