الرسول سبق علماء نوبل إلى اقتصاد السعادة !

وهكذا نجد مبادئ السعادة الاقتصادية كامنة منذ قرون عديدة فى مبادئ الدين الحنيف .. حيث وضع الطمأنينة فى القلوب بكفالة الرزق وحدد أساليب لمشاركة الفقير في اموال الغنى

د.اسامة الكرم*
سبق رسولنا الأمى محمد “ص” علماء اقتصاد السعادة ، حيث وضع اركان أحدث العلوم الاقتصادية منذ اكثر من 14 قرناً .. ليسبق “آلان كروجر ” مؤسس اقتصاد السعادة الذى حصل على نوبل في الاقتصاد بسبب هذا العلم .
اقتصاد السعادة رصد أسباب التعاسة التي يجنيها الانسان بسبب اقتصاد الرفاهية الذى لايستهدف الا زيادة دخل الفرد .. رغم أن أعلى معدلات التعاسة التي تؤدى للانتحار فى الدول الاعلى دخلا .. ولذلك تم ارساء مبادئ اقتصاد السعادة الذى يستهدف ان يكون الانسان سعيدا، سواء عند تحقيق الدخل او انفاقه .
وفى الاسلام نجد أن الهدف الاسمى من المعاملات الاقتصادية هو تحقيق حالة من الرضا بالرزق مع اتقان العمل ،  وهذه تتحقق من خلال اليقين بأن الله كفل رزق وأنه فضَّل البعض على البعض فيه وبالتالى تختفى الاحقاد التى تولد التعاسة لأن الرزق بيد الله ، وبالتالى يجب على الإنسان أن يرضى بما قسمه الله له ، وهذا الرضا يحقق له فعلاً السعادة .
  وألزم الاسلام الحاكم بتوفير الحاجات المعيشية  الأساسية لحفظ الجسد  وتيسير الكسب الحلال الطيب ، واعتبرها الحد الأدنى للحقوق الاقتصادية . ومع تطهير المال فى صورعديدة يشارك فيها الغنى الفقير مثل  زكاة أو صدقات أو هبات أو وقف أو صدقة جارية ..وكل ذلك يحقق سعادة للفقير وأيضا للثرى الذى يشعر بمتعة فى العطاء .
 – الالتزام بتعاليم الشريعة فى المال كسباً وإنفاقاً ، بمعنى أن يتم الحصول على المال بالحق ويتم إنفاقه بالحق ، ويُمنع من الباطل ، وفى هذا تأكيد على حب الله ـ المالك الحقيقى لهذا المال ـ وهنا يشعر الإنسان بالسعادة لأنه أطاع الله ورسوله ، فمن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيما
” ومن أعرض عن ذكرى فإن له معيشة ضنكا ”
وحرم الاسلام المعاملات المالية التى تقود إلى  المعيشة الضنك والتعاسة الاقتصادية مثل الاحـــتـــــكــــــار و القمار والربا والرشوة والامتناع عن الزكــاة  وتطفيف الكيل والغش وفرض الضرائب الباهظة (المكوس) و والسرقة والاضرار بالمال العام والاكتناز.  
تؤدى هذه المعاملات الى توليد الاحقاد بين الغنى والفقير والاحساس بالظلم والاستغلال حيث تزيد الغنى ثراء  وتزيد الفقير فقراً ، فتنتشر التعاسة النابعة عن الحقد ، فيُحرم الثرى من سعادة المال ويبتلى بالنهم وعدم الشبع والجشع ، كما يجهد الفقير ويشقى بأفعال الثرى ، والعلاج فى الاسلام من هذا الشقاء هو الالتزام بمنهج الله فى المال والاقتصاد ، فمن أراد السعادة الاقتصادية  فعليه بالالتزام بتعاليم الله صاحب المال.
وقد وضع الاسلام اساليب موضوعية ليعيش الانسان فى سعادة اقتصادية . ومن أهم المفاهيم التى أقرها الاسلام لتحقيق السعادة الاقتصادية للبشر :
 الإيمان بأن المال ملك لله ، ويجب تسخيره للنفع لكل عباده حتى تتحقق السعادة فى الدنيا وفى الآخرة
 الإيمان واليقين  بأن الله هوالرازق وقد كفل الأرزاق لعباده ويجب السعى فى الحصول عليه بالطرق وبالأساليب المشروعة حتى يبارك الله فيه
              اليقين بأن تحقيق السعادة يكمن فى التعامل فى الحلال الطيب وأن الشقاء والحياة الضنك يكون بسبب التعامل فى الحرام الخبيث .
الالتزام بالأخلاقيات الفاضلة ، فإنها تؤدى تحقيق البركة فى الرزق ، وإتقان الأخذ بالأسباب مع حسن التوكل على الله وحسن التعامل مع الناس، لأنه واجب ديني .
              تجنب المعاملات الربوية حتى لا ندخل فى حرب مع الله ورسوله فتُنزع البركات وتُمحق الأرزاق ويكون الشقاء و .وأداء زكاة الاموال فهى ركن من اركان الاسلام ، وتنمية وتطهير للمال ، وتحقق السعادة لكلٍ من الغنى والفقير ، فلا يشقى الفقراء إلا بمنع الأغنياء للزكاة .  .
  الاعتدال فى صرف المال دون تبذير أو تقتير فهذا من صفات عباد الرحمن الذين يحبهم الله تعالى ورسوله .
{إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُواْ إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُوراً }الإسراء27 
{وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلاَ تُبَذِّرْ تَبْذِيراً “الإسراء26”
{وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلاَ تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَّحْسُوراً }الإسراء29
 تطهير القلوب وإصلاح النفوس ، وتهذيب السلوك مع التوبة عن أى خروج عن نظام الدين الاقتصادى .. فهذا كله من موجبات السعادة الربانية ،
 “وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَاراً وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلاَ تَتَوَلَّوْاْ مُجْرِمِينَ”هود52
 (( و من يتق الله يجعل له مخرجاً و يرزقه من حيث لا يحتسب ))
وهكذا نجد مبادئ السعادة الاقتصادية كامنة منذ قرون عديدة فى مبادئ الدين الجنيف .. حيث وضع الطمأنينة فى القلوب بكفالة الرزق وحدد أساليب لمشاركة الفقير في اموال الغنى من زكاة وصدقة وكفارات يجب فيها الذبح ليسعد الغنى والفقير معا، فتتلاشى الاحقاد منبع التعاسة الاقتصادية ويحل بدلا منها السعادة الاقتصادية

__________________

* كاتب مصري وخبير اقتصادي
 

المقال لا يعبر عن موقف أو راي الجزيرة مباشر وإنما يعبر عن رأي كاتبه