الأولويات الغائبة بالمجتمع المصرى

أولويات الخدمات المطلوبة معروفة منذ فترة، ورغم ذلك يفاجىء المصريون بالإغداق من قبل النظام الحاكم على مشروعات لاتمثل أولوية بالنسبة لهم.

  قبل عامين قام جهاز الإحصاء المصرى الحكومى بعمل مسح شامل لخصائص الريف المصرى، وقبل عام قام المركز المصرى للدراسات الاقتصادية بإطلاق مؤشر لقياس جودة الحياة بالريف المصرى وكيفية تحسينها، بعد اعداد دراسة بالتطبيق على محافظة القليوبية.

وأسفرت الدراسة عن بلوغ نسبة جودة الحياة بالقطاعات الخدمية داخل المحافظة 5 % فقط للثقافة، و23 % للصرف الصحى و27 % للغاز الطبيعى، و30 % للطرق و32 % للمواصلات و35 % للسنترالات، و37 % للتعليم و43 % للصحة و50 % للقرب المكانى من وحدات إطفاء الحريق.

وارتفعت نسبة جودة الحياة لتصل الى 53 % للمخلفات، و56 % للقرب من الشرطة و59 % لأبراج شبكة المحمول لتحسين الخدمة، و61 % للتليفونات الأرضية و63 % للكهرباء، و70 % للإنارة و72 % لمياه الشرب.

واختلفت نسبة جودة الحياة للخدمات ما بين المراكز الإدارية الثمانية بالمحافظة، ففيما يخص الصرف الصحى كانت نسبة جودة الحياة 7 % فقط بقرى مركز شبين القناطر.

 وفيما يخص الغاز الطبيعى كانت النسبة صفر بمركز قها، وبالنسبة للطرق كانت النسبة 19 % بمركز الخانكة، وبالنسبة للمواصلات كانت النسبة 25 % بمركز طوخ، وهكذا تحددت نسبة جودة الحياة بمراكز المحافظة فيما يخص 18 خدمة.

ومن هنا فإن أولويات الخدمات المطلوبة معروفة منذ فترة، ورغم ذلك يفاجىء المصريون بالإغداق من قبل النظام الحاكم على مشروعات لاتمثل أولوية بالنسبة لهم، مثلما حدث مؤخرا مع الإعلان عن اكتمال فندق فخم بالعاصمة الإدارية التى لم تكتمل بعد.

كثافة سكانية محدودة بالمدن الجديدة

 كما تم الإعلان عن اكتمال إنشاء مطار خاص بها وإنشاء أعلى برج بقارة أفريقيا بارتفاع 345 مترا، ومدينة للفنون والثقافة على مساحة 1.7 مليون متر مربع، ومسجد على مساحة 59 فدانا.

والزعم أن المدينة الجديدة ستستوعب 6.5 مليون شخص، رغم أن مدينة العاشر من رمضان التى تم انشاؤها بعهد الرئيس الراحل السادات بلغ عدد سكانها بنهاية العام الماضى 157 ألف نسمه فقط، وبلغ سكان مدينة السادس من أكتوبر بمحافظة الجيزة 191 ألف نسمه، وسكان مدينة برج العرب بمحافظة الإسكندرية 158 ألف نسمة، وهى المدن الأبرز بين المدن الجديدة.

وقبل ذلك فوجىء المصريون بمشروع لانشاء تفريعة لقناة السويس قال خبراء النقل البحرى إنه لا حاجة لهم بها، وإنشاء مدينة سياحية بهضبة الجلالة على البحر الأحمر رغم تعثر السياحة منذ عامين، والإعلان عن إنشاء ثلاثة مطارت جديدة بينما يتم إلغاء العديد من الرحلات الدولية بسبب قلة عدد الركاب، فى نفس الوقت الذي يعاني فيه المصريون من انتشار العشوائيات السكنية وتدنى الخدمات المختلفة.
وسوف نختار مثالا واحد على المعاناة التى يعيشها المصريون وذلك من خلال بيانات تعداد السكان الذي جرى إعلان نتائجه قبل أسبوعين.

 يشير التعداد لبلوغ عدد السكان الذين لا يتصلون بالشبكة العامة للصرف الصحى 43.6 مليون شخص، يمثلون نسبة 46 % من المصريين، وترتفع النسبة إلى 72 % من سكان الريف وتنخفض عن ذلك بالحضر.

وهكذا يتصل 54% من السكان بالشبكة العامة للصرف الصحى، و12 % بشبكات صرف أهلية، و34 % أى 32 مليون شخص من السكان من خلال إقامة طرنشات تحت المنازل، و0.4% يتصرفون بالأراضى الفضاء.

حرمان حاد من الصرف الصحى بالريف

وترتفع نسبة السكان غير المتصلين بشبكة الصرف الصحى بمحافظات الصعيد جنوب البلاد الأكثر فقرا، لتصل إلى 84 % من سكان محافظة قنا، و80 % من سكان كل من محافظتى أسيوط والمنيا، و78 % بسوهاج و76 % بالأقصر و59 % بأسوان و58 % ببنى سويف.

وارتفغت النسبة أيضا بعدد من محافظات الوجه البحرى الأكثر حظا بالخدمات الحكومية، لتصل نسبة غير المتصلين بالشبكة العامة للصرف الصحى 69 % بمحافظة البحيرة، و58 % بالشرقية والمنوفية و54 % بكفر الشيخ.

 اما بالمحافظات الحدودية فكانت النسبة 95 % بمحافظة شمال سيناء، و82 % بكلا من محافظتى مرسى مطروح وجنوب سيناء.

وإذا كانت الحكومات المتعاقبة تهتم بالحضر أكثر من اهتمامها بالريف الذي يسكنه 58% من السكان، فقد زادت نسبة المحرومين من الصرف الصحى بالريف لنسب عالية، بلغت 98 % بريف محافظة الأقصر و96 % بريف محافظة قنا و93 % بريف المنيا و92 % بريف كلا من أسيوط وسوهاج.

ويعتمد هؤلاء على تخزين الصرف الصحى فى خزانات أسفل البيوت تسمى الطرنشات، يتم نزحها من خلال عربات ليتم إلقاؤها بالترع والمصارف والنيل، خاصة بالمحافظات التى ليس ظهير صحراوى، أو سعيا نحو تقليل التكلفة التى تزيد فى حالة الذهاب بعيدا عن القرى لتفريغ تلك الفضلات، خاصة مع ارتفاع أسعار المحروقات أكثر من مرة.

وهكذا بلغت نسبة المحرومين من الصرف الصحى 87 % بريف محافظة أسوان، و82 % بريف محافظة البحيرة و81 % بريف بنى سويف و74 % بريف كلا من الشرقية والمنوفية، و69 % بريف الفيوم و66.5 % بريف محافظة كفر الشيخ.

ويتسبب هذا الأمر فى صعوبة السير بالطرق الترابية بالريف خاصة بفصل الشتاء، والطفح للصرف الصحى بالشوارع، وانتشار الروائح الكريهة والأمراض خاصة بين الصغار، إلى جانب التأثير على سلامة المبانى.

 

المقال لا يعبر عن موقف أو راي الجزيرة مباشر وإنما يعبر عن رأي كاتبه