الأزهر المفتري على نفسه!!

الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر
شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب

ليس جديداً أن تنطلق حملات معادية للأزهر، ليس جديداً أن تُسلط العلمانية الحاقدة سهامها، وأن تتكاتف مع كل من يحقد على الدين ويحارب الملة، لمحاولة هدمه، وإيقاف مسيرته المباركة.

ولم لا يفعلون وهم يدركون أن الأزهر حمى الوسطية في العالم بأسره فحافظ على نقاء التدين، ووسطية الفهم، وحافظ على هوية الأمة قرونا!! 
لم لا يفعلون وقد اتسعت أماد الأزهر، وتنوعت أمداده، وبلغ خيره الآفاق وصار قبلة يتوجه إليها طلاب العلم من شتى أصقاع الأرض.

لما لا، وقد تخرج منه دعاة وعلماء لا يُحصى عددهم، ولا يُحصر فضلهم، ولا منتهى لخيرهم، ولا يُنكر عظيم أثرهم.

إنهم يحاربونه رغم أنه لم يكن يوماً طرفاً في فتنة طائفية، أو عصبية مذهبية، أو فتنة أهلية، وإنما كان حصن الأمان وهداية الحيران، وشفاء المريض وملاذ  الخائف!!

كل هذا الافتراء من الطغاة والمستبدين، والعملاء والمخادعين، ودعاة الانحلال والمتغربين ليس جديداً ولا غريباً؛ إنما العجيب والغريب أن يفتري الأزهر على قيمه ومبادئه، وينقلب على رسالته ومنطلقاته، وينحرف عن أهدافه ومقاصده.

العجيب أن يتحول الأزهر الشريف إلى ملكية خاصة لمجموعة من أصحاب المصالح الخاصة، والمفاهيم الممجوجة، والمعتقدات الفاسدة.

العجيب أن يستولي على الأزهر مجموعة من المرتزقة لاحظ لهم من العلم إلا مايُلبسون به على الخلق، ويُسوقون به للباطل، ويبررون به للطغيان!!

العجيب أن يُوضع على سدة الأزهر والأوقاف صبية ينتسبون للعلم زوراً وبهتاناً، وشيوخاً لا أثر لهم في العلم يُرتجى، ولا موقف لهم في الحق يُقتدى، ولا نموذج لهم في السلوك يُحتذى، باعوا دينهم بعرض من الدنيا، فبئس العالم وبئس العلم!!

لقد افترى الأزهر على نفسه يوم أن رضي بالدنية في دينه، فأصبح شيخه دمية في يد الأجهزة الأمنية، بل أصبح فرداً من أفراد سلطتها، وسوطاً تُضرب به ظهور المظلومين، وخنجراً يُغرس  في أجساد المعارضين.

لقد افترى الأزهر على رسالته يوم سمح لشيخه أن يحلل الحرام، ويُعين جنرالات الإجرام، ويُساهم في سفك الدماء، ويبرر قتل واعتقال العلماء، ويصمت على اغتصاب النساء، ويُشارك في الخيانة، ويضيع الأمانة، ويشرع الخنوع، ويحتفي بالمجرمين، ويحارب المصلحين!!!

لقد افترى الأزهر على نفسه يوم أن سمح للعابثين باللعب في مناهجه، وتكميم أفواه أساتذته، ومحاصرة جامعاته ومعاهده، واختطاف شيوخه، وسمح للكلاب بهتك عرض طالباته، وسفك دماء طلابه.

إن قيادة المؤسسة الدينية في مصر الآن شريكة في المسؤولية عن كل المصائب التي لحقت بالبلاد والعباد، شريكة في المسئولية عن كل دم أٌهدر، أو حرية قٌيدت، أو أموال ضٌيعت، أو تعذيب مُورس، أو إباحية نٌشرت، أو تراجع لمفاهيم الوسطية وانتشار لمفاهيم الغلو والإلحاد والانحلال.

لقد تم اختطاف الأزهر على يد مجموعة من المرتزقة كما تم اختطاف مصر على يد مجموعة من الخونة، وها هو الأزهر يُفعل به مثلما فُعل بالوطن كله، تُنتهك حرمته كما انتُهكت حرمات أبنائه!! ويُهان شيخه كما سُمح من قبل بإهانة شيوخه، ويُغتال رجاله كما اغتالوا من قبل طلابه!!

وعندي أن حرمة دم طالب في الأزهر أو غيره أعظم حرمة من الأزهر، وكل أزهر، وعرض بنت من بنات المسلمين أعظم حرمة ومكانة من ألف أزهر، وحرية معتقل ظلما وبهتانا وصيانة دمه أعظم عند الله من الأزهر.

فالأزهر بقيمته لا بتاريخه، بمبادئه لا بشيوخه، بجهاده لا بخنوعه، باستقلاله لا بتبعيته، بطلابه وأساتذته ومناهجه لا بإداراته وضباطه وحراسه، لقد علّم الأزهر الناس قديماً وحديثاً (من أعان ظالماً سُلط عليه).
ألا فليحصدوا نتاج ما زرعوه، ومُر ماغرسوه، ومن يزرع الأشواك لا يحصد الورود، وحتماً ستزول تلك المحنة، وسيبقى الأزهر رائداً مٌلهماً، سيبقى الأزهر نبراساً للبشرية، ونوراً للسالكين. وَيَأْبَى اللَّهُ إِلا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ . وللحديث بقية  إن شاء الله تعالى.

المقال لا يعبر عن موقف أو راي الجزيرة مباشر وإنما يعبر عن رأي كاتبه