الدعارة في دمشق : حكاية كتيبة الترفيه لصالح الجنود الروس!

الطبيعي جداً أن يحدث أي فعل ردة فعل مضادة ومساوية له بالقوة، والفعل الذي حدث في سوريا (ثورة الحرية والكرامة) استطاع النظام أن ينزع عنه صفة الحرية والكرامة ويلبسه لبوس التطرف الديني والإرهاب الديني، ساعده في ذلك كل الإعلام العربي والدولي حتى بات الكثير من المثقفين العرب والغرب على قناعة تامة أن ما حدث موجة إرهاب ديني، وطبعاً أول من صدق ذلك دونما تفكير هم جماعة الموالين والمؤيدين لنظام الأسد ممن جعلوا من أنفسهم ذلك الخزان البشري الذي يمده بالمقاتلين _طوعاً أو كرهاً_ ومن مختلف الطوائف السورية.

بوادر الانحلال الأخلاقي

ولأنّ الفعل قد أخذ صورة الهجوم الإرهابي الديني فمن الطبيعي إذاً أن يكون ردّ الفعل معاكساً ومبالغاً فيه على المقلب الآخر؛ فكان أن بدأت تظهر أولى بوادر الانحلال الأخلاقي على سبيل الظهور بمظهر المنفتح والمتحرر؛ فتشكلت كتيبة نسائية سميت بكتيبة الترفيه وكانت خدماتها تُقدم للجنود والضباط الروس في سوريا خاصة بعد كل انتصار يحققونه على المدنيين بصواريخهم الباليستية أو طيرانهم أو أسلحتهم الجديدة التي تمّ تجريب أكثر من ثلاثمئة نوع منها.

ثم أخذت مظاهر التّحرر والتّحلل تظهر بشكل تدريجي وتزداد في شوارع دمشق حتى أنّ النظام ذاته قد ضاق ذرعاً بكثرتها فأذاع خبر إلقاء القبض على أكبر شبكة دعارة ولواطة وتجارة المخدرات في دمشق واعتقل أسماء مشهورة من فنانين وضباط ورجال أعمال وقد يكون بهذه العملية قد أراد التخلص من بعض الوجوه فقام بما قام به لكن ذلك لا ينفي وجودها.

طبقة جديدة من العاهرات

لقد بالغ الموالون بردة فعلهم خاصة بعد عملية التهجير القسري والتغيير الديمغرافي التي شهدتها مناطق كثيرة في سوريا عامة وفي دمشق وريفها خاصة، ومع غياب الأمن وانتشار الميليشيات الإيرانية وتعاظم نفوذ رجال العصابات التي تقاتل إلى جانب النظام وصل التحلل إلى شوارع العاصمة جميعها ولم يعد حكراً على الملاهي الليلية وبيوت الدعارة ..
ونشأت طبقة جديدة من العاهرات صاحبات النفوذ الذي قد يصل إلى فك رقبة من حبل المشنقة _كما صرحت إحداهن_ إذاً لقد باتت الدعارة جسر عبور إلى النفوذ والسطوة ولم تبق مجرد مورد رزق خاصة في مجتمع تخنقه الأزمات الاقتصادية المتتالية ومن المرتقب هبوط الليرة إلى مستوى غير مسبوق قد يصل إلى أن تكون الألف بدولار واحد.

ظاهرة الرقص في كل مكان

ردة الفعل المبالغ فيها تفسر حالة الرقص الذي بات ظاهرة محيرة في سوريا فمؤيدو الأسد يرقصون في طوابير البنزين ويرقصون في طوابير الخبز والغاز ويرقصون بعد القصف الإسرائيلي، يرقصون لجوعهم ويرقصون لإذلالهم. وكله في سبيل محاربة الإرهاب يهون.
وإذا صدف وأن رفع أحد العقلاء صوته متعاطفاً مع جوعهم ينتفضون في وجهه يكيلون له تهمة الخيانة ووهن نفسية الأمة المقاومة والممانعة، كيف يمكن لشعب أن يتحول إلى هذه الحالة القطيعية المنفصلة عن أدنى درجات العقل؟ السر في العلف.
يقول أحد الفيسبوكيين: ففي هذا العلف ما يجعل أحدهم يتماهى مع سيده فإذا قال السيد نحن نقاوم رددوا خلفه نحن نقاوم، دون أن يلتفت أحدهم إلى وجود خمسة أعلام غريبة على أرضه.
نقاوم! تقصفنا إسرائيل فنقصف سراقب، تقصفنا إسرائيل فنعيد لهم جثة كوهين، تقصفنا إسرائيل فندمر المعرة وجرجناز وبقية ريف إدلب.
ربما هم على قناعة تامة أنّ من قام بالثورة هي إسرائيل الموجودة في الداخل السوري، لذلك لم يكلف أحدهم نفسه عناء الاعتذار عن مليون قتيل ومليوني مشوّه وعشرة ملايين مهجر لكنهم يعتذرون عن خطأ فني وقع فيه موظفو قسم رقابة البرامج حيث ظهرت في الفلم الكارتوني صديقة ساسوكي عارية الصدر. متجاهلين تماماً أن دمشق برمتها باتت عارية يطؤها المحتلون والغرباء وطئاً فاحشاً. وبعد أن كانت قلباً عربياً أضحت ترطن بلغاتٍ غريبة.

دعارة في كل المجالات

لقد استطاع النظام بحق سحق القوة الحقيقية للشعب السوري بفضل تواطؤ العالمين العربي والغربي معه واستطاع الوصول بسوريا إلى قاع الدولة الفاشلة سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، وما يزال للحظة يتمسك بكرسيه المصنوع من جماجم وعظام السوريين، وما يزال للحظة يبرهن للعالم أجمع أنه يقاتل الإرهاب المتمثل بشعبه. وهو بذلك يضيف للدعارة معان جديدة فالدعارة المجتمعية لابد وأن تترافق مع دعارة اقتصادية ودعارة سياسية ودعارة عسكرية.

 

 

المقال لا يعبر عن موقف أو راي الجزيرة مباشر وإنما يعبر عن رأي كاتبه