الإخلاء القسري للمصريين

 

 

مثل النار التى تأكل نفسها جاء الدور الآن على منطقة نزلة السمان التى تقع بجوار هضبة الأهرام لكي تستولي عليها الدولة؛ مثلما استولت على منطقة ماسبيرو في وسط القاهرة، ومثلما تحاول جاهدة الاستيلاء على جزيرة الوراق أيضا، ولسوف يأتى الدور على منطقة العتبة ووسط البلد والتي تم تأجيلها؛ نظرا لأن جميع أصحاب هذه الأماكن من كبار التجار.. ولكن مقصلة النظام لن تترك أحدا.
 وكأنما الإخلاء القسري للمواطنين بات منهاجا لهذا النظام، أراضي مصر تباع بحجة التطوير وتهدم منازلها وتشرد عائلاتها بحجة التطوير!!، ولكن يظل هنا سؤال للـ “مطورين” ، لماذا يقف وراء كل تطوير مزعوم أحد الأثرياء العرب؟!، أو مؤسسة سيادية، تنتفع بالأرض بعد تهجير السكان؟، لماذا لم نشاهد مثلا منظمات أممية أو دولية تصرف وتشرف على التطوير؛ خاصة في المناطق العشوائية المأهولة بالسكان؟!، إنه ليس تطويرا لوجه الله والوطن، ولكنه “تهليب” من أجل الشركاء الخليجيين والمؤسسة الرئاسية.

تهجيرأهالى رفح

فمنذ 3 يونيو 2013 وبعد الاستيلاء على الحكم استباح النظام أراضى المواطنين بكافة السبل؛ فقام باخلاء مدينة رفح بسيناء بحجة عمل منطقة عازلة لمحاربة ما يسميه هو الإرهاب فى سيناء. 
والمنطقة العازلة في جانب رفح المصرية المحاذية لقطاع غزة تم تنفيذ الإخلاء فيها على مراحل متتابعة، كل مرحلة 500 متر، وصلت حتى الآن إلى 5 كيلو مترات وفقا لقرار مجلس الوزراء المنشور بالجريدة الرسمية برقم 1957 لسنة 2014، وحتى الآن لم يتم القضاء على ما أطلقوا عليه الإرهاب؛ بل إننا مازلنا نسمع يوميا عن مقتل جنود وضباط من الجيش والشرطة المصرية في دوامة لا تنتهي.
وقد وجهت انتقادات لهذه الخطوة من عدة هيئات حقوقية، حيث اعتبرت المفوضة السامية السابقة لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة نافي بيلاي أن ما تقوم به السلطات المصرية في سيناء من تهجير للسكان وإقامة منطقة عازلة يشكل انتهاكا “واضحا” لحقوق الإنسان، وأشارت إلى أن أوضاع حقوق الإنسان في سيناء قد تدهورت خلال السنوات القليلة الأخيرة
كما اعتبر خبراء القانون الدولي إن السلطات المصرية ترتكب جرائم وفق القانون الدولي بترحيلها سكان رفح ومعاقبتهم عقابا جماعيا.

جزيرة الوراق

ولم تكد تمر عملية تهجير أهالي رفح؛ حتى جاء الدور على منطقة ” جزيرة الوراق ” وذلك بحجة تطوير المنطقة، ورفض أهالي الوراق الإخلاء وقاموا بمواجهة قوات الأمن التي اعتقلت العشرات منهم، ولم ينته الأمر عند ذلك؛ فالنظام استكثر على   مواطني جزيرة الوراق أن يقطنوا فى هذا المكان المميز؛بينما الكفيل الإماراتى يريد أخذ نصيبه من القسمة؛ حيث استعد بمشروع سياحي كبير يقام على هذه المنطقة وحتى الآن ما زال أهالى الوراق يرفضون ترك الجزيرة مرددين هتافهم فى مظاهرتهم الأخيرة  ” “مش هنسيب بيوتنا؛ لو على موتنا” وذلك احتجاجاً على عدم البت في دعوى وقف إنشاء مجتمع عمراني جديد بالجزيرة .
وعلى نفس نمط قناة السويس الجديدة جاء الدور على تنفيذ مشروع ما يسمى ب “نزلة السمان الجديدة” من خلال تهجير مواطني نزلة السمان وإقامة مشروع سياحى كبير أيضا بحجة أنها منطقة عشوائية.
بينما تبقى الحقيقة أن نزلة السمان ليست منطقة عشوائية؛ ولا أرضها ضمن أملاك الدولة؛ ويتمتع أهلها بكافة المرافق الأساسية بصورة قانونية ” كهرباء، ومياه، وصرف صحي، على أعلى مستوى”.
ونزلة السمان موجودة منذ قرون ويعمل معظم أهلها بالسياحة وأصبح أهلها هم رواد صناعة السياحة فى مصر كلها؛ فهم أصحاب معظم شركات السياحة والفنادق والمطاعم وكافة الانشطة المتعلقة بهذه الصناعة الهامة، ويقطن نزلة السمان أكثر من 200 ألف نسمة يمثلوا كافة الاتجاهات والتيارات الفكرية والسياسية كشريحة من الشعب المصري؛ فمنهم من شارك بإيجابية في ثورة يناير المجيدة، وقلة قليلة منهم غُرر بهم بزعم المحافظة على الاستقرار ومصدر رزقهم بالنزول الى مبنى محافظة الجيزة ثم الى ميدان سفنكس ومنه الى ماسبيرو واكتمل المخطط بدخولهم ميدان التحرير فيما سمي بـــــ” معركة الجمل ” أثناء ثورة يناير .

الثقة المفقودة

ولأن الثقة مفقوده  فى هذا النظام فهناك اعتقاد أن ما يجري في نزلة السمان هو لصالح رجل الأعمال ساويرس في تولي إدارة هضبة الأهرام وإقامة مطاعم وسينما وغيرها، وهناك أحكام قضائية سابقة بمنع إقامة مثل هذه المطاعم والسينما تماما، بل إن مصر دفعت غرامة 120 مليون دولار نتيجة التحكيم الدولى بعد أن تصدى العلماء ومنعوا إقامة مشروع شركة جنوب الباسفيك المعروف باسم صحراء سيتى ، وفى سنة 1989 صدر حكم آخر ضد مشروع فاروق حسنى بعمل بوتيكات ومدرجات وملاهي بمنطقة الأهرامات ، وبعده صدر حكم مماثل بمنع إقامة فندق داخل حرم القلعة، إذن الموضوع لم يكن يهدف سوى إلى تحصيل أموال بأي وسيلة في دولة على استعداد لبيع أي شيء مقابل المال !!، ومن أجل عيون ساويرس تهدر الأحكام القضائية على حساب تدمير الأثار ، بل ويطالب بهاء الدين أبو شقه رئيس حزب الوفد، وصلاح دياب رجل الأعمال، ومن على شاكلتهم بشركات تدير أماكن الأثار لأغراض سياحية، ولذلك فقد الناس أي ثقة فى أي تصريحات أو إجراءات حكومية تدعى الحفاظ على آثار بلدهم .

 

المقال لا يعبر عن موقف أو راي الجزيرة مباشر وإنما يعبر عن رأي كاتبه