الأمريكان والإخوان والعسكر

 

الأمريكان

 بالتزامن مع سخونة أجواء الانتخابات الأمريكية ودخول شبكات المصالح على الخط، تطرح التساؤلات المتكررة في نفس المناسبة وحول نفس الحدث عن تداعيات نتيجة الانتخابات على المنطقة العربية وفي ملفات متنوعة في السياسة والحكم والاقتصاد وحقوق الإنسان، وفي الملف الفلسطيني والإيراني ودخول الملف التركي بقوة في خرائط المنطقة، وفي الملف الإسرائيلي وعلاقاته بدول المنطقة.

 وربما يطرح السؤال القديم المتجدد نفسه: وهل هناك رهان على القادم الى البيت الأبيض؟ أليس الرهان على الشعوب دون غيرها؟

 بالطبع الرهان على الشعوب خاصة القوى الحية فيها، لكنه ليس الرهان الوحيد وإن كان الرهان الأهم.

 المنطقة العربية جزء مهم من العالم، فالغرب له مصالح عندنا ومصالحنا لا تنفك عنه، العالم قرية متداخلة متشابكة لا تستطيع دولة أن تعيش بمعزل عن الدول الكبرى المتحكمة بالحق والباطل في مصائر الأنظمة واحتياجات الشعوب.

شبكة العلاقات والمصالح الدولية مهمة للغاية، ليس بالضرورة أن تكون تابعا ضعيفا (السيسي نموذجا) من الممكن أن تكون شريكا حليفا بل وندا عنيدا (أردوغان نموذجا)

والقول الشائع سياسيا بعدم التدخل في شؤون الدول هو أكبر أكذوبة في عالم السياسة والحكم، لأن السياسة هي كيف تتدخل في شؤون الأخرين لتحقيق المتاح من الفرص وتجنب التوقع من المخاطر والتهديدات.

الإخوان

شبكة كبيرة ممتدة واختزالها في إخوان مصر قصور في الرؤية، بل قد يكون إخوان مصر الأقل نضجا وتجددا ومسايرة للأحداث وتعلما من التجارب، الإخوان في أروقة أنظمة الحكم والمعارضة في أكثر من 25 دولة عربية وإسلامية مع تفاوت هذا الوجود، الإخوان في الغرب والشرق في الجامعات والجماعات. في المراكز العلمية والمؤسسات الإسلامية، لكنهم ليسوا في المؤسسات المالية والإعلامية العالمية وهذا فراغ لابد أن يملأ.

العقدة الكؤود التي لم تحل ولن تفك هو موقفهم الثابت والأخلاقي والديني من القضية الفلسطينية ورفضهم ببيع القضية لصالح إسرائيل، أما حكام وملوك وأمراء ورؤساء العرب فقد باعوا من قبل أن يجلسوا على مقاعد الحكم وبعدها، بل هم يستمدون الاعتماد والتوثيق من تل أبيب.

تابع إن شئت هرولة الخليج وغيره نحو تل أبيب تحت مظلة التطبيع، واقرأ إن كان لديك وقت الدور الصهيوني الأساسي والمحرك لانقلاب العسكر في مصر على أول رئيس مدني منتخب، واقرا أيضا التقرير الأخير عن معهد دراسات الأمن القومي الصهيوني عن الأحوال غير المستقرة في المنطقة خاصة نظام حكم السيسي والتوصيات المبالغ فيها بضرورة الحفاظ علي السيسي الذي يعاني تهديدات كثيرة، وتابع إن شئت حديث كوشنر عن رفض الرئيس مرسي مقابلته لتناول صفقة القرن في مقابل مليارات الدولارات ودعم حكم مرسي رحمه الله.

العسكر

باختصار هم وكلاء الاستعمار الغربي رغم كل الشعارات المعلنة والرايات المرفوعة، يتم تدريبهم في الغرب أو الشرق لسنوات! لا تعرف على أي شيء يتدربون؟ ربما على الولاء للباب العالي الصهيوأمريكى، ما من قائد عسكري في موقع مرموق إلا كان مبتعثا ولسنوات، فالاحتلال العسكري هو الوكيل الحصري للاحتلال الأجنبي، لكنه أيضا واقع لا فكاك منه والصدام معه كارثة إنسانية ووطنية، سوريا وليبيا نموذجاً، وينبغي التعاطي معه بحكمة، حكمة اعتبار المصالح الاقتصادية والسياسية وحكمة للمحافظة على أرواح العباد وبعض مصالح البلاد.

الخلاصة، دول عالمنا العربي بها ثلاث قوى معتبرة، المؤسسة العسكرية بقوة السلاح، والحركة الاسلامية بقوة التواجد والشعبية، والحركة المدنية بقوة المواطنة والحقوق الدستورية.. هذا تصنيف سياسي وليس فئويا أو مذهبيا أو دينيا، ومحاولة تجاوز أي قوة من الثلاث هو خلل في ميزان الاستقرار المجتمعي العام الذي تعانيه المنطقة الأن.

المقال لا يعبر عن موقف أو راي الجزيرة مباشر وإنما يعبر عن رأي كاتبه