أدنى دخل للسياحة المصرية في 21 عاما

جاءت أحداث تفجير الكنائس وأحداث سانت كاترين لتضيف أوجاعا جديدة للسياحة المصرية، أثرت سلبا على الإشغال السياحي في فترة أعياد الربيع، وإلغاء الكثيرين لحجوزاتهم.

ورغم تعدد الكوارث التي تعرضت لها السياحة المصرية خلال السنوات الماضية ، مثل مذبحة الأقصر عام 1997 ، وسقوط طائرة مصرية بخليج العقبة كان بها 133 سائحا فرنسيا في يناير/كانون الثاني 2004 ، وتفجير فندق طابا أكتوبر/تشرين الأول عام 2004، وتفجيرات شرم الشيخ في يوليو/تموز 2005 وغيرها ، إلا أن التأثير السلبى لتلك الأحداث لم يصل الى ما وصل إليه حال السياحة في العام الماضي .

فقد تراجعت أعداد السياح الواصلين إلى 5 ملايين و430 ألف سائح ، بينما انخفض الدخل السياحي الى مليارين و600 مليون دولار وهو مالم يحدث منذ 21 عاما ، حيث بلغ الدخل السياحي  في عام 1995-1996 أكثر من 3 مليارات دولار، بل لقد شهد العام الماضي ظاهرة لم تحدث من قبل، حين زادت قيمة مدفوعات سياحة المصريين خارج مصر والبالغة 4مليارات و100 مليون دولار عن إيرادات السياحة الداخلة لمصر .

وكان المثير تراجع عدد الليالي التي قضاها السياح من كافة الجهات ، وهو ما أثر بالسلب على الدخل السياحي، حيث إن زيادة الدخل مرتبط بعدد الليالي التي يقضيها السائح، وهو المتوسط الذى  شهد انخفاضا ملحوظا ليصل إلى 6.2 ليلة بالعام  الماضي مقابل أكثر من 12 ليلة قبل سنوات قليلة ، ورغم زيادة عدد السياح العرب  بنسبة 13 % فقد نقص عدد الليالي السياحية للعرب بنسبة 21 % .

وقد يقول قائل إن مصر دخلها 5 مليون و400 ألف سائح وهو عدد جيد، لكن المهم في السياحة هو الدخل المتولد عن السياحة وليس عدد السياح. وتشير النظرة التفصيلية لأعداد السياح العرب بالعام الماضي، إلى وصول 283 ألف سائح من ليبيا، و77 ألفا من العراق، و68 ألف من فلسطين، و63 ألفا و500 سائح يمنى، و54 ألف سائح سوري، ومن الدول الأفريقية جاء 44 ألف سائح من نيجيريا، وثمانية آلاف من إثيوبيا، وحوالى ثلاثة آلاف من الصومال .

وهؤلاء يتم اعتبارهم سياحا بحكم تعريف منظمة السياحة العالمية الذى يعتبر كل أجنبي دخل البلاد ومكث 24 ساعة فأكثر سائحا، بينما أغلبية هؤلاء لم يأتوا للسياحة، فكثير من السوريين والليبيين واليمنيين جاءوا هربا من الحرب الأهلية هناك، وكثير من الإثيوبيين والصوماليين والنيجيريين جاءوا لمصر كمحطة، حتى ينفذوا منها إلى بلد آخر قد يكون إيطاليا عبر البحر المتوسط أو إسرائيل عبر سيناء .

  سياح اسما وليس مضمونا

وبالتالي فإن العدد الإجمالي لهؤلاء يضم مئات الآلاف ممن لم يأتوا من أجل السياحة ، بل يتخذ بعضهم من الميادين المصرية مكانا لبيع بعض المنتجات كوسيلة للتكسب، وهو ما يجعل عدد الليالي السياحية البالغ 32  مليونا و700ألف ليلية سياحية عددا غير واقعى ، حيث تحتسب مصلحة الجوازات الفترة بين موعد وصول الشخص وموعد سفره ، وبالتالي فإن المواطن العراقي أو اليمنى أو السوري الذى يجيء للإقامة بمصر يتم احتساب أشهر إقامته على أنه سائح، بينما نجد سياحا حقيقيين قد يصل متوسط فترة إقامتهم ليلة واحدة مثل: القادمين من لاتفيا وهونغ كونغ ، أو ليلتين مثل القادمين من البرازيل، أو ثلاث ليالٍ مثل القادمين من المكسيك، وربما يتعجب البعض من قلة فترة مكوثهم رغم بعد المسافة بين بلدانهم ومصر .

 لكن في ظل تنوع الرحلات السياحية الواصلة لمصر ، نجد رحلات لركاب البواخر العابرة لقناة السويس بحيث ينزل الركاب بميناء السويس ثم يركبون الأتوبيسات لزيارة الأهرامات ثم يلحقوا بالسفينة المقلة لهم في بورسعيد .

وهو ما يعنى قصر فترة بقائهم بمصر،  أيضا هناك أفواج سياحية يتضمن برنامجها السياحي بضعة أيام بإسرائيل ويوما بالأردن ويوما أو يومين بمصر وهكذا .

وساهم التوتر الأمني وتكرار حوادث العنف ومقتل الجنود المتكرر ، في إعطاء صورة ذهنية سلبية عن الاستقرار بمصر لدى الإعلام الغربي وبالتبعية على المواطنين هناك .

  تعطل التحسن ببداية العام الحالي

وبالأشهر الأخيرة من العام الماضي زاد إقبال السياح من عدد بلدان آسيا مثل الصين وكوريا الجنوبية واليابان وماليزيا والهند وباكستان وتايوان ، إلا أن العدد الإجمالي لكل دولة ظل قليلا باستثناء الصين التي بلغ عدد سياحها 179 ألفا و500 سائح ، والهند 80 ألف سائح، بينما كان عدد اليابانيين 19 ألفا، والكوريين 11 ألفا و500، وكل من باكستان وتايوان سبعة آلاف سائح، في نفس الوقت الذى نقصت فيه أعداد السياح القادمين من أستراليا والفلبين وإندونيسيا وهونغ كونغ عما كانوا عليه عام 2015 ، ومثل عدد سياح آسيا  نسبة 8 % من إجمالي عدد السياح .

وفى شهر يناير من العام الحالي زاد عدد السياح بنسبة 50 % عما كان عليه بنفس الشهر من العام الماضي، كما زاد العدد في فبراير/شباط بنسبة 56 % ، وهو ما جعل المسؤولين يتحدثون عن استعادة السياحة لحيويتها؛ إلا أن العدد رغم زيادته كان أقل مما كان عليه بنفس الأشهر قبل سقوط الطائرة الروسية ، فإذا كان قد بلغ 544 ألف سائح في يناير ، فقد تخطى العدد المليون سائح في يناير قبل سنوات ، وهو نفس الشيء لسياح فبراير البالغين 539 ألف سائح .

وجاءت أحداث تفجير الكنائس، وهجوم سانت كاترين لتضيف أوجاعا جديدة للسياحة، أثرت سلبا على الإشغال السياحي في فترة أعياد الربيع ، وإلغاء الكثيرين حجوزاتهم ، وجاء فرض قانون الطوارئ كعامل سلبى إضافي ، ليطيل حسابات الفترة المتوقعة لعودة السياحة إلى معدلاتها قبل سقوط الطائرة الروسية .

 

المقال لا يعبر عن موقف أو راي الجزيرة مباشر وإنما يعبر عن رأي كاتبه