أكذوبة غير مسبوقة بموقع حكومة مصر

دون الموقع أكذوبة غير مسبوقة أحد بشأن قيمة الناتج المحلي لمصر مقومًا بالدولار، فذكروا أن الاقتصاد هو ثاني أكبر اقتصاد بالمنطقة العربية بناتج محلي إجمالي بلغ 500.9 مليار دولار.

 

هانت مصر على حكامها، ولم يكترسوا بتشويه صورتها أمام العالم، ولكن ماذا تعني مصر بالنسبة لهم، بعد أن أهانوا الإنسان، وأراقوا دمه، وقضوا على الحرية والديمقراطية؟

المفترض أن موقع مجلس رئاسة الوزراء في مصر هو واجهة الدولة، وعنوان مصداقيتها، فمن خلاله يطلع المستثمر أو السائح على البيانات الأساسية، إذ إن الموقع منشور باللغتين، العربية والYنجليزية، ولكن على ما يبدو أن من يقومون على أمر بيانات مصر عبر هذا الموقع المهم، افترضوا أن ما يكتبونه لا يقرؤه أحد.

نسوا أن وجود الموقع على الإنترنت يتيح جميع البيانات لكل سكان الأرض، كما أنهم تصوروا أنهم المرجع الوحيد للبيانات الاقتصادية وغيرها، بالتأكيد لا يعلمون أن هناك جهات مصرية مثل البنك المركزي ووزارة المالية تصدر وثائق رسمية حول هذه البيانات، وكذلك البنك والصندوق الدوليين يقومان بنفس المهمة، وجميع هذه البيانات متاحة بالمجان لمن يريدها.

وأنا أطالع موقع رئاسة وزراء مصر، وجدت أحد العناوين الرئيسة بالصفحة بعنوان “عن مصر” وبداخله وجدت عنونًا فرعيًا “المعلومات الاساسية” بمثابة تعريف عام بأهم المعلومات عن مصر.
وكانت الفجيعة عند الحديث عن الاقتصاد المصري، إذ دون محررو الموقع أكذوبة لم يسبقهم إليها أحد بشأن قيمة الناتج المحلي لمصر مقومًا بالدولار، فقد ذكروا ما هذا نصه “يعد الاقتصاد المصري ثاني أكبر اقتصاد في المنطقة العربية بعد المملكة العربية السعودية بناتج محلي إجمالي بلغ 500.9 مليار دولار بحسب التقديرات الرسمية لعام 2010[1].

فوقع في نفسي أن هناك خطأ مطبعي، وعليّ أن أذهب للنسخة الإنجليزية، فبالطبع تم تدقيقها من قبل خبراء متخصصين، ولا يصح أن يصدر هذا الخطأ فيما يطلع عليه المستثمرون والساسة الأجانب، ولكن للأسف وجدت نفس الأكذوبة[2].

وحتى اختصر على القارئ الطريق، فيما يتعلق بأن الموقع قد يكون تم إعداد مادته قبل قدوم حكومات الانقلاب العسكري في مارس/آذار 2013، فقد دونوا فيما يتعلق بقناة السويس، بأنه “في 6 أغسطس 2015 تم افتتاح القناة الجديدة الموازية بهدف تعظيم الاستفادة من القناة وتفريعاتها الحالية وتحقيق أكبر نسبه من الازدواجيه لتسيير السفن فى الاتجاهين بدون توقف فى مناطق انتظار داخل القناة، و تقليل زمن عبور السفن الماره”..
وهو ما يعني أن هناك متابعة للأحداث، ولكن على ما يبدو أن الجانب العلمي المعني بالمحتوى كتبه غير متخصصين، أو أناس أردوا أن يجاملوا العسكر، فأهالوا على وجوههم التراب، من خلال كذبهم المعلوماتي.

مصادرهم تكذبهم

قيمة الناتج المحلي الإجمالي بالدولار في مصر، ليست سرًا عسكريًا، ويستطيع أي باحث أن يحصل على سلسلة زمنية فيما يتعلق بهذا الأمر من خلال أكثر من مصدر، ومن أشهر هذه المصادر، التقرير المالي الشهري لوزارة المالية.. 
وحتى المصادر الدولية لديها سلسلة زمنية بهذا الخصوص تمتد إلى الستينيات من القرن العشرين، والمصدر الأشهر في هذا الشأن قاعدة بيانات البنك الدولي.

عدت إلى التقرير المالي الشهري (ديسمبر2012)، فوجدت أن قيمة الناتج المحلي لمصر مقومًا بالدولار بلغت 218.8 مليار دولار بنهاية العام المالي 2009-2010، وفي العام التالي له بلغت قيمة الناتج المحلي 235.9 مليار دولار.

وحسب بيانات نفس التقرير، لم تصل قيمة الناتج المحلي الإجمالي المصري لهذه القيمة المنشورة على موقع الحكومة المصرية خلال الفترة الماضية، فأفضل النتائج الخاصة بهذا المؤشر كانت في عام 2015-2016، إذ بلغ الناتج المحلي الإجمالي المصري 332.9 مليار دولار، ولا أدري حسب أي مصدر أو طريقة حساب توصل موقع رئاسة الوزراء في مصر إلى أن قيمة الناتج المحلي بلغت 500.9 مليار دولار.

وكنوع من التأكيد على عدم مصداقية البيانات الورادة بموقع رئاسة الوزراء المصري، عدت إلى قاعدة بيانات البنك الدولي، لأجد أن البيانات المتعلقة بقيمة الناتج المحلي الإجمالي تكذب ما هو مدون على موقع مجلس رئاسة الوزراء المصري، ولكنها تتفق أو تتطابق مع نفس البيانات التي ذكرناها نقلًا عن تقرير وزارة المالية، سواء فيما يتعلق بعامي 2009-2010 أو عام 2010-2011  أو عام2015-2016. 

ما تم من تزوير أو إهمال على موقع رئاسة الوزراء يتعلق ببيانات اقتصادية، أحسب أنه أمر طبيعي في ظل إدارة للبلاد تثق تمامًا في غياب المسئولية والمحاسبة، ولكن ليعلموا أن ذلك يتم في مرحلة استثنائية من حياة مصر، وأن هناك ساعة حساب، سوف يكون لهم فيها الشعب ومؤسساته حكم عدل، يحاسبهم عن جرمهم في حق هذا الشعب، الذي يستحق أن يتولى مسئوليته أبنائه الأمناء الأكفاء.

[1] هذا هو رابط المعلومة على موقع مجلس وزراء مصر باللغة العربية، http://www.cabinet.gov.eg/Arabic/AboutEgypt/Pages/GeneralInformation.aspx

[2] وهذا أيضًا رابط المعلومة على موقع مجلس وزراء مصر باللغة الانجليزية، http://www.cabinet.gov.eg/English/AboutEgypt/Pages/GeneralInformation.aspx

المقال لا يعبر عن موقف أو راي الجزيرة مباشر وإنما يعبر عن رأي كاتبه