كورونا.. بالقشدة؟

 

قد يبدو العنوان ساخرا ولكن الحقيقة أن روح الدعابة المصرية فاقت كل التوقعات في مواجهة فيروس كورونا الخطير الذي تسبب في خسارة اقتصادية عالمية تفوق تريليونات الدولارات دعك عن حصد أرواح البشر بين لحظة وأخرى.

فالمصريون يتندرون على حكومة الانقلاب التي تنفي وجود الفيروس على أرضها رغم أن بعض الأجانب الذين خرجوا من مصر وتم فحصهم تبين أنهم لم يخرجوا من هناك بأيد فارغة بل عادوا ومعهم الفيروس فلماذا تنكر الحكومة وجود الفيروس اذن وهناك شهود كثر؟ لا أعرف ولكن الحكومة ولاثبات صحة ما تقوله قامت بارسال وزيرة الصحة إلى الصين في اعلان تحد يشبه اعلان السمنة البلدي بتاع روابي وكأنها تقول طيب أنا سأرسل الوزيرة وارجعها وافحصها أمامكم عند العودة واثبت لكم أن الفيروس لا يدخل جسم مصري أبدا وإن تجرأ وفعل فإنه سيموت إما من الجوع أو من الخوف … أو كلاهما.

ما الذي تريد حكومة الانقلاب اثباته هو أن الضحك يطيل العمر وأن الكوميديا لها ناسها وأهلها وأن المصريين رجالة ولا يهمهم كورونا ولا أمنا الغولة.

الحل السحري:

العالم المرعوب من فيروس كورونا عليه أن يسترخي ويلقي بالموضوع بين يدي الجنرال عبد الفتاح السيسي فربما لديه الحل السحري للتخلص من الفيروس أو من البشرية أو من الاثنين معا؟ لا أدري من أين واتتهم كل هذه الثقة والجرأة والوقاحة ليزعم هؤلاء أن مصر خالية من الفيروس وهذا أمر نتمناه بالطبع ولكن ليس كل ما يتمناه المرء يدركه. فأحوال المنظومة الصحية والعلاجية في مصر لا تسر عدوا ولا حبيبا، لا مدني وعسكري؟ فمن أين أدركت حكومة الجنرال أن مصر خالية وهي التي لا تملك من وسائل التشخيص وكشف المرض إلأ النذر اليسير اللهم إلا إذا كان قد تم تشغيل جهاز كشف الكورونا الذي قدمه اللواء عبد العاطي هدية للبشرية؟ ومبلغ العلم عندي أن الجهاز لم يتم تشغيله خلال الفترة الأخيرة على الأقل، ولربما تم تشغيله سرا حتى لا يكتشف أحد سر الخلطة ويسرقوا مننا حلمنا!!!

وإذا افترضنا أن الكام نفر الأجانب الذين أكدت بلدانهم أنهم مصابون بالفيروس بعد عودتهم من مصر كدابين وممكن يكونوا اعضاء في تنظيم القاعدة أو الإخوان المسلمين، فماذا عن دول الخليج الحبيبة والقريبة من قلب الجنرال لا بارك الله في عمره؟

ماذا عن الكويت التي منعت عودة المصريين العاملين لديها خصوصا المدرسين الذين كانوا في اجازة في مصر؟ ماذا عن السعودية وسلطنة عمان؟ هل كل هذه الدول عندها مشاكل مع مصر أو مع النظام؟ هل كلها غير مؤمنة بتصريحات عمرو أديب وأحمد موسى ونشأت الديهي والإبراشي ووزيرة الصحة ومدبولي رئيس ما يسمى بمجلس الوزراء؟

هل كل هذه الدول عدوة لمصر وتكره مصر وتتربص بمصر ولا تحب لمصر الخير؟

حلال العقد:

 الاجابة بالطبع لا إلا إذا استثنينا دولة قطر ودولة تركيا وأي دولة أخرى لا ترى في السيسي المخلص أو حلال العقد أو طبيب لا فلاسفة، فهؤلاء وبدون أي شك عملاء وخونة ومتآمرون لدرجة أن إحداهن (صحفية تدعى نورا المطيري) كتبت تغريدة تقول إن قطر قامت بتصنيع الفيروس في معاملها العلمية المتقدمة وصبيحة كتابة هذا المقال شاهدت مقطع فيديو للواء ركن سعودي متقاعد يزعم فيه أن اردوغان هو من ينشر الفيروس في الخليج مع أفواج السائحين ومع المنتجات التركية والخلاصة قاطعوا قطر وتركيا ومنتجاتهما خيرا لكم. وفي الحقيقة أني وجدت تعليقات وزيرة الصحة المصرية أقل فكاهة من تصريحات الست نورا المطيري التي لا نعرف لها جنسية وكل ما نعرفه عنها أنها تكتب مقالات لصحف اماراتية وسعودية ولكنها ليست سعودية ولا اماراتية ولا خليجية وربما ليست امرأة في الأساس.  

ما يهمنا حقا هو سلامة المواطن المصري وخلوه من الأمراض والعلل وعلى فرض أن حكومة الانقلاب صادقة في زعمها ، فإن الشك المتوارث من سلسلة أكاذيبها السابقة واللاحقة تجعل المرء في حالة قلق من أي شئ تصرح به ، لذلك لم أكن مستغربا وأنا أتصفح الفيس بوك فأجد تعليقا لمواطن خفيف الظل بيقول فيه إن فيروس كورنا يؤكد لكم جميعا ولكل المصريين خلو مصر التام من وزارة الصحة , وربما يكون هذا هو أصدق ما قيل ، فوزيرة الصحة في مصر تعلم أن لدينا نقصا حادا في الاطباء العاملين في المستشفيات الحكومية رغم أن كليات الطب المصرية يتخرج منها ما يكفي لتغطية العجز ولكن السيسي قاتله الله يرفض تعيين أطباء في القطاع الحكومي لأنه سيضطر لدفع رواتبهم من ميزانية الدولة ( وليس من جيبه ) وهذا مخالف لاشتراطات صندوق النقد الدولي قاتله الله أيضا .

البير وغطاه:

الشيء المقبول والتفسير المعقول لخلو مصر من الفيروس هو أن الفيروس عارف البير وغطاه وأنه فعلا دخل مصر آمنا مطمئنا فأهلها كرام يكرمون من يأتيهم ويفتحون له القلوب قبل الأبواب، وان الفيروس لديه معلومات جيدة عن مصر والمصريين والمعامل الطبية والمؤسسات العلاجية وبالتالي جاءها مطمئن البال أنه لن يتعرض للأذى فليس هناك من يستطيع الكشف عنه وحتى لو اكتشفوه فبالتأكيد ليس لديهم العلاج. لكن الفيروس على ما يبدو وبعدما تجول في أجسام بعض الغلابة وانتشر هنا وهناك ورأى الحال بعينيه الاثنتين قرر أن يرحل ولكنه وقبل الرحيل كتب يقول ” يا شعب مصرالعظيم لقد أكرمتموني ولم يعترض سبيلي أحد، فأجسامك النحيلة مليئة بأمراض تسبب فيها غيري وأنا والله رغم أني فيروس لئيم إلا أنني صعب علي حالكم. أيها المصريون الغلابة حين دخلت أجسامكم اكتشفت أنها مسكونة بعشرات بل مئات الميكروبات والفيروسات والبكتيريا والسرطانات ولم أجد منطقة آمنة داخلكم أسكنها. حاولت العيش في الصدر فوجدت صدوركم مليئة بدخان السجائر المضروبة وبالحشيش المحشي طينة وخشب. حاولت أسكن الأمعاء فوجدتها خالية، فيممت شطر الكبد والبنكرياس فلم أجد موضع لقدم. لم أجد لي مكانا عندكم فرحلت وأنا حزين على الخروج فلعل الله يرزقني شعبا آخر لديه فائض في البروتين والفيتامين. دعواتي لكم وسأبذل جهدي لنشر حقيقة صحتكم على بقية الميكروبات والفيروسات والعلل “

في أمان  الله أيها الفيروس العظيم.

 

 

المقال لا يعبر عن موقف أو راي الجزيرة مباشر وإنما يعبر عن رأي كاتبه