الحب والعنصرية في المونديال

نشرت مجلة “دير شبيجل” الألمانية مقالاً اعتبرت فيه أن الساحات أمام الاستادات التي تتباري فيها المنتخبات العالمية تتحول إلى سوق للتعارف

تجمعت كل المتناقضات في مونديال موسكو عام 2018، وجعلت منه بازاراً شاملاً جامعاً يوحد بين كل الباحثين عن المتعة كل بطريقته الخاصة، لم تكن كرة القدم فيه هي المتعة الوحيدة التي هرع الناس من أجلها، بل كان هناك أيضا باحثون عن متعة الحب، والزواج، والتجارة، والحرية، وربما فرص للعيش مع زوجات في أوطان جديدة.. لا يهم أين ولا مع من؟!   

أكثر المسافرين شباب من كل الجنسيات العربية خاصة الدول الممثلة في المونديال مثل المغرب، تونس، مصر والسعودية.. حوالي 12 ألف تونسي، و14 ألف مصري، وتقريبا نفس العدد من المغرب.. ذهبوا مجتمعين تحت راية كرة القدم لكن مآربهم اختلفت فيما يبحثون عنه، بعضهم اختصر الطريق وراح يكد في البحث عن زوجة روسية معتبرا أن الفرصة لن يجود الزمان بتكررها ، فهو في بلاد لا تخجل فيها النساء أيضا من البحث عن زوج أجنبي خاصة وأن النساء في روسيا يَفُقْن في العدد الرجال.

النساء في روسيا جميلات، ولسن كلهن نحيفات أو أجسامهن ممشوقة، وهو ما يتوافق مع الذوق العربي الذي يفضل الجسم الممتلئ.

نشرت مجلة “دير شبيغل” الألمانية مقالاً اعتبرت فيه أن الساحات أمام الاستادات التي تتباري فيها المنتخبات العالمية تتحول إلى سوق للتعارف خاصة بين الشبان القادمين وراء فرقهم للتشجيع وشابات روسيات قدمن للبحث عن المغامرة مع الغريب رغم أن بعضهن متزوجات.  

سؤال عن الشروط 

السفير التونسي في موسكو صرح للصحف بأن السفارة التونسية في موسكو تلقت اتصالات عدة تسال فيها شابات روسيات مهتمات بالزواج من شباب تونسي عن الشروط، بل إن البعض تزوج بالفعل حتى قبل انقضاء المونديال!

لأول مرة يأخذ الحب في المونديال طابعا شبه رسمي، لقد أوصى الاتحاد الأرجنتيني لكرة القدم الإعلاميين المرافقين لفريقهم بأن يهتموا بالنظافة، والملبس، ويحافظوا على أناقتهم من اجل إثارة إعجاب الروسيات، لأن أغلبهن يفضلن الرجل الذي يعتني بنفسه، والذي يعطي للمرأة حقها كأنثى، فيما طالب برلماني روسي النساء في بلاده بعدم التحفظ في الحب مع ضيوف المونديال!!

المرأة الروسية بشكل عام أكثر انفتاحا في الزواج من الرجل الأجنبي علي عكس دول أوربية أخرى تتحفظ النساء فيها على الزواج بأجنبي. إن الروسيات تفضلن البحث عن حياة أفضل في عالم جديد، أو كما تقول بعضهن أنه هروب من الرجل الروسي الذي لا تراه وسيما علي عكس الرجل الأجنبي.

بيزنس المنتخب المصري

أغرب أنواع التجارة والبيزنس التي عرفت طريقها للمونديال هو ما أقدم عليه لاعبوا المنتخب المصري، إذا قيل إن عصام الحضري اتفق من شبكة تليفزيون عربية على أن يقوم بتجهيز مقابلا ت مع لاعبي المنتخب المصري في غرفهم الخاصة في الفندق مقابل ثلاثة آلاف دولار علي” الرأس” الواحدة ـ ناهيك عن ما يتقاضاه اللاعب نفسه كل حسب ثقله في المنتخب. أيضا بيعت التذكر المخصصة لأفراد للبعثة المصرية وأسرهم في السوق السوداء.. فيما تواردت أنباء عن اختفاء 500 تذكرة خاصة بالمنتخب المصري، واستيلاء عضو اتحاد الكرة المصري مجدي عبد الغني على عدة أطقم من ملابس المنتخب عنوة وبدون وجه حق، كل هذا الفساد كان من الأسباب التي عجلت بالخروج المبكر جدا للمنتخب المصري وتذيله الموقع قبل الأخير في ذيل قائمة المنتخبات المشاركة في المونديال.

حضور الديكتاتور

السياسة لم تكن بعيدة عن عالم المونديال هي الأخرى، فقد حرص كل ديكتاتور على أن “يحشر” نفسه في دعايات المنتخب الخاص ببلاده، وهذا طبع قديم في الديكتاتوريات مازال موجودا حتى الآن، فهم ينتهزون تلك الفعاليات العالمية لتلميع أنفسهم أمام العالم، وخير شاهد علي ذلك اهتمام الرئيس الشيشاني بالمنتخب المصري خاصة لاعبه محمد صلاح حتى إنه منح صلاح حق المواطنة الشيشانية مما عرض صلاح لهجوم بعض الصحف الانجليزية التي حذرته من الوقوع في شرك ومؤامرات الديكتاتوريات.

الرئيس بوتن كان حاضرا بقوة، إذ نجح في عرض صورة لبلاده مختلفة عن الصورة التي رسخت في أذهان الناس عن روسيا الديكتاتورية، ودول الستار الحديدي، فقد ظهر الانضباط والأمن في المونديال بشكل جيد، وظهرت التقنيات والمنشآت الرياضية علي أعلي مستوى، وحافظ الروس على وجه بلادهم، حتى أن الفريق الروسي لكرة القدم أبلى بلاء حسنا رغم تشكيك الكثيرين من النقاد الرياضيين في قدراته!  

حضور العنصرية

وللأسف مشاهد العنصرية أرخت بظلالها هذه المرة على المنتخب الألماني، فبعد خروج “المانشفت” من الدور الأول.. اتهم يمنيون متطرفون، وأعضاء من حزب البديل العنصري اللاعبين من ذوي الأصول التركية مسعود أوزيل والكاي جوندوجان بأنهما السبب في خروج المنتخب، وكانت صحيفة بيلدتسايتونغ قد قادت حملة شعواء ضد اللاعبين بعد أن ظهرا في صورة مع الرئيس التركي طيب رجب أردوغان أثناء زيارة للمملكة المتحدة قبل وقت قصير من انطلاق المونديال، طالب على إثرها البعض استبعاد اللاعبين من المنتخب بحجة عدم ولائهم للمنتخب الألماني.

لكن الحق يقال إن الكثيرين من الألمان رفضوا هذه الاتهامات العنصرية البغيضة، وأشادوا بأداء اللاعبين، واعتبروا أن الكراهية والتحريض ضد اللاعبين أمر مفزع، رغم أنها للأسف تعكس جزءا كبيرا من حقيقة المجتمع الألماني الحالي.

 

 

المقال لا يعبر عن موقف أو راي الجزيرة مباشر وإنما يعبر عن رأي كاتبه