رغم التحيز الأمريكى.. زيادة الواردات العربية من الولايات المتحدة

ويفسر ذلك التراجع تقليل الولايات المتحدة من نسب اعتمادها على النفط الخام العربي ضمن وارداتها البترولية، والذي يشكل النسبة الأكبر من الصادرات العربية إليها.

                                     

رغم القرارات المجحفة المتتالية التى اتخذها الرئيس الأمريكي ترمب تجاه القضية الفلسطينية، من اعتراف بالقدس المحتلة عاصمة لإسرائيل عام 2017، ثم نقل السفارة الأمريكية إلى القدس عام 2018 وقطع المساعدات الأمريكية للفلسطينيين، ثم اعترافه في مارس 2019 بضم إسرائيل لمرتفعات الجولان السورية التي احتلتها إسرائيل عام 1967..

 ثم اعتبار الخارجية الأمريكية بعد ذلك أن واشنطن لم تعد تعتبر المستوطنات الإسرائيلية بالضفة الغربية غير قانونية، ثم ما جاء بخطة ترمب للسلام التي تم الإعلان عنها مؤخرا والتي تعطي لاسرائيل غور الأردن وتقلص من مساحة الأراضي الفلسطينية.

رغم كل هذا فقد زادت الواردات السلعية العربية من الولايات المتحدة بالعام الماضي عما كانت عليه بالعام الأسبق، رغم استخدام الدول عادة سلاح الواردات للضغط على الدول لاتخاذ مواقف منصفة، لتصل قيمة الواردات العربية من الولايات المتحدة 62.6 مليار دولار، بنمو أكثر من 4 % عما كانت عليه بالعام الأسبق، وكانت نسبة نمو الواردات من الولايات المتحدة بالخليج العربي 5%، إذ زادت قيمة الواردات بمعظم دول الخليج، إلى جانب المغرب بنمو 18 % ومصر بنمو 8.5 % ضمن 11 دولة عربية زادت وارداتها من الولايات المتحدة.

وعلى الجانب الآخر إنخفضت قيمة الصادرات العربية للولايات المتحدة بالعام الماضي بنسبة 30 % عما كانت عليه عام 2018، وشمل الانخفاض غالب الدول الخليجية وهي دول السعودية بتراجع 44% والإمارات بتراجع 13 %، والكويت بتراجع 32 % وسلطنة عمان بتراجع 9 %، في زادت قيمة الصادرات القطرية للولايات المتحدة بنمو 8 % والبحرينية بنمو 5 %.

وانخفضت قيمة الصادرات العراقية بنسبة 41 % وصادرات الجزائر بتراجع 46 % من بين 11 دولة عربية تراجعت قيمة صادراتها للولايات المتحدة بالعام الماضي عما كانت عليه بالعام الأسبق.

تراجع النفط العربي بالواردات الأمريكية:

ويفسر ذلك التراجع تقليل الولايات المتحدة من نسب اعتمادها على النفط الخام العربي ضمن وارداتها البترولية، والذي يشكل النسبة الأكبر من الصادرات العربية إليها، إذ انخفضت كمية الخام العربي بالعام الماضي التي استوردتها الولايات المتحدة لأقل معدل لها منذ عدة سنوات، لتصل الى 338 مليون برميل مقابل 573 مليون برميل بالعام الأسبق بتراجع 41 %، وكانت كمية النفط العربى التى استوردتها الولايات المتحدة من المنطقة العربية قد بلغت 704 ملايين برميل عام 2014.

وهكذ انخفض النصيب النسبى لخام النفط العربي من نسبة 26 % من مجمل كميات النفط الخام التى استوردتها الولايات المتحدة من دول العالم عام 2014 الى نسبة 14 % بالعام الماضي، ويرجع ذلك الى عاملين رئيسيين، أولهما زيادة الإنتاج الأمريكى خاصة مع مساهمة النفط الصخرى بقدر كبير من الإنتاج مما أتاح لها تصدير كميات من الخام إلى جانب تصدير المنتجات البترولية.

والسبب الثاني هو استحواذ دول الجوار الأمريكي على النصيب الأكبر من واردات النفط الأمريكي، إذ تصدرت كندا تلك الواردات بنسبة 56% من إجمالى كميات الاستيراد للخام، تليها المكسيك بنسبة 9 %، لتجىء السعودية بالمركز الثالث بنسبة 7 % والعراق بالمركز الرابع بنسبة 5 %.

 وهكذا لم يرد بقائمة الدول العشر الأوائل لاستيراد الخام الأمريكى من الدول العربية سوى السعودية والعراق، بينما حضرت دول مثل: كولومبيا وإكوادور والبرازيل ضمن القائمة، كما قلت الكميات المستوردة من فنزويلا لأسباب سياسية لتحتل المركز العاشر.

وهكذا تدنت الكميات المستوردة من باقي الدول العربية، إذ جاءت ليبيا بالمركز الثانى عشر والكويت بالرابع عشر والجزائر بالسابع عشر والإمارات بالحادى والعشرين.

وبالتالي فقد أثر ذلك على قيمة الصادرات العربية للولايات المتحدة، إذ كان نصيب النفط الخام من مجمل صادرات العرب للولايات المتحدة 51 %، وزادت النسبة بصادرات العراق للولايات المتحدة إلى نسبة 97 % وبليبيا 93 % وبالسعودية 83 % وبالكويت 75 % وذلك بخلاف كميات أخرى من المنتجات البترولية.

  فائض تجاري أمريكي مع العرب:

وتشير الإحصاءات الأمريكية إلى بلوغ قيمة تصدير النفط والغاز الطبيعى الأمريكي، إلى دول العالم بالعام الماضي 95 مليار دولار مقابل 75 مليار بالعام الأسبق بنمو 27 %، مع الأخذ فى الاعتبار انخفاض أسعار النفط والغاز الطبيعى بالعام الماضى عما كانت عليه بالعام الأسبق، إذ انخفض سعر خام برنت إلى 64 دولارا للبرميل بالعام الماضى مقابل 71 دولارا بالعام الأسبق.

وهكذا انخفضت قيمة واردات النفط والغاز الطبيعي للولايات المتحدة من دول العالم، بالعام الماضي إلى 124 مليار دولار مقابل 144 مليار دولار بالعام الأسبق بنسبة تراجع 14 %، رغم أن نسبة إنخفاض سعر برنت كانت 10 % فقط، أى أن هناك إنخفاضا بالكميات المستوردة وليس فقط بالقيمة.

وتحقق الولايات المتحدة فائضا تجاريا مع العرب بشكل مستمر منذ عام 2013، فرغم العجز المزمن للتجارة الأمريكية والذي يمثل أكبر عجز تجاري بالعالم والبالغ 853 مليار دولار بالعام الماضي، فقد حققت الولايات المتحدة فائضا تجاريا بتجارتها مع العرب بالعام الماضي بلغ 21 مليار دولار، مقابل فائض بلغ 520 مليون دولار فقط بالعام الأسبق، حيث حققت الولايات المتحدة فائضا تجاريا مع 15 دولة شملت كل دول الخليج العربي.

وكان أعلى فائض لها مع الإمارات العربية بنحو 16 مليار دولار لتحتل الإمارات المركز الثالث دوليا بين دول الفائض الأمريكى بعد هونغ كونغ وهولندا، كما استطاعت الولايات المتحدة تحويل عجزها التجارى مع السعودية بالعام الأسبق من 10.5 مليار دولار الى فائض بلغ 846 مليون دولار بالعام الماضي، كما زادت من قيمة فوائضها التجارية مع الإمارات والمغرب والكويت وأربع دول أخرى، بجانب تخفيض عجزها التجاري مع خمس دول.

وساهم وجود اتفاقية للتجارة الحرة بين الأردن والولايات المتحدة إلى جانب اتفاقية الكويز التى تجمعها مع الولايات المتحدة وإسرائيل، في تحقيق الأردن فائضا تجاريا مع الولايات المتحدة بلغ 696 مليون دولار، بينما لم يفلح وجود اتفاقات تجارة حرة بين الولايات المتحدة وكل من البحرين والمغرب وسلطنة عمان في تفاديها للعجز التجارى مع الولايات المتحدة، ونفس الأمر لمصر التي تربطها إتفاقية الكويز مع الولايات المتحدة واسرائيل، ومع ذلك بلغ عجزها التجارى مع الولايات المتحدة أكثر من ملياري دولار.

والغريب أنه رغم الفائض التجاري الذي حققته الولايات المتحدة مع العرب ككل والبالغ 21 مليار دولار، فقد حققت الولايات المتحدة عجزا تجاريا بتجارتها مع إسرائيل بالعام الماضي، بلغ 5 مليارات دولار نتيجة بلوغ صادراتها إليها 14.4 مليار، بينما بلغت قيمة وارداتها من إسرائيل 19.5 مليار دولار.

 

المقال لا يعبر عن موقف أو راي الجزيرة مباشر وإنما يعبر عن رأي كاتبه