نزيف الدم مستمر على الطرق المصرية

حسب جهاز الإحصاء الرسمي فإن هناك أكثر من 11 ألف حادث سيارة وقع العام الماضي، بخلاف 1793 حادثا للقطارات.

حوادث يومية للسيارات على الطرق المصرية، تسفر عن قتلى وجرحى وتلفيقات بالسيارات، لا تفلت منها منطقة جغرافية، فرغم كثرتها بمناطق الصعيد، فإنها مستمرة بطرق الوجه البحري والساحل الشمالي، وداخل المحافظات وبالطرق السريعة الواصلة بين المحافظات، سواء الواصلة للمناطق السياحية أو غيرها.

وحسب جهاز الإحصاء الرسمي فإن هناك أكثر من 11 ألف حادث سيارة وقع االعام الماضي، بخلاف 1793 حادثا للقطارات، لكن رقم الحوادث الرسمي يقتصر فقط على الحوادث التي يقوم أطرافها بإبلاغ الشرطة عنها، بينما هناك عدد كبير من حوادث السيارات لا يتم إبلاغ الشرطة عنه، سواء بسبب تسامح البعض ومراعاتهم لحالة الجاني الاجتماعية، وانتشار عادة عدم قبول العوض للتلفيات، وتدخل الوسطاء للترضية بين الطرفين، والرغبة في الابتعاد عن روتين الشرطة وطول إجراءاتها.

وإذا كانت البيانات الرسمية تشير إلى بلوغ عدد ضحايا حوادث سيارات العام الماضي 3747 وفاة، وحوالي 14 ألف مصاب، فإن هذين الرقمين أيضا غير دقيقين، حيث يتم حصر عدد المتوفين عند وقوع الحادث مباشرة، بينما من الطبيعي أن يتوفى عدد من المصابين بعد وقت الحادث وهو ما لا يتم حصره، كذلك يسفر كثير من الحوادث غير المبلغ عنها للشرطة عن إصابات وبالتالي لا يتم حصرها رسميا.

ونفس عدم الدقة بالنسبة لعدد السيارات التالفة بسبب الحوادث والبالغ رسميا بالعام الماضي أكثر من 17 ألف سيارة، بسبب عدم الإبلاغ عن كثير من الحوادث خاصة عندما يقتصر الأمر على تلفيات بالسيارات من دون حالات قتلى أو إصابات، لعوامل اجتماعية منها حمد الله على اقتصار الضرر على الصاج أو الحديد، أي جسم السيارة كما يقول كثير من المصريين.

79 % من الحوادث للعامل البشرى

وتشير البيانات الرسمية الى أن أسباب الحوادث بالعام الماضي تعود نسبة 79 % منها للعنصر البشرى، و14 % لعيوب فنية في السيارة و2 % بسبب حالة الطريق و5 % لأسباب أخرى.

 وتتنوع الأسباب المرتبطة بالعنصر بالبشرى ما بين السرعة الزائدة، وعدم احترام نظام المرور وقطع إشارة المرور بالتقاطعات والتجاوز الخاطئ، والدوران الخاطئ والتوقف في الأماكن الممنوعة وضعف مهارات السائقين، والحالة الصحية للسائق وتعاطى المخدرات من قبل بعض السائقين وأخطاء المشاة.

ومن أسباب الحوادث المتعلقة بالمركبة نقص هواء الإطارات، ونقص السوائل البترولية وعدم إحكام ربط مسامير العجل، أما الأسباب المتعلقة بالطرق فمنها الحفريات والمنعطفات والأخطاء الهندسية ومرور المواشي ببعض الطرق، مع استمرار كثير من الطرق غير مزدوجة والتي يتم السير فيها بالاتجاهين ليلا ونهارا وهى الطرق المفتقدة للإضاءة، ومن العوامل الطبيعية المسببة للحوادث ارتفاع درجات الحرارة والضباب الكثيف – الشبورة – والعواصف والأمطار الشديدة.

لكن هناك عوامل أخرى محلية تخص انتشار صور الفساد سواء في إدارات المرور، عند تجديد رخص السيارات بعدم الفحص الجيد لحالة السيارات، أو عند منح أو تجديد رخص القيادة، بالاكتفاء باستيفاء الأوراق والفحص الطبي الشكلي، مما دعا الكثيرين للمطالبة بتبعية إدارة المرور لجهات هندسية متخصصة، وليس للشرطة كما هو الحال الآن.

 بسبب تفشى المجاملات لشرائح معينة مثل الضباط والإعلاميين والفنانين والقضاة وغيرهم من أصحاب النفوذ، الى جانب التساهل من قبل جهات حكومية في استلام الطرق سواء الجديدة أو المجددة رغم عدم جودة عمليات الرصف، الى جانب كبر طول الطرق الترابية بالمحافظات.

968 ألف مركبة بعام واحد

وتوزعت حوادث سيارات العام الماضي حسب نوع المركبات بنسبة 47 % للسيارات الملاكي، و17 % لسيارات النقل خاصة النقل الخفيف والمتوسط، و13 % للدرجات النارية والتوك توك، 10 % لسيارات الأجرة والميكروباص .

 و5 % للأتوبيسات خاصة العامة منها وأتوبيسات الرحلات و3 % لسيارات الشرطة والجيش و1 % للجرارات الزراعية، وأقل من ذلك للسيارات السياحية والسيارات الحكومية والتابعة للقطاع العام والهيئات الدبلوماسية.

والتفسير الأكبر للتقسيم السابق للحوادث حسب أنواع المركبات، يرتبط أساسا بعدد تلك المركبات، حيث يشير التوزيع النسبي لأعداد المركبات بمنتصف العام الماضي كآخر بيانات معلنة، الى استحواذ السيارات الخاصة على نسبة 46 % من إجمالي عدد السيارات، وسيارات النقل على نسبة 13 % والأجرة على نسبة 4 % والأتوبيسات على 2 %.

وفى ضوء الزيادة الكبيرة السنوية لعدد المركبات والتي بلغت 968 ألف سيارة بالعام الماضي ليصل الإجمالي الى أكثر من 10 مليون مركبة، وهو عدد يقل عن الواقع حيث تم حصر عربات التوك توك المرخصة بنحو 118 ألف عربة، بينما ترى قيادات مرورية رسمية أن عددها يزيد عن الإثنين ونصف مليون مركبة.

وخلال السنوات الخمس الماضية زاد عدد المركبات بنحو 5ر3 مليون مركبة، بمتوسط سنوي 704 ألف مركبة، بينما لم تزد أطوال الطرق بنفس المعدل، كما يتسبب ضعف مخصصات رصف الطرق وصيانتها في تأخر تحسين حالة الطرق، كما أدت زيادة أسعار السيارات بسبب انخفاض قيمة الجنيه أمام الدولار الى طول مدة الاحتفاظ بالسيارات القديمة وعدم تجديدها.

ورغم الحملات الرسمية لفحص السائقين للكشف عن تعاطيهم للمخدرات، فلقد انتشرت المخدرات بين شرائح اجتماعية متعددة، ومازال الاعتماد على الطرق البرية لنقل التجارة الداخلية هو الأكبر ن مع تضاءل نصيب النقل عبر السكك الحديدية والنقل النهري مما يزيد من سرعة تلفيات الطرق رغم إعادة رصفها.

وهكذا تستمر العوامل المسببة لحوادث الطرق وأهمها الفساد وانتشار الرشوة بين من هم منوط بهم التأكد من سلامة المركبات فنيا وإدارة عمليات المرور، ما أثر على سمعة مصر السياحية بسبب كثرة حوادث السيارات، وكذلك على مناخ الاستثمار بمصر، حيث يتضمن مؤشر جاذبية الاستثمار عدة عناصر منها: كثافة الطرق البرية ومعدلات حوادث الطرق، ومن هنا كان تحذير شركات عالمية لموظفيها بعدم قيادة السيارات بمصر.

المقال لا يعبر عن موقف أو راي الجزيرة مباشر وإنما يعبر عن رأي كاتبه