الإخوان والكشف عن سر الترشح للرئاسة!!

 

فجأة وبدون مقدمات، أصدرت جماعة الإخوان المسلمين جبهة لندن، رسالة بوصفها دراسة، عن مرحلة تاريخية عاشتها الجماعة، وعاشتها الجماعة الوطنية في مصر، وهي عن أسرار الترشح للرئاسة سنة 2012م، على موقع عربي 21 بتاريخ 9 يونيو (حزيران) سنة 2020 بعنوان: لأول مرة.. الإخوان تكشف تفاصيل قرارها بخوض رئاسيات مصر، وذلك في تقرير عن دراسة أعدها – كما كتب موقع عربي 21 – موقع رسالة الإخوان الذي يصدر من لندن.

واشتمل التقرير في ملخصه عن الدراسة، على الحديث عن أحداث تاريخية مهمة، منذ قرار الإخوان عدم الترشح في فبراير 2011م، وأن الجماعة في بداية الأمر وضعت شروطا، لمن تؤيده قبل قرارها بالترشح، للبحث عن مرشح تقف خلفه، وكانت شروطها كالتالي:

(ألا يكون المرشح من الجماعة أو خالف قرارهم بعدم الترشح، وأن يكون صاحب كفاءة، وألا يعادي المشروع الإسلامي ولا يتصادم مع الفكرة الإسلامية، ويقبل التعاون مع الإخوان، وليس من أركان النظام السابق وغير متورط في الفساد، ولديه قبول سياسي وشعبي وصاحب سيرة ذاتية تسمح له بالتفاف الأطراف المختلفة حوله، ولا يقبل الإقصاء لأي اتجاه، وأن يكون له قبول خارجي وداخلي شعبي وتوافق مجتمعي، وقادرا على التعامل مع طبيعة المرحلة المقبلة).

ولم يجد الإخوان مرشحا، ثم بعد ذلك تحدثوا عن محاولة المجلس العسكري حل مجلس الشعب، وتهديد الإخوان بذلك على لسان الجنزوري، وأن ذلك دفعهم للترشح للرئاسة. ثم ذكرت الدراسة كلاما عن عبد المنعم أبو الفتوح، وأنه معادٍ للجماعة، وتفاصيل أخرى ذكرت في التقرير.

وهنا عدة وقفات مبدئية مع الدراسة أو التقرير، وهي:

أولا: ليس من حق أحد أن يمنع طرفا في الإخوان، أو قيادتها، أو أي فصيل من ذكر شهادته على حدث تاريخي عاشه، أو كان جزءا منه، فضلا عمن كان طرفا رئيسيا وفاعلا مهما فيه مثل الإخوان، فهذا حق أصيل لكل إنسان أن يكتب شهادته، وأن يعلنها، ويدونها، وهذا ما كنا نطالب به الإخوان من قبل.

لماذا تكلموا الآن؟!

ثانيا: السؤال هنا لهذه القيادات التي كتبت هذه الشهادة الآن، كنتم كلما طالبكم أحد بالكتابة، رفضتم، وتعللتم بعلة أن الشهود على الأحداث في السجن، أو شهداء، فهم إما في القبور، وإما في السجون، وكانت حجة واهية، وكنا نرفضها، ونفندها، ولكن كانت ثقافة (خدوهم بالصوت)، تمارسونها، كي يصمت كل من يطالبكم بمراجعات، أو كتابة ما حدث.

السؤال هنا: ما الذي جد، فجعلكم تغيرون وجهة النظر؟ هل عاد الشهداء من القبور، أو جاؤوكم في رؤية، وفسرها لكم أحد القيادات، كما فسر أحدهم من قبل رؤيا أن السيسي سينتهي في 30 يونيو 2016، ولما سألت عن ذلك قالوا: إن أخا رأى رؤيا، وفسرها أحد القيادات الكبيرة بذلك، فلا أدري هل رأى أحد رؤيا أخرى، أو جاءكم أحد الشهداء فكان تفسير الرؤيا كتابة هذه الشهادة؟

أم أن أصحاب الحدث كما زعمتم طوال سبع سنوات، وأن من قاموا بالتجربة، ومن معهم كل التفاصيل في السجون، فهل خرجوا، أم سربوا لكم المعلومات في رسائل؟ أم جاؤوكم هم أيضا في رؤية ففسرتموها، وكتبتم الشهادة؟!

القيادة تريد امتلاك حق الحديث وحدها:

الحقيقة أنه لا يوجد أي جديد يجعل القيادات تغير قرارها بعدم الحديث، إلا شيء واحد، إعلان أننا فقط من يملك حق التكلم، في تاريخ عاشه الكثيرون، وشارك فيه غيرهم، بل ربما كانت تلك القيادات لم تشارك في صنع معظمه، وربما لم يكن نصيب أحدهم من قرار الترشح للرئاسة سوى إعلانه فقط، أو سماعه وتأييده.

وعندما قام شهود عيان شهدوا الأحداث وشاركوا فيها، وكانوا جزءا أصيلا منها، قامت لجان الإخوان الإلكترونية بتكذيبهم، والتطاول عليهم، والنيل من أعراضهم، في صفحات التواصل الاجتماعي، معروفة أسماؤهم، وأشخاصهم، مما جعل مسؤولا كبيرا في الإخوان يتصل ببعض من شتموا ليعتذر لهم، معترفا بذلك بأن من سبوا وشتموا ونالوا من أعراض مخالفيهم، هم من الجماعة رسميا.

اعتذار واجب لبرنامج “الشهادة”:

ثالثا: ما موقف من كذبوا أصحاب برنامج (الشهادة) الذي بثه موقع الجزيرة مباشر، وكان المحاور فيه الأستاذ سليم عزوز، وقد نال البرنامج وكل من شاركوا فيه قسطا كبيرا من التجاوز في حقهم، وتكذيبهم، وعندما نقرأ ما نشره الإخوان في نشرتهم أو دراستهم، لا يختلف عما ذكر، بل يتطابق معه تماما، بل كانت شهادة من شهدوا أكثر جرأة وتفصيلا، وشجاعة في ذكر التفاصيل كلها، بكل إنصاف، وبدون تجنٍ على أحد.

ألا يدعو هذا الموقف الأخير، كل هؤلاء لمراجعة هذا السلوك المقيت الذي يمقته الإسلام، تفكير الأنعام، أو القطيع، وعدم التفكير فيما يقال، لمجرد الثقة العمياء، ورفض الحقائق ولو كانت بأدلة وبينة، فنحن ننكر على أتباع السيسي أنهم عبيد البيادة، لنرى عبيدا من نوع آخر، هم عبيد القيادة.

رابعا: انطوت الرسالة أو الدراسة على سبب الترشح، على طي حقائق تاريخية مهمة، وإخفائها، ولا أدري هل تم إخفاؤها عن عمد، أم عن عدم معرفة بها، وهذا ما يدعو كل صاحب شهادة إلى تدوينها وذكرها.

تساؤلات مشروعة لم تجب عنها الدراسة؟

خامسا: لم تذكر الرسالة، سبب اقتناع الإخوان بالترشح للرئاسة، وما الدافع وراء ذلك، وهل كان الدافع فقط التهديد بحل مجلس الشعب، أم أسباب أخرى؟ وهل تم الزج بحزب النور عن طريق العسكر ليغري الإخوان بالترشح، وهل جاءت طمأنة من دول غربية بعدم الممانعة من الترشح؟ وهل تم السعي بين الإخوان لتغيير موقفهم حتى يجتمع مجلس الشورى ليغير قراره أم لا؟ وهل جاءتهم رسالة من مسؤول إسلامي كبير بعدم الترشح، وترك الفرصة لأبي الفتوح أفضل لهم؟ ولماذا كان الجزم بعدم الترشح، حتى كتب المتحدث باسم الإخوان مقالا بعنوان: لماذا لم ولن نترشح للرئاسة. وبعدها بقليل جدا كان القرار بالترشح؟

وحتى يحين وقت إجابة القيادات الفاضلة عن هذه الأسئلة المتعلقة بهذه المرحلة المهمة من تاريخ ثورتنا، سوف أدلي بما لدي من شهادات وأحداث حول الموضوع، ولم يعد هناك حجة لأحد سواء بتكذيب من يقول شهادته، أو بحجة أنه ليس هذا وقته، أو ننتظر منهم أن يحددوا لنا وقته، وما العلامات التي يعرفون بها الوقت المناسب من غيره؟!

المقال لا يعبر عن موقف أو راي الجزيرة مباشر وإنما يعبر عن رأي كاتبه