واشنطن بوست: السعودية تقاوم الفساد أم منافسي ولي العهد ؟

ولي العهد السعودي محمد بن سلمان
ولي العهد السعودي محمد بن سلمان - أرشيفية

نشرت صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية تقريرا حول التطورات الأخيرة في المملكة العربية السعودية وحملة الاعتقالات التي شنتها السلطات ضد أمراء ومسؤولين ووزراء سابقين

، وجاء التقرير بعنوان “التطهير الملكي” في السعودية.. كيف سيؤثر على الاقتصاد والنفط؟

وقالت الصحيفة إن ولي العهد الأمير محمد بن سلمان دفع حملة التحديث التي أطلق عليها اسم “رؤية 2013” حتى أصبحت محور خطته للمملكة، وهي خطة تجمع بين الإصلاحات الاقتصادية، وخطوات متواضعة نحو التحرر الاجتماعي، لكن المملكة اضطرت إلى تقليص بعض الإصلاحات الاقتصادية على الرغم من أهميتها بسبب تشتتها في حصار قطر والحرب التي طال أمدها في اليمن، والآن فإن التطهير الداخلي المفاجئ والذي أطاح من خلاله بالاقتصاديين التكنوقراطيين، وأمير ملياردير، وغيرهم من أفراد العائلة الملكية، يثير تساؤلا عما إذا كان الغرض منه حقا هو مقاومة الفساد أو المنافسين السياسيين لولي العهد.

قال “بروس ريدل” مدير مشروع الاستخبارات في معهد بروكينجز ومؤلف كتاب “ملوك ورؤساء” في رسالة بالبريد الإلكتروني “إن المملكة تقف عند مفترق طرق ، لقد تباطأ اقتصادها مع انخفاض أسعار النفط والحرب في اليمن التي تعد مستنقعا بالنسبة لها وفشل حصار قطر وتفشي النفوذ الإيراني في لبنان وسوريا والعراق فضلا عن علامات الاستفهام التي تحيط بولاية العهد، إنها الفترة الأكثر تقلبا في تاريخ السعودية في أكثر من نصف قرن”.

ويضيف التقرير أن أحد الاختبارات الرئيسية للمملكة يتمثل في الطرح العام الأولي المرتقب لـ5% من أسهم شركة أرامكو السعودية، حيث شجع ولي العهد الأمير محمد بن سلمان هذا الطرح كأحد السبل لإثبات أن المملكة يمكن أن تكون شفافة وقادرة على تنويع اقتصادها.

وكان ولي العهد السعودي التقى الرئيس الأمريكي دونالد ترمب في المكتب البيضاوي في مارس (آذار) الماضي، عارضا خطته الاقتصادية 2030 عليه واعتزامه تحقيق تنمية اقتصادية موسعة داخل المملكة التي تعتمد في قوتها على النفط، كما زار ترمب السعودية في مايو أيار الماضي وخلال الزيارة أبرز قادة سعوديون الضوء على صفقات بين البلدين لتعزيز الصناعة في المملكة وليس مجرد صفقات شراء المعدات، إلا أن أغلب تلك الصفقات ما زالت قيد التفاوض، ومن المرجح أن يكون المبلغ النهائي جزءًا من المبالغ الإجمالية المعلن عنها، كما قام “جاريد كوشنر” مستشار الرئيس الأمريكي وصهره، بزيارة مفاجئة للرياض الأسبوع الماضي.

وأضاف ريدل” أن “الرئيس الأمريكي ترمب يربط سياسته الإقليمية بزعامة غير مستقرة على نحو متزايد”.

وتضيف الصحيفة :” منذ زيارة ترمب واصلت الحكومة السعودية بحثها عن مستثمرين وعقدت مؤخرًا مؤتمرا استثماريا كبيرا في الرياض، فضلًا عن إعلان الأمير محمد بن سلمان الشهر الماضي عن خطط بناء مدينة جديدة في شمال غرب السعودية بتمويل استثماري بقيمة 500 مليار دولار أمريكي.

وأضافت الصحيفة أن قرار إعفاء عادل الفقيه وزير الاقتصاد والتخطيط وعضو المجلس الرقابي السعودي من منصبه، ربما ينعكس على الاستثمارات الدولية في السعودية.

وقال “جريجوري جوس” رئيس قسم الشؤون الدولية في كلية بوش للخدمات العامة والشئون الحكومية في جامعة تكساس، أيه آند إم، في رسالة بالبريد الإلكتروني، إن “موجة الاعتقالات تمس صميم قضية الاستثمار”، ووصف توقيت الاعتقالات بأنه “محيرٌ”.

وأضاف “جوس”:  “إذا كان هذا تعريفا جديدا للفساد في المملكة العربية السعودية، أعتقد أن الأمر سيستغرق وقتًا طويلًا كي يكتشف كل من القطاع الخاص المحلي والمستثمرين الأجانب حقيقة ما يحدث .. وفي هذه الأثناء سيكون المستثمرون حذرين بشأن الاستثمار بينما نمو الاستثمار هو وتنمية القطاع الخاص هما محور رؤية 2030”.

وتابع جوس :” سوف ينظر المستثمرون بحذر في خطط اكتتاب أرامكو وحتى الأن لم يتضح بعد ما إذا كان الاكتتاب العام لأسهمها سينعقد في لندن، أم نيويورك”.

وتشير الصحيفة إلى أن العديد من الخبراء السعوديين، يعتقدون أن شركة أرامكو السعودية تخفي مدفوعات ضخمة للأسرة المالكة، ويساورهم شكوك حول مدى قدرة العاهل السعودي وولي عهده على جعل الطرح شفافًا بما يكفي للمستثمرين الدوليين لا سيما أن حركة الاعتقالات الأخيرة تعد داعيًا آخر للتروي. ويعتقد بعض المحللين أن هناك احتمالية طرح اكتتاب خاص مع الشركات الروسية والصينية.

وقال روبرت ماكنالي رئيس شركة رابيدان إنيرجي جروب الاستثمارية، في إحدى رسائل البريد الإلكتروني إلى أن «تغريدة الرئيس الأمريكي توحي بأن الاكتتاب العام لأسهم شركة أرامكو ربما لم يلغ بعد كما ورد». حتى أن البعض يعتقدون أن موجة الاعتقالات ما هي إلا دليل على أن الاكتتاب العام لأسهم أرامكو، والإصلاحات الاقتصادية القاسية ستستمر، حتى لو كان يعني هذا الإفصاح عن المخالفات في شركة أرامكو السعودية.

 

وقال “جان فرانسوا سيلزنيك” المتخصص في مجال الأعمال والتمويل بالشرق الأوسط، في رسالة بالبريد الإلكتروني: «أعتقد أن الاعتقالات تشير إلى أن ولي العهد قرر حقًّا استخدام ذريعة الفساد لتأديب العائلة المالكة”.

وأضاف «سيلزنيك» الذي درّس في مدارس الأعمال والخدمات الأجنبية في جامعة جورج تاون أن “العاهل السعودي يعلم جميع أسرار العائلة المالكة. ومن خلال ضرباته القاسية الموجهة نحو الأمراء المعروفين بالفساد، وكذلك نحو رجال الأعمال المعروفين بأنهم على مقربة من الفساد، فهو يرسل إشارة للعائلة المالكة بأنها سوف تُضطر إلى مسايرة مبدأ الشفافية في كل من الأعمال التجارية، ورقابة المجتمع”

وتابع “ولي العهد يدرك تمامًا أنه لن يستطيع الطلب من البلد بأكمله تغيير مواقفهم فيما يتعلق بالضرائب والإعانات، إلا من خلال وضع الأسرة المالكة تحت طائلة القانون، وليس فوقه كما كان الحال فيما مضى”.

لكن ” ريدل” يرى أن الحملة الموجهة لمكافحة الفساد ستفقد مصداقيتها إن بدت كأداة لمعاقبة المعارضين السياسيين لولي العهد. فضلًا عن أن المستثمرين يتطلعون إلى مؤشرات أخرى للإصلاحات الداخلية.

 

المصدر : الجزيرة مباشر + واشنطن بوست