إنجازات قطر الرياضية .. الحصار على من؟!

ووسط الانشغال بما يمكن أن تفعله قطر تجاه تلك المصيبة، فاجأت اللجنة العليا للمشاريع والإرث، العالم بتدشين وافتتاح استاد المدينة التعليمية الجديد وهو ثالث الاستادات التي أنشأتها قطر

 

قبل ثلاث سنوات وبالتحديد يوم الخامس من يونيو/جزيران 2017، قررت دول السعودية والإمارات والبحرين ومصر فرضَ حصارٍ خانق على دولة قطر، كان من بين الأسباب الداعية إلى الحصار إن لم يكن أولها، هو التصدي للطموح القطري في المجال الرياضي، ووقف النجاحات الرياضية الكبرى التي حققتها في العشر السنوات الأخيرة، وعلى رأسها الفوز بتنظيم بطولة كأس العالم لكرة القدم  قطر2022 !!

لم تكن الرغبة المدفوعة بالحسد والحقد على قطر مخفية أو متوارية، إنما كانت واضحة وصريحة، بل ومعلنة، حيث كان من بين الشروط التي وضعتها تلك الدول لرفع الحصار، هي أن تعلن قطر إعتذارها عن عدم استضافة هذا الحدث، دون حتى الإشارة لكيفية تعويضها عن المبالغ الضخمة التي انفقتها للتجهيز والإعداد لهذا الحدث الكبير!

وقد ظن هذا الرباعي أن حصار قطر سياسيا واقتصاديا كفيل بهزيمتها وتركيعها وخضوعها لمطالبهم، وأولها طبعا الاعتذار عن عدم تنظيم المونديال!

لكن مرت الأيام والشهور بل والسنوات، ولم تخضع قطر أو تنحني، أو حتى تفتح باب التفاوض في المطالب المفروضة عليها، فقد صمدت صمودا تاريخيا جعلها أكبرَ في عيون شعبها والعالم أجمع، وراحت تواصل مسيرتها في كافة المجالات وعلى رأسها المجال الرياضي، الذي أصبحت من خلاله قادرة على منافسة الدول العظمى، لا سيما في المنشآت والتنظيم والإعلام،وهي ثلاثة جوانب برعت فيها قطر وأعطتها مكانة تفوق مكانة أكبر الدول المحيطة بها والمحاصرة لها.

 إنجازان كبيران

ومنذ ظهر فيروس كورونا الذي تحول سريعا إلى وباء عالمي، ظن الكثيرون أن هذا الوباء، كفيل بقصم ظهر قطر وتعجيزها خاصة وأنها لازالت تحت الحصار المفروض عليها من سنوات، فهي بذلك وقعت تحت خوفين وبلاءين في وقت واحد ا(لحصار والوباء)، وأكثر المتفائلين اعتقدوا أن هذا الوباء سيتسبب – على أحسن الفروض – في تعطيل قطر عن الاستعداد للحدث التاريخي(كأس العالم) وأنه سيؤخر عمليات بناء الملاعب والمنشآت التي يلزمها الاتحاد الدولي(فيفا) بإنجازها في مواعيد محددة، ومن ثم يكون ذلك مبررا لسحب التنظيم منها أو على الأقل إحراجها أمام العالم الذي يراقب  من كثب استعداداها للتنظيم..

لكن وسط الإنشغال بما يمكن أن تفعله قطر تجاه تلك المصيبة، فاجأت اللجنة العليا للمشاريع والإرث العالم 15 يونيو /حزيران  الجاري بتدشين وافتتاح استاد المدينة التعليمية الجديد وهو ثالث الاستادات التي أنشأتها قطر من ثمانية استادات ستستضيف البطولة، وبعيدا عن كون الانتهاء من إنشاء هذا الملعب الجديد تم في ظل هذه الظروف العصيبة هو بمثابة الإنجاز الضخم، فالإنجاز الأكبر كان في تصميم الاستاد ذاته الذي يطلق عليه جوهرة الملاعب نظرا تصميمه تصميمه الفريد وروعة بنائه،  ولا سيما الواجهة المصممة بأشكال هندسية بديعة، وهي عبارة عن مثلثات متداخلة كونت أشكالا هندسية تشبه الألماس، وهو تصميم يجعل من هذا الملعب تحفة معمارية رفيعة المستوى.

ولم تمض أيام قليلة على هذا الإنجاز الكبير، حتى أضافت قطر إنجازا رياضيا كبيرا أخرا، بعد أن وافق لها الفيفا بتنظيم بطولة هي الأولى من نوعها في التاريخ، وهي البطولة الدولية للمنتخبات العربية والأفريقية، التي تحدد لها من 1 إلى 18 ديسمبر/كانون الأول 2021، ورغم أن البطولة ودية وقطر فازت من قبل بالأهم بتنظيم العديد من المناسبات الرسمية الكبرى، إلا أن الإنجاز هنا هو أنها المرة الأولى في التاريخ التي يوافق فيها الفيفا على رعاية بطولة تحمل إسم البطولة العربية. ففي السابق كان الفيفا يرفض رعاية مثل هذا البطولات على اعتبار أن البطولات العربية لا تمثل قارة وإنما تمثل فئة معينة من البلدان، فقد كان يرى تلك البطولات تكرس لفكرة الفئوية والعنصرية ، وهو ما يرفضه الفيفا رفضا تاما، ومن المعلوم بالضرورة أن دولا عربية كبرى مثل السعودية هرمت من أجل أن يعتمد الفيفا البطولات التي ينظمها الاتحاد العربي لكنه كان يرفض دائما، ووضح أن الثقة الكبرى التي تحظى بها قطر لدى الاتحادات الدولية هي التي جعلت الفيفا يستجيب لهذا الطلب ويوافق على إقامة البطولة.. وربما يكون الذي شجع الفيفا على قبول رعاية تلك البطولة هي أنها ستكون بمثابة الاختبار الجاد والقوي للملاعب والمنشآت القطرية في السنة الأخيرة السابقة لتنظيم المونديال.

السعودية غارقة في دوامة القرصنة   

على الجهة المعاكسة وفي المقر الرئيسي والراعي الرسمي لدول فرض الحصار، حيث الدولة السعودية، نجد فشلا رياضيا كبيرا، حيث أخفقت المملكة في كل ملفاتها الرياضية الخارجية التي خاضتها في الأعوام القليلة الأخيرة، فهي – حتى كتابة هذه السطور – عاجزة عن إتمام صفقة شراء نادي نيوكاسل يونايتد الإنجليزي، وهي الصفقة التي تبلغ قيمتها 300 مليون جنيه إسترليني وممولة من صندوق الاستثمارات العامة السعودي المدعوم من ولي عهد محمد بن سلمان، وما يقف حائلا ضد إتمام تلك الصفقة هو السمعة السيئة للدولة السعودية التي تركتها عمليات القرصنة التي قامت بها أثناء بطولة كأس العالم الأخيرة روسيا 2018، عندما أنشأت قناة وهمية بإسم (بي أوت كيو) وقامت من خلالها بالقرصنة على قنوات (بي إن سبورت) المالكة الرسمية والحصرية لمباريات البطولة.. فتلك الجريمة النكراء التي ترفضها دول الغرب حتى وإن كانت مؤيدة للنظام، هي التي جعلت أغلب الأندية الإنجليزية تتصدى لإتمام الصفقة، بل إن الاتحاد الإنجليزي نفسه اعترض عليها، حيث إن قوانين الدوري الإنجليزي تمنع إتمام صفقات بيع الأندية لأطراف مدانة بارتكاب جرائم مماثلة لجريمة القرصنة، سواء كانت تلك الجرائم داخل بريطانيا أو خارجها، كما يمنع  المالكين المحتملين تقديم معلومات كاذبة أو مضللة أو غير دقيقة عن أعمالهم ومصادر أموالهم..

ليس هذا فحسب بل إن الخلفية الأخرى الأكثر سوءا والمتعلقة بالجرائم الإنسانية التي ارتكبها النظام السعودي في السنوات القليلة الأخيرة وعلى رأسها جريمة الجرائم بقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي وتقطيعه بالمنشار تقف عائقا أخر أمام السعودية عن إتمام تلك الصفقة، هذا بخلاف السمعة السيئة الرائجة عن ولي العهد في ملفات حقوق الإنسان.

بعد كل هذا، وجب السؤال: الحصار على من.. قطر أم السعودية؟!

المقال لا يعبر عن موقف أو راي الجزيرة مباشر وإنما يعبر عن رأي كاتبه