الرئيس السوري الجديد.. من يكون؟!

 

في تغريدة له على تويتر صرّح “إيدي كوهين” أنّ تموز “يوليو” سيشهد نهاية الأسد، وأنّه سيتم اختيار رئيس جديد لسوريا وتساءل: “هل سيكون فهد المصري الرّئيس الجديد لسوريا”؟

 تعودنا بعد انكشاف المستور واللعب العلني وبعد ثورة الاتصالات وتحوّل العالم إلى قرية صغيرة على تصريحات المسؤولين الصّهاينة الذين يقولون بالفم الملآن إنّ الحكّام العرب قاطبة لا يستطيعون التحرّك أو التّنفس أو التّصرف في شؤون بلادهم إلا بأوامر إسرائيلية، وإن كان البعض لا يتلقّون الأوامر فهم يقومون بتفاهمات واتفاقيات تضمن لإسرائيل أن تكون كلمتها العليا دائماً.

العولمة جعلت شخصاً صهيونياً يدعى إيدي كوهين صديقاً لملايين العرب في العالم يتابعون منشوراته ويناقشونه وأيضاً ينقلون عنه أخباراً يعتقدون يقيناً أنّها صحيحة وحقيقية.

التّأثير الذي أحدثه إيدي كوهين في عالم وسائل التواصل الاجتماعي فاق تأثير الحكّام الصّهاينة وقارب إلى حدٍّ ما تأثير رأس المال الصّهيوني في القرارات التي تتخذها الدّول الكبرى بشأن الشّرق الأوسط.

إيدي كوهين المولود في بيروت يتحدّث اللغة العربية بطلاقة وهو رجل المخابرات الإسرائيلي ورسول السّلام إلى العالم العربي! ينبّه الشّعب العربي من غفلته ويحرّضه على حكّامه الذين يستغبونه باستمرار.

لم يطلق إيدي كوهين تساؤله من الفراغ، إنّه يريد توجيه أنظار السّوريين إلى شخص أعلن معارضته للنظام السّوري قبل الثّورة السّورية.

من هو فهد المصري؟

فهد المصري سوري من مواليد 1970 ولد في حي الميدان الدّمشقي من أسرة محافظة، درس الأدب العربي في جامعة دمشق ولم يكمل دراسته وهاجر إلى أوربا واستقرّ في فرنسا منذ 24 عاماً، حصل هناك على درجة ماستر في الإعلام ودرس في معهد الدّراسات الشّرقية في باريس، يتقن ثلاث لغات.

يروّج محبو المصري أنّه بدأ نضاله منذ كان طفلاً حين شتم حافظ الأسد وطرد من المدرسة، ثمّ طرد من الجامعة للسبب نفسه.

وفي هذه الأقوال الكثير من المغالطة فلم يكن عقاب من يشتم الأسد الطرد لو أنّه فعل هذا لقتل مباشرة! وقيل إنّه اعتقل ثلاث مرّات.. وتعرض لاعتداءات جسدية من أنصار النّظام السّوري في باريس إثر كتاباته في مجلة “المنتوف” التي أصدرها عام 2005 وأوقف صدورها بعد ثلاثة أعوام. عمل مذيعاً في بداية الثّورة السّورية بلندن وظهر متحدثاً باسم القيادة المشتركة للجيش الحرّ.. عام 2016 أعلن عن تأسيس جبهة الإنقاذ الوطني.

اختلفت الآراء حول فهد المصري الذي طُرح اسمه أخيراً بديلاً  للأسد، البعض يراه معارضاً شرساً ويدافع عنه من خلال أقواله بأنّه لا يطمع في الرّئاسة ولم يطرح نفسه بديلاً للأسد، ولا يودُّ التّرشح للرئاسة.. والبعض يلقبه بـ”سادات سوريا” في إشارة إلى أنّه يُجهّز للقيام بدور السّادات في اتفاقية سلام مع إسرائيل بعد استلامه للسلطة.

تناغم بين كوهين والمصري.

كتب فهد المصري بعد تغريدة كوهين في حسابه على تويتر: “علينا أن ندرك أنّ الدّكتور إيدي كوهين هو باحث وأستاذ جامعي في جامعة بار إيلان وليس مجرد مغرد وناشط على مواقع التّواصل الاجتماعي هو باحث معتبر في أحد أهم مراكز الأبحاث الإسرائيلية”

لم يكتفِ فهد المصري بهذه التغريدة، بل قدّم فيديو مُوجّه إلى السّوريين خاطبهم فيه كرئيس منتظر بقوله “يا أبناء وطني!”. فهد المصري ألقى حجراً جديداً في المياه الرّاكدة لم يكتفِ بالتّصريح أنّ حكم الأسد سينتهي في شهر تموز القادم بل تنبأ بمقتله.

السّرعة التي استجاب بها المصري لتغريدة كوهين تدلُّ على أنّ الأمور لم تخلق هكذا في يوم وليلة، ولم تكن وليدة تغريدة فالمصري أبدى استعداده للتعاون مع إسرائيل عام 2016 في خطاب متلفز وجهه للشعب الإسرائيلي متمنياً أن يتحدّث إلى الشّعب الإسرائيلي من الكنيست إسوة بالرّئيس الرّاحل أنور السّادات.

من هذا الخطاب المتلفز نعرف حجر الأساس الذي أقام عليه إيدي كوهين نبوءته، في الواقع لم تكن تغريدة إيدي كوهين نبوءة في حال من الأحوال وأيضاً لم تكن مجرد حجر ألقي في بركة ماء الهدف منه تحريك السّوريين الذين استنفروا بالسّرعة القصوى على مواقع التّواصل لشتم المصري والسّخرية منه والتّفتيش في دفاتره العتيقة واتّهامه بالعمالة لإسرائيل والحجة موجودة وجاهزة.

البعض كان مهادناً في إلقاء التّهم واكتفى بالقول “لنتخلّص من الأسد وعائلته ونظامه وليحكمنا كلب ولا مشكلة سنجد حلاً له فيما بعد”.

الخلاص هو ما يريده السّوريون، الخلاص من نظام بشّار الأسد وعائلته وحكمه. معظمهم لا يجدون مشكلة مع المصري الذي أعلنها صراحة في خطابه الموجّه إلى الشّعب السّوري إنّه يريد إنهاء عائلة الأسد ونظامه والتّخلّص من حكم إيران وحزب الله ولم يلمِّح مجرد تلميح إلى الاحتلالات الأخرى من قبل الدّول العظمى ولم يأتِ على ذكر شيء مما تفعله في سوريا، لكنّه ذكر الإرهاب وقسّم الفصائل المسلّحة إلى قسمين قسم سيقوم بالقضاء عليه وقسم سيستوعبه الجيش الوطني.. ولم ينسَ أيضاً طمأنة الطّائفة العلوية خاصة هؤلاء الذين لم تتلوث أيديهم بدماء السّوريين!

سواء كانت تغريدة إيدي كوهين من باب جس نبض السّوريين ومعرفة موقفهم أم من باب التّغطية على الشّخص الحقيقي الذي تُعدّه إسرائيل وأمريكا لاستلام السّلطة في سوريا بعد الأسد فقد حقّق إيدي كوهين الغاية من تغريدته كما يفعل دائماً في أيّ مهمة موكلة إليه من المخابرات الإسرائيلية تماماً كما كان الجاسوس الإسرائيلي “كوهين” يفعل في سوريا أثناء تحضير الأسد الأب لحكمها.

في مطلق الأحوال لن يكون الرّئيس السّوري الجديد شخصية يُجمع عليها الشّعب السّوري، فقد علَّمنا التّاريخ القريب أنّ السّلطة الحاكمة يتم هندستها بما يلائم مصالح أقوى دولة من الدّول المتصارعة على الأرض المستباحة، ولنا في أفغانستان والعراق والشّيشان أمثلة ساطعة على ذلك.

 

 

 

المقال لا يعبر عن موقف أو راي الجزيرة مباشر وإنما يعبر عن رأي كاتبه