الخطيب والسوبر المصري السعودي!

في مصر، كل المسئولين يشبهون السيسي، مفصلون على نفس مقاسه، يدينون بدينه، ويستنون بسنته، بوصلتهم مضبوطة في اتجاه واحد نحو دول الخليج، وسفينتهم ترسو حيثما كان الرز، فأمام الرز تسقط الهيبة، وتنهار كل قيم ومبادئ، حتى وإن كانت في تاريخ وسمعة مبادئ النادي الأهلي، أو قلعة المبادئ كما يحلو لدراويش ومريدي النادي أن يلقبوه بها.

خر راكعاً

 وأمام الرز السعودي خر محمود الخطيب رئيس النادي راكعا، راجعا متراجعا عن موقف سابق كان قد اتخذه مجلس إدارة النادي بعدم المشاركة في مباراة السوبر المصري السعودي، وهي المباراة التي كانت إحدى مباراتين اقترحهما تركي آل الشيخ رئيس هيئة الرياضة بالمملكة السعودية عندما منحه الأهلي الرئاسة الفخرية. المباراة الأولى تقام بالرياض وتكون بين الأهلي باعتباره بطل الدوري المصري، والهلال باعتباره بطل الدوري السعودي، على أن تحمل الكأس اسم عبد الفتاح السيسي، والمباراة الثانية تقام بالقاهرة وتجمع بين الزمالك باعتباره بطل كأس مصر واتحاد جدة باعتباره بطل الكأس السعودي، وتحمل الكأس اسم الملك سلمان. وتدور الأيام وتتوالى الأحداث، ويقع الصدام فوق الصدام بين مسؤولي الأهلي وتركي آل الشيخ، وعلى إثرها هتفت جماهير الأهلي ضد آل الشيخ، وهو ما أدى إلى انسحابه من مصر تماما وإيقاف كل استثماراته المتمثلة في ملكية نادي بيراميدز، وقناة فضائية تحمل نفس الاسم..

رفض المشاركة

وأهم وأعنف تلك الصدامات تمثل في رفض الأهلي المشاركة في مباراة السوبر المصري السعودي، لتعارضها مع ارتباطات النادي الرسمية، أفريقيا ومحليا، وبعد معركة شد وجذب، وسيب وأنا أسيب، وبيانات يصدرها الأهلي، يقابلها بيانات سعودية، ومعارك فيسسبوكية، وهاشتاجات تويترية، أشهرها هاشتاج “طال عمره”، وهاشتاج “سوبر مين يا عم كأس أفريقيا أهم”، استقر الأمر على تمسك الأهلي بموقفه ورفضه المشاركة في المباراة، وهو ما ترتب عليه قرارات سعودية أكثر حدة وأشد عنفا بإلغاء عقد الرعاية المبرم بين شركة صلة السعودية والأهلي والذي قيمته خمسمائة مليون جنيه مصري، وعليه تم الاتفاق مع الزمالك بأن يلعب هو المباراتين بدلا من مباراة واحدة، وبالفعل لعب الزمالك المباراة الأولى أمام الهلال بالسعودية، وهي المباراة التي كان مقررا أن يلعبها الأهلي، وفاز الزمالك بكأسها، وتحدد الثامن من نوفمبر المقبل موعدا للمباراة الثانية بالقاهرة أمام اتحاد جدة.

فقد كرشه

 وهنا قلنا أن الملف أغلق والقضية حفظت وقضي الأمر، إلا أننا فؤجئنا بتجدد الحكاية بل وبتطور جديد وكبير، وهو أن الأهلي وافق على لعب مباراة السوبر أمام اتحاد جدة، ورأينا تركي آل الشيخ الذي غاب عن الأحداث وعن “فيسه وتويترته” قرابة الشهر، وظننا أنه غاب لتأثره نفسيا بسباب جماهير الأهلي ضده أمه، رأيناه يظهر من جديد وقد فقد كرشه، فقد اتضح أنه كان يجري عملية قص معدة بأمريكا، عاد الرجل أكثر رشاقة وأهدى نفسا رغم المصيبة السوداء التي يعيشها سيده محمد بن سلمان، وربما يكون هدوءه النفسي سببه أنه ضمن عدم الزج باسمه في جريمة قتل جمال خاشقجي خاصة وأنه أحد مستشارين لبن سلمان، الثاني هو سعود القحطاني أحد المتهمين في جريمة خاشقجي، فهو أثناء الجريمة كان في المستشفى يخضع لعملية جراحية.

طريقة التعامل مع الأهلي

المهم أن النيولوك الذي ظهر به آل الشيخ لم يكن في التخلص من كرشه فحسب، وإنما كان في طريقة تعامله مع إدارة النادي الأهلي وبالتحديد الخطيب، فبعد أن كان الشيخ يسخر كل إمكانياته المادية والإعلامية للهجوم على عليه، عاد ليصفه بالأخ الشقيق ويؤكد حبه واحترامه وتقديره له، بل والأهم هو الثناء على جماهير الأهلي وتأكيده على الاعتزاز بها، وفي المقابل يصدر الأهلي بيانا يعلن فيه عن بالغ سعادته بعودة العلاقة الطيبة مع تركي آل الشيخ، وترحيبه الكامل بلعب مباراة السوبر، وعن أسباب التحول المفاجئ والعنيف في موقف الخطيب، لا تسأل، فالمعنى في بطن الشاعر، وبطن الشاعر مكشوفة، والبوصلة لابد وأن تعود إلى وجههتا الطبيعية، لا شرقية ولا غربية، وإنما في اتجاه الرز، فالمنهجية السيساوية لابد وأن تنتصر على أي مبادئ حتى وإن كان عمر هذه المبادئ مائة وإحدى عشرة سنة، هى عمر النادي الأهلي!

المقال لا يعبر عن موقف أو راي الجزيرة مباشر وإنما يعبر عن رأي كاتبه