أبوظبي وقصف درنة

كانت بداية ظهور تنظيم الدولة (داعش) داخل ليبيا في منطقة درنة، وشهد الجميع أن أهلها هم أول من تصدى لهذا التنظيم المخترق وفكره المنحرف الذي أوغل في الدماء وأمعن في الاستحلال.

لكن المتابع لسير الأحداث يرى أن طيران عبد الفتاح السيسي المدعوم بأموال أبو ظبي قصف أهل درنة شيوخا وأطفالا أكثر من مرة كانت الأخيرة قبل يومين؛ حيث استهدف القصف تجمعا عائليا خلف عددا من الضحايا عامتهم من النساء والأطفال.

ولا يبدو غريبا أن يغطي السيسي على فشله الداخلي أمنيا واقتصاديا بنقل المعركة إلى العمق الليبي، أو يسعى لتمكين صنوه العسكري خليفة حفتر من الإجهاز على ثورة ليبيا كما فعل هو مع ثورة 25 يناير أو أن يمتثل أوامر الكفيل الذي دعمه في الوصول إلى السلطة.

لكن الذي لا ينقضي منه العجب ما الذي تريده أبو ظبي من ليبيا وما الذي يجعلها تخرج من غرب آسيا لتقصف في شمال أفريقيا؟

والذي لا يعلم أنها مولت الحرب على المسلمين في مالي ومازالت تحارب لتقسيم اليمن، وساهمت على الأقل إعلاميا في انقلاب تركيا الفاشل، يعلم أنها ليست مجرد حرب على تطلعات الشعوب أو توفير الدعم للثورات المضادة، وإنما هي حرب ممنهجة وفق خطة محكمة على الإسلام وأهله في كل ما تستطيع أن تصل إليه أيديهم.

(تبت يدا أبي لهب وتب)

ومما يؤكد هذا ويثبته ما صرح به السيد نهاد عوض مسؤول مؤسسة العلاقات الأمريكية الإسلامية (كير)، في حوار صحفي ذكر فيه أن حكومة الإمارات قدمت دعما لأكثر من ثلاثين جهة ومؤسسة تنشر الإسلاموفوبيا وتدعو لمحاربة المظاهر الإسلامية في المجتمع الأمريكي.

وقد استطاعت المؤسسة رصد المبالغ المالية المرصودة لذلك.

فعلى الأشقاء في ليبيا أن يدركوا أن ما تتعرض له درنة هو صورة من صور الحرب على الإسلام ومن يدينون به والشعب المصري يتعرض لأمثاله وأضرابه.

من نفس الثلة والعصابة، ما جعلنا نظن أننا لسنا في حاجة لإعلان البراءة من العدوان المتكرر على جيراننا وأشقائنا في درنة لأننا نُحَارَبُ بالسلاح نفسه ونقتل بالأيدي ذاتها.

إن الثورة المضادة تدرك أن تمام نجاح الثورة في ليبيا ودحر فلول القذافي وأذياله سيكون له أبلغ الأثر في نفوس المصريين الذي جثم العسكر على ثورتهم واستباح بيضتهم، وأن الثورة في ليبيا في حال أفضل من شقيقاتها في الربيع العربي، والآمال المعقودة على أحفاد المختار كبيرة، وهم لها أهل.

فقد شهدت المئة سنة الماضية إسقاط خلافة المسلمين وتقسيم بلدانها، واحتلالها الصريح إلى حين والمستتر حتى الآن.

لكن سنة التغيير لا تتغير، والأيام دول، وقد آذن نجم دولتهم بالأفول، وتجاوز طغيانهم المعهود والمعقول، ولن تكون لهم الجولة القادمة.

وعلينا أن نعد للمناجزة الحاسمة.

المقال لا يعبر عن موقف أو راي الجزيرة مباشر وإنما يعبر عن رأي كاتبه