الحقيقة الغائبة في قضية هشام عشماوي!

هشام عشماوي

 

وإذ فجأة يتم الإعلان عن تسلم اللواء عباس كامل مدير المخابرات المصرية العامة، لضابط الجيش السابق “هشام عشماوي” زعيم تنظيم “المرابطون”، فتخرج البنت وأمها في فرح وابتهاج، بهذا النصر الكبير!

مدير المخابرات المصرية كان في زيارة لضابط الجيش الليبي “المطرود” خليفة حفتر، وهناك تم تسليمه الضباط المصري المفصول “هشام عشماوي”، والذي ألقت مليشيات حفتر القبض عليه في أكتوبر من العام الماضي، وتجاهلت طلباً مصرياً بتسليمه، لأن القوم هناك معنيون بالمعلومات التي في حوزته، بعدها أصبحوا فيه من الزاهدين، فتقرر تسليمه للجانب المصري، رداً للجميل في الانحياز لشرعية حفتر، والوقوف معه في المنشط والمكره!

صيد ثمين:

ولا ينكر أحد أن “هشام عشماوي” صيد ثمين، نظراً لما مثله من تهديد أمني، فتنظيمه “المرابطون” مسؤول عن عمليات إرهابية كبيرة، مثل حادث الواحات، وكمين الفرافرة، لكن الفرح بتسليمه بدا كما لو كانت انتصاراً للجيش المصري، وكما لو كان تم الإيقاع به بعملية استخباراتية مصرية، أعادت للأذهان العمليات الكبرى في تاريخ المخابرات المصرية، والتي ربما لا يعرفها كثير من المصريين إلا من خلال الدراما!

حالة الفرح المبالغ فيها عبر منصات التواصل الاجتماعي، صورت عملية القبض على المذكور كما لو كانت قد تمت حالاً، ولأنه سبق الإعلان عن أن مليشيات خليفة حفتر ألقت القبض عليه، فقد شكك البعض في الموضوع برمته، لأن أجواء الفرح تجاهلت أن كل الدور المصري في الأمر، هو أنها تسلمته من قبل الجانب الليبي، فلا انتصار هنا يذكر، وإذا كان الإيقاع به عملية تستحق الإشادة، فإن الأولى بها هو الجانب الليبي!

في عهد مبارك، تسلمت مصر عشرات من المطلوبين في الخارج، بدون هذه “الغاغة” الدعائية، وبدون إقامة الأفراح والليالي الملاح، بيد أن القوم كانوا يبحثون عن أي انتصار، فالرغبة عندهم في الفرح قائمة، وتبحث عن مجرى لها للتصريف، فلما كان افتتاح ” أعرض كوبري” في العالم، تعاملوا على أنه انجاز أهم من الأهرامات، فلما علموا بعملية تسليم الإرهابي “هشام عشماوي”، كان شعارهم مع هذا الانتصار: هذا ربي هذا أكبر!

من خير أجناد الأرض:

وفي أجواء الاحتفاء بالانتصار الكبير، ضاعت مجموعة من الحقائق، ليس أهمها أن القبض على هذا الصيد الثمين الفضل فيه يرجع لمليشيات خليفة حفتر، تماما كما كانت عودة القوة المصرية التائهة في صحراء ليبيا يعود الفضل فيها للجيش السوداني، وهى قوة يقولون في مصر أنها كانت تائهة، في حين يقول السودانيون: بل كانت مختطفة!

والحقيقة الغائبة في الموضوع أن “هشام عشماوي” وتنظيمه الذي شكله من أربعة ضباط بالجيش المصري، ليسوا جزءاً من الثورة المصرية، وليسوا أعضاء في جماعة الاخوان المسلمين، وليسوا من أنصار شرعية الرئيس محمد مرسي، وليسوا جزء من مكونات المعارضة المصرية، في الداخل أو في الخارج، ولكنه من خير أجناد الأرض، تماماً كما كان قتلة السادات من خير أجناد الأرض، لانتمائهم للجيش المصري، فهشام عشماوي هو ضابط بالصاعقة، وكان يمكن أن تشمله أغنية وقالوا ايه علينا دولا وقالوا ايه. وهو النشيد الذي تم فرضه على المدارس في العام الماضي، وتم التوقف في العام الحالي بعد أن أصبح يتم الترويج له من باب السخرية، التي ضاعف منها ليس فقط ركاكة الكلمات، ولكن النطق الريفي لكلماتها، كما في حالة مدير مدرسة بالصعيد!

الانتصار هو في القبض على هشام عشماوي وتنظيمه، أما تسلم مصر له فهو “تحصيل حاصل”!

فلنعود من جديد لمولد سيدي الكوبري. فأقترح أن نحوله إلى مزار يضاف إلى مزارات أولياء الله الصالحين!

 

 

المقال لا يعبر عن موقف أو راي الجزيرة مباشر وإنما يعبر عن رأي كاتبه