السقوط بمصيدة القروض

تشير خريطة خدمة الدين الخارجي لامتدادها لنحو 38 سنة وحتى عام 2054 بالنسبة لديون دول نادى باريس.

أشار البنك المركزي المصري لبلوغ قيمة مدفوعات خدمة الدين الخارجي، بالعام الحالي 17 مليار و524 مليون دولارا، موزعة ما بين : 16.2 مليار دولارا للأقساط و3.1 مليار دولارا  للفوائد، لتقترب قيمة خدمة الدين الخارجي من قيمة الصادرات السلعية البالغة 20 مليار دولار بالعام الماضي .

وتوزعت قيمة خدمة الدين بالعام الحالي من حيث آجال القروض  إلى : 4.5 مليار دولار للقروض متوسطة وطويلة الأجل، و1.11 مليار دولار للقروض قصيرة الأجل، وهو ما يبين مدى الضغط الذى يفرضه كبر حجم خدمة الدين قصير الأجل على الموارد الدولارية .

وتوزعت خدمة الدين المطلوب دفعها بالعام الحالي ما بين : 5.1 مليار دولار للمؤسسات الدولية متعددة الأطراف كالبنك الدولي وبنك الاستثمار الأوربي وغيرها، ومليار واحد لدول نادى باريس الخمسة عشر وعلى رأسها الولايات المتحدة وألمانيا واليابان وفرنسا ، ومليار دولار آخر لليبيا، و761 مليون دولار لسبع دول ليست أعضاء بنادي باريس منها : الصين وتركيا .

و512 مليون دولار استحقاق لسندات سعودية ، و276 مليون لأقساط وفوائد الودائع السعودية ، و116 مليون للوديعة الإماراتية و82 مليون دولار للوديعة الكويتية ، و131 مليون لسندات دولية وسيادية .

خدمة الدين

وتشير خريطة خدمة الدين الخارجي لامتدادها لنحو 38 سنة وحتى عام 2054  بالنسبة لديون دول نادى باريس، وتمتد لعام 2051 لقروض المؤسسات الدولية متعددة الأطراف، وتستمر لعام 2040 للسندات السيادية، بينما تنخفض المدة المتاحة لسداد الودائع الخليجية لعام 2022 لودائع الإمارات، وحتى 2020 لودائع كلا من السعودية والكويت والعام القادم  للودائع الليبية .

  زيادة  خدمة الدين بالسنوات المقبلة

وهو ما يعنى كبر قيمة أقساط وفوائد سداد الودائع الخليجية بالسنوات القليلة المقبلة، فخدمة دين الوديعة السعودية البالغ 276 مليون دولار بالعام الحالي ، ستزيد إلى 2 مليار و932 مليون بالعام القادم ونفس القيمة تقريبا بعام 2019 .

 والوديعة الكويتية التي بلغت خدمتها 82 مليون دولار ، ستصل بالعام القادم إلى 2 مليار و740 مليون ، ومدفوعات أقساط وفوائد الوديعة الإماراتية البالغة 116 مليون دولار ، ستزيد إلى 2 مليار و774 مليون دولار بالعام القادم .

والنتيجة أن خدمة الدين الخاصة بالقروض متوسطة وطويلة الأجل البالغة 4.5 مليار دولار بالعام الحالي ، ستزيد إلى 13 مليار و632 مليون دولار بالعام القادم ، وذلك دون احتساب خدمة الدين للقروض قصيرة الأجل التي لم يتم إعلان قيمتها بعد .

ومن هنا كان تصريح رئيس الوزراء الأخير بأنه سيتم التمويل من الخارج بالمرحلة القادمة بنفس معدلات اقتراض العام الحالي ، وتصريح وزير المالية عن طرح سندات بالأسواق الخارجية ببدايات العام القادم ، بخلاف ما تردد عن طرح سندات باليورو في سبتمبر/أيلول أو أكتوبر/تشرين الأول القادمين .

وهكذا يتجه النظام للمزيد من الاقتراض لسد أقساط وفوائد الديون القديمة ، بما يشير إلى السقوط في مصيدة القروض ، وهو أمر حدث منذ فترة  بالدين الداخلي وانتقل حاليا ليشمل كذلك الدين الخارجي ، بعد النمو المحدود ببعض الموارد التقليدية للعملات الأجنبية كالصادرات وتحويلات العاملين بالخارج والاستثمار الأجنبي المباشر .

  غالب الموارد تخص القطاع الخاص                                 

وربما يقول بعض  أنصار النظام أن هناك زيادة متوقعة بالصادرات السلعية بعد تعويم الجنيه  يمكنها المساهمة بسداد خدمة الدين ، ومن خلال بيانات الربع الأول من العام الحالي أي بعد التعويم ،  يمكن توقع بلوغ الصادرات حسب السيناريو المتفائل 22 مليار دولار ، وهنا نذكر أن حصيلة الصادرات تخص أكثر شركات القطاع الخاص ومنها شركات أجنبية ، وما يخص الحكومة منها هى صادرات شركات قطاع الأعمال العام الأقل قيمة .

سيقولون ولكن تحويلات المصريين زادت بعد تعويم الجنيه ، ومن خلال السيناريو المتفائل يمكن لها بلوغ 4.18 مليار دولار ، وهنا نقول إن التحويلات تخص أسر العاملين ولا صلة للحكومة بها ، وهنا سيقولون إن تلك الأسر ستحول تلك الدولارات بالبنوك لتعود للحكومة التي تقدم الجنيه مقابلها ، لكن ليس دائما تتنازل كل أسر العاملين عن الدولار للبنوك ، فقد يبيعونها خارجها وقد يحتفظون بجانب منها .

سيقولون إن السياحة قد تحسنت ولكنه حسب السيناريو المتفائل ، يمكن بلوغ إيرادات السياحة بالعام الحالي 5 مليارات دولار فقط ، مع الأخذ في الاعتبار أن غالب تلك الإيرادات تتجه لشركات القطاع الخاص وبعضها شركات أجنبية، بل إن البعض يحتفظ بجزء من الإيرادات خارج البلاد .

ومن المهم التذكير بأن الموارد الدولارية التي تتجه للحكومة مباشرة هى: قناة السويس وإيرادات الخدمات التي تقدمها القنصليات المصرية بالخارج، والمعونات الأجنبية وبعض خدمات النقل التي تقوم بها جهات حكومية ، وحسب السيناريو المتفائل يمكن توقع دخل للقناة 8.4 مليار دولار ، ولمتحصلات  الخدمات القنصلية 272 مليون دولار وللمعونات 40 مليون دولار فقط .

ومن المهم تذكر أنه عندما ترد للحكومة موارد دولارية فلديها أولويات تشمل: استيراد المشتقات البترولية والسلع الغذائية التموينية والقمح، بخلاف نفقات السفارات بالخارج وسفريات المسؤولين ونفقات الخدمات التي تحصل عليها الطائرات والسفن الحكومية بالخارج وفوائد استثمارات الأجانب بالداخل ، بالإضافة لفوائد وأقساط الدين.

مع الأخذ في الاعتبار أن الأقساط والفوائد بالعام القادم ستكون أكبر مما أعلنه البنك المركزي لها حاليا ، لأن ما تم إعلانه يخص قيمة الدين الخارجي بنهاية العام الماضي ، بينما استمر النظام بالاقتراض الخارجي بالعام الحالي وسيستمر بالعام القادم، وهى قروض لها أقساط وفوائد جديدة مما يعمق الوقوع بمصيدة القروض .

المقال لا يعبر عن موقف أو راي الجزيرة مباشر وإنما يعبر عن رأي كاتبه