بتنظيم البطولة الأفريقية. لقد وقعنا في الفخ!!

 

تدور الأحداث بسرعة مذهلة، ككرة قدم مجنونة في مباراة عصيبة، وكلما زادت سرعتها كلما زادت صعوبة تذكرها، ويبدو أن مسؤولي الاتحاد المصري لكرة القدم راهنوا على نسيان الناس للأحداث عندما قرروا التصدي لتنظيم بطولة كأس الأمم الأفريقية في نسختها الثانية والثلاثين المقرر إقامتها في يونيو المقبل، حيث تجاهلوا جيشا من الأسئلة الباحثة عن إجابات قبل التقدم لتنظيم هذا الحدث الكروي المهم؛ من ذلك مثلا كيف لبلد تمر بأسوأ فتراتها الاقتصادية تنظم حدثا كبيرا مثل هذا يحتاج ميزانية ضخمة؟ وما مدى قدرة البلد على توفير الأمن والأمان للفرق المشاركة والجماهير المرافقة في وقت يفترض أنها توجه كل طاقاتها وقدراتها الأمنية لمواجهة الإرهاب؟

 وأسئلة أخرى عديدة يبقى منها السؤال الأكبر والأهم ألا وهو: كيف يتم تنظيم بطولة في كرة القدم الحكم على مدى نجاحها أو فشلها مرهون بالحضور الجماهيري، في حين أن الجماهير ممنوعة من حضور المباريات منذ عدة سنوات؟!!

حضور المجندين

البعض يقول إن هذه الإشكالية مقدور عليها ويمكن تجاوزها بسهولة، ذلك عن طريق الاستعانة بمجندي الجيش والشرطة كبديل عن الجمهور العادي، وهو أمر معتاد وحدث في العديد من المباريات التي حضر فيها مجندو الجيش والشرطة بالزي المدني.. صحيح، لكن هذا حل قد يصلح في المباريات المحلية فقط، أما في بطولة مثل كأس الأمم الأفريقية فهي بطولة دولية، ولوائح البطولات الدولية تقضي بأن يتم توزيع تذاكر المباريات بنسب محددة تضمن التمثيل الجماهيري لكل الفرق المتنافسة وليس فرقا بعينها!!

والذي لا شك فيه هو أن هاني أبو ريدة رئيس الاتحاد المصري وعضو الاتحاد الأفريقي وضع الدولة المصرية في ورطة كبيرة عندما قرر التصدي لتنظيم تلك البطولة، صحيح أن أبو ريدة فعل ذلك توطيدا لأركانه بالاتحاد الأفريقي في ظل تطلعاته لرئاسة الاتحاد مستقبلا، بأن أنقذ البطولة من الضياع بعدما كانت مهددة بالإلغاء باعتذار الكاميرون عن تنظيمها، وعزوف الدول الأخرى عنها، لكنه في الوقت نفسه ورط الدولة أو – للدقة – ورط نظام الحكم، فالنظام وكما هو معروف يرفض رفضا باتا أي تجمعات جماهيرية، بما في ذلك تجمعات جماهير الكرة والتي لم تخل هتافاتها من المطالب السياسية التي تتعارض مع توجه النظام، وهو الأمر الذي تسبب في حرمانها من دخول المباريات، حتى عندما ظن النظام أن الجماهير تراجعت عن هتافاتها السياسية من أجل حضور المباريات، وسمح لها بالحضور في مباراة الأهلي ومونانا الغابوني بدوري الأبطال الأفريقي في مارس الماضي، فكانت المفاجأة أن قامت الجماهير بالهتاف ضد الجيش والشرطة مطالبة بالإفراج عن المعتقلين مرددة حرية.. حرية!

الرهان الخاسر

وعليه فأغلب الظن أن رهان مسؤولي اتحاد الكرة والقيادات الأمنية في البطولة القادمة أظنه سيكون متوقفا على إمكانية استنساخ سيناريو بطولة 2006، حيث كانت الغالبية العظمى من الحضور الجماهيري فيها لأبناء الطبقة الراقية الغنية، فهذه الطبقة غير معنية كثيرا بالأوضاع السياسية، وحضورها في المباريات لن يسبب مشكلة للأمن أو قلقا للنظام، لكن هؤلاء الحالمين بهذا السيناريو، فاتهم أنه في 2006 كانت الجماهير عقب كل انتصار للمنتخب المصري تنزل إلى الشوارع بالملايين لتحتفل بالفوز، وهو أمر متوقع حدوثه في البطولة القادمة، فمن سيمنع هذه الجماهير وقتها من النزول والاحتفال، وإذا نزلت فكيف سيتم التعامل معها؟!

أعتقد أن لسان حال الجهات الأمنية في مصر الآن يقول: لقد وقعنا في الفخ!!

المقال لا يعبر عن موقف أو راي الجزيرة مباشر وإنما يعبر عن رأي كاتبه