الثورة الممر الوحيد للانتصار في معركة سد النهضة

 يواجه المصريون اختبارا صعبا خلال الأيام القادمة بعد إعلان إثيوبيا اعتزامها ملء سد النهضة خلال السنوات الثلاث القادمة.. جاء إعلان اثيوبيا متزامنا مع إعلان الخارجية المصرية والرئاسة فشل المفاوضات حول سد النهضة.. ثم جاء إعلان السيسي توجهه لطلب تدخل طرف خارجي في الأزمة ما يمثل إعلان نهاية التفاوض مع إثيوبيا.. لحق كل هذا فوز رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد بجائزة نوبل للسلام ليعقد الموقف المصري أكثر على مستوى التفاوض في معركة سد النهضة.  

بداية خسارة معركة السد باتفاقية إعلان المبادئ:  

لقد بدأت مصر مشوار الخسارة في معركة سد النهضة بتوقيع السيسي على اتفاقية إعلان مبادئ سد النهضة في مارس ٢٠١٥، وهذه الاتفاقية التي ألغت كل اتفاقيات دول حوض النيل حول النهر النيل..

إن الاتفاقيات السابقة لإعلان المبادئ الذي وقعه السيسي كانت تحافظ على حصة مصر من مياه النيل طوال العقود الماضية، والقادم من السنوات وتمنع دول المنبع من إقامة أي مشروعات على النهر إلا بموافقة دول المصب وهى مصر والسودان..

بتوقيع السيسي على اتفاقيه المبادئ تنازل بكل يسر وسهولة عن أمن مصر القومي وعرض أمن مصر المائي للخطر..

والآن تتعرض مصر لواحدة من أكبر المشاكل التي تواجه أيضا أجيالا قادمة، وهي مشكلة بناء سد النهضة ونقص نصيب مصر من مياه النيل بما يعادل أكثر من ٢٥ مليار متر مكعب من المياه إذا استكملت إثيوبيا ملء النهر خلال ثلاث سنوات، وهو ما يمثل نحو نصف حصة مصر الحالية.

الاتفاقية التي لا يعلم المصريون عنها شيئا:

لم يكن غريبا على ديكتاتور ترمب المفضل وتابع نتنياهو وصديقه ألا يستمع لآراء المصريين الذين حذروا من خطورة إقامة سدود على النيل.. لم يكلف السيسي نفسه ليرى مواقف الرؤساء والمسؤولين المصريين من سد النهضة، ألم يشاهد تصريح وزير الدفاع الأسبق المشير محمد عبد الحليم أبو غزالة عن خطورة إقامة مشروعات على النهر الذي يعتبر شريان الحياة لمصر..

إن السيسي يري نفسه –كما قال- طبيب الفلاسفة يعرف المشكلة ويحددها ويحلها دون حاجه لدراسات جدوى، هذا الديكتاتور لا يسمع إلا نفسه؛ فكان من الطبيعي ألا يسمع أو يشاهد أو يبحث عن مواقف سابقيه..

لم يجد السيسي أمامه إلا ثورة يناير وثوارها ليضع المسؤولية عليهم، إنه الهروب من التفريط والخيانة إلى التنصل منها وإيجاد ذريعة لها..

إن أغرب ما في اتفاقية سد النهضة التي وقعها السيسي أن الشعب المصري ومجلس نوابه وخبراء وزارة الري لم يطلعوا عليها فالقاعدة السائدة في مصر على لسان السيسي: “هو أنا غرقتكم قبل كده عشان أغرقكم تانى”.. الحقيقة أن السيسي سيعطشنا مستقبلا كما عطشنا كثيرا في مجالات كثيرة خلال سنوات حكمه البغيضة!

 لا وجود لطرف آخر عند الخلاف بين دول حوض النهر:

لا يجد السيسي الذي أوقعنا في تلك الكارثة إلا أن يعلن أنه سيلجأ للولايات المتحدة الأمريكية لتكون وسيطا بينه وبين إثيوبيا في حل مشكلة سد النهضة..

الحقيقة أن السائد والمعتقد لدى معظم المصريين أن الوسيط سيكون الكيان الصهيوني في مقابل أن تصل مياه النيل إليه..

إن توصيل المياه هو حلم الكيان الصهيوني منذ سنوات طويلة وقد بدا على مرمى البصر، إذ بدأ السيسي مشوار توصيل المياه لإسرائيل منذ بداية حكمه حين أنشا ست سحارات مياه من ميزانية الدولة المصرية..

كانت حجة عمل السحارات توصيل المياه إلى سيناء.. وليس لنا أن نتساءل أي مياه تلك التي ستصل سيناء ومصر تعاني من نقص المياه التي تحتاجها أصلا، وهناك مشكلة السد؟!

ولا أن نتساءل لماذا يتم هدم سيناء على أهلها وتهجير أبنائها، وفى نفس الوقت نقوم بإنشاء سحارات توصيل مياه إليها؟!

لقد كانت النية مبيته لدخول الكيان الصهيوني كوسيط لحل أزمة السد التي أسسها وعمل على وجودها وتصعيدها السيسي منذ أيام حكمه الأولى؛ فهذا واحد من الأدوار التي يسانده من أجلها ترمب وتدافع عن وجوده إسرائيل..

ويبقى أن نشير إلى أن بنود الاتفاقية تمنع تدخل أي أطراف خارجية لحل المشاكل التي تنشأ بين الدول الموقعة عليها وهي مصر والسودان وإثيوبيا. وأن يتم حل المشاكل بين الثلاثة عن طريق لجنة تكون من رؤساء الوزراء في الدول الثلاث.

مصر بين المطرقة والسندان:

أوقع السيسي (كعادته) مصر بين مطرقة العطش بقبول الخطة الإثيوبية في ملء خزان سد النهضة، وبذلك تتعرض مصر إلى كوارث زراعية وإنسانية كبيرة أو القيام بعمل يوقف استكمال ملء السد حتى يمكنها الحفاظ على حصتها من مياه النيل التي حافظت عليها سنوات التاريخ..

أما السندان التي تقع تحته مصر فهو اللجوء إلى الكيان الصهيوني كوسيط مع إثيوبيا لتمرير المياه لمصر في مقابل مرور مياه النيل إليه إلى عبر السحارات التي أنشأها السيسي تحت قناة السويس..

ولم لا والكيان الصهيوني واحد من أهم الممولين لسد النهضة بالإضافة إلى تعاونه الكبير مع حكومة إثيوبيا وبذلك يصبح الكيان الصهيوني هو المتحكم في نهر النيل..

إن الحلول التي يمتلكها السيسي في موضوع سد النهضة حلول مريرة تحوي تنازلات أكثر ودعم غير مسبوق لإسرائيل..

إن تلك الحلول هي هدية أخري يقدمها الديكتاتور المستبد في مصر للصهاينة، كما قدم لهم من قبل خليج العقبة على طبق من فضة حينما تنازل طواعية للسعودية عن جزيرتي تيران وصنافير ليصبح خليج العقبة خليجا دوليا وليضع قدم اسرائيل في الممر.

الثورة على النظام ومحاكمة السيسي الحل الوحيد:

 يقف الشعب المصري اليوم موقف صعبا في مواجهة تلك المشاكل التي يصنعها طبيب الفلاسفة! والذي لا يستمع لأحد سوى صوت تنازلاته وخياناته للشعب..

لقد مر التنازل عن الأرض بمقاومة من بعض المصريين.. مرت الأزمات الاقتصادية والاجتماعية الطاحنة عليهم على أمل أن يكون الغد أفضل، وقد فرغ السيسي مصر من كواردها والسياسيين والثوار وألقى بهم في سجونه التي بناها (٢٠ سجنا خلال ست سنوات) لكن لم يعد أمام الشعب سبيل سوى الثورة على نظام السيسي وخلعه ومحاكمته على التفريط في الارض وفى النهر..

إن ثورتنا هي السبيل الوحيد الآن لكي نعيد الأمور إلى نصابها الصحيح مرة اخرى.. حيث إن محاكمة السيسي بتهم التفريط والفساد والخيانة هو الممر الوحيد لمصر في الخروج من أزمات التنازل عن تيران وصنافير ..

ومن مشكلة سد النهضة الذي سيصبح كارثة إنسانية على مصر حال ملؤه خلال ثلاث  سنوات سواء كانت الكارثة بالعطش والخراب أو إذا تعرض السد لأي خطر بعد إتمام ملئه حينها ستصبح الكارثة أكبر لأن انهيار السد يعنى دمار السودان ومصر..

 مرة أخرى لا بديل أمام المصريين سوى التخلص وبأقصى سرعة من نظام السيسي ومحاكمته ربما حينها يجد المصريون ممرا إلى استعادة كرامتهم وحريتهم والعدالة وحينها سيكون أيضا الممر لحل مشكلة سد النهضة التي تهدد الدولة المصرية في وجودها.

المقال لا يعبر عن موقف أو راي الجزيرة مباشر وإنما يعبر عن رأي كاتبه