أبواب الجحيم.. هذا ما يفتحه أدعياء التبرير العلمي للشذوذ الجنسي

 

يعد موضوع الشذوذ الجنسي ومحاولة تبريره علميا موضوعا شائكا، فأنصار الشذوذ يرون أنه قدر محتم على الشاذين، لأن جيناتهم (أي المادة الوراثية لديهم) تفرض عليهم ذلك، ولا يستطيعون المقاومة، ولكن دراسة حديثة ستقلب الأمور رأسا على عقب.

وقبل أن نعرض الدراسة، يجب أن نؤكد أن موضوع التبرير العلمي للشذوذ ليس سوى قمة جبل الجليد، وأن خلف هذا التبرير أبواب الجحيم الذي ستفتح، ولكن كيف؟

بداية فإن الدراسة الحديثة التي أعادت موضوع تبرير الشذوذ للواجهة نشرت نهاية شهر أغسطس/اب الماضي، وهدفت لتحليل العلاقة بين الجينات والشذوذ الجنسي.

وهذه الدراسة هي الأكبر من نوعها على الإطلاق، وشملت نحو نصف مليون شخص، ونشرت في مجلة العلوم.

وتوصلت الدراسة إلى أن العامل الوراثي (الجينات) يلعب دورا في تحديد الميول الجنسية للشخص بنسبة تقارب الثلث، في حين تلعب عوامل اجتماعية أو بيئية النسبة المتبقية.

كما وجدت الدراسة أن التأثير على الشذوذ الجنسي لا يأتي من جين واحد، بل من عدة جينات، ولكل منها تأثير ضئيل، مما يجعل من المستحيل استخدام الجينات للتنبؤ بالميول الجنسية للشخص.

تفند الدراسة ما حاول أنصار الشذوذ خلال سنوات إثباته، وهي أن هناك جينا معينا مسؤولا عان الشذوذ، وأن الشذوذ هو ناجم عن الجينات، وليس خيارا شخصيا واعيا يتخذه الشاذ.

نحن نؤمن بالعلم، ويجب الاستناد إلى العلم في تفسير الحقائق، ولكن ما مارسه –ويمارسه- أنصار الشذوذ الجنسي هو ليس علما، بل انتقاء، كما ينتقي الشاري من سوق الخضار ما يشتهيه من ثمار، فهم يختارون من الأبحاث العلمية ما يلائم طرحهم، ويهملون ما سواه.

فمثلا من الحجج التي يقدمها أنصار الشذوذ، هي أن الشذوذ الجنسي أمر شائع في الحيوانات، (الإنسان من الحيوانات)، ومع أن هذه المعلومة صحيحة، إلا أنهم يغفلون التفسير العلمي.

فالحيوانات عندما تمارس الشذوذ الجنسي فإنها لا تمارسه للشذوذ نفسه، فهناك أسباب أخرى، مثل بسط السيطرة من قبل الذكر الألفا alpha male في قطيعه على بقية الذكور، وأيضا عدم معرفة الذكر أنه يمارس الجنس مع ذكر آخر، إذ قد لا يكون قادرا على التمييز.

الآن لنفترض أن الحيوانات تمارس الشذوذ عن وعي ومع سبق الاصرار والتعمد، فهذا لا يبرر لنا كبشر أن نفعل مثلهم، فأيضا مثلا يمارس الذكر الألفا في القطيع الجنس مع جميع الإناث، ويجعلهن خاصات له ويمنع الذكور الآخرين منهن. فهل يبرر هذا للرجل أن يمارس الجنس مع من يستطيع السيطرة عليهن من نساء؟

وأيضا من المعروف عليما أنه قد تمارس الحيوانات الذكور الجنس مع صغار الحيوانات، فهل هذا يبرر ممارسة البشر للجنس مع الأطفال؟!!!

هذه هي المشكلة في تبريرات أنصار الشذوذ الجنسي “العلمية”، لأنها في الحقيقة ليست علمية، بل هي نوع من التحايل والانتقاء والتدليس.

ما بعد الشذوذ

الأخطر من كل ما سبق هو أن التبرير الجيني للشذوذ الجنسي –حتى لو كان علميا وهو ليس كذلك وفقا للدراسة السابقة- فإنه يفتح المجال أمام تبرير العديد من السلوكيات الإجرامية، بحجة الجينات.

فمثلا تظهر دراسات علمية أن سلوك التحرش والاعتداء الجنسي على الأطفال Pedophilia يرتبط بوجود تغيرات في هيكل الدماغ ووظيفته لدى المعتدي، وأن هناك خصائص في التكوين العصبي تكون موجودة لديهم منذ الولادة، والتي تسبب أو تزيد من احتمال السلوك التحرشي.

أيضا دراسة أخرى وجدت أن لدى المعتدين جنسيا كمية أقل من المادة البيضاء في الدماغ، ودراسة أخرى وجدت أن لديهم مستويات أقل من هرمون التستوستيرون.

والأن وفقا لفلسفة التبرير العلمي للسلوك فإن التحرش الجنسي بالأطفال هو أمر مبرر، وهي ليس ذنب المتحرش، فخلقته الدماغية هي المسؤولة أو انخفاض هرمونات في جسمه، ولذلك فلا يمكن سجنه أو معاقبته، لأنه ضحية مثل الطفل الذي قام باغتصابه!

مرة أخرى فإن التبرير العلمي الذي يقدمه هؤلاء كارثي، إذ أن الدراسات لا تشرح هل أن المعتدي جنسيا يمارس اعتدائه نتيجة تغيرات في دماغه، أو أن الحقيقة هي أن سلوكه وتفكيره في الأطفال جنسيا أدى لحدوث تغيرات دماغية أو تغيرات هرمونية في جسمه.

والآن السؤال التالي هو لنفترض أن المعتدي جنسيا لديه بالفعل تغيرات دماغية تجعله أكثر استعدادا لأن يشتهي الأطفال جنسيا ويعتدي عليهم، فهل هذا يعفيه من مسؤولية التحكم والسيطرة على نفسه ونزواته؟

أنصار التبرير الجيني للسلوك يهملون كلمة السر هنا وهي “التحكم”، فنحن بشر، ويجب أن نختلف عن الحيوانات، وإحدى أهم نقاط الاختلاف أننا نتحكم في أفعالنا ونزواتنا، وهذا التحكم هو الذي جعلنا جنسا مختلفا عن كل المخلوقات الأخرى!

يوما بعد يوم تظهر دراسات أن الوراثة تلعب دورا في معظم السلوكيات والأمراض وحتى حياتنا ككل، فهناك جينات تزيد احتمالية ارتكاب الجريمة، وأخرى تزيد احتمالية الخيانة، هذا هو الحال وكان وسيبقى إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، لكن الفرق هو أننا مطالبون بالتحكم بأنفسنا.

التحكم هو جوهر الحضارة البشرية، وهو الذي قامت عليه الشرائع السماوية، التي حرمت سلوكيات معينة وقضت بعقوبات على مرتكبيها.

وأيضا التحكم هو جوهر القوانين الأرضية حتى التي تستند إلى الإلحاد وتنكر وجود خالق، فجيناتك لا تبرر لك القتل أو الاغتصاب، وهناك قانون يجب الالتزام به، وليس مسموحا للشخص أن يطيع كل ما يخطر في رأسه من نزوات.

لذلك يمكننا أن نرى أن التبرير الجيني للشذوذ الجنسي –على بطلانه- فإنه في الحقيقة يفتح باب الجحيم على معضلات أخلاقية، تكون نتيجتها السماح بارتكاب الجرائم وتبرير ذلك، والمساواة بين المجرم المغتصب وبين ضحيته الطفل الذي تم اغتصابه!

إنهم أدعياء العلم عندما يمارسون التدليس باسم العلم، والنتيجة تحويلنا لمجتمع من الحيوانات.

 

المقال لا يعبر عن موقف أو راي الجزيرة مباشر وإنما يعبر عن رأي كاتبه