هل ترفع واشنطن عقوباتها عن الخرطوم؟

تظاهرة في الخرطوم ضد العقوبات الأمريكية على السودان

مع اقتراب الموعد المنتظر لرفع العقوبات الأمريكية عن السودان زاد الترقب المشوب بالحذر، وسط تحذيرات بثها مسؤولون في الخرطوم وأخرى متفائلة بالرفع الكلي للعقوبات.

فقبل يوم من انقضاء مُهلة واشنطن المشروطة، اعتبر مراقبون، أنه لا يمكن الجزم إن كانت واشنطن سترفع عقوباتها المفروضة على الخرطوم، لكنها على الأرجح، لن تتخلى عن خطتها التصالحية مع ” خصمها القديم”.

في يناير/ كانون الثاني الماضي، وتحديدا في الأسبوع الأخير من ولايته، أمر الرئيس باراك أوباما، برفع العقوبات الاقتصادية المفروضة على السودان، منذ 20 عاما.

واحتفت الخرطوم بالقرار، رغم أن أوباما قيّد تنفيذه بمهلة 6 أشهر، تهدف لـ”تشجيع حكومة السودان على الحفاظ على جهودها المبذولة بشأن حقوق الإنسان، ومكافحة الإرهاب.

وأعطت المهلة إدارة ترمب القول الفصل بشأن رفع العقوبات أو الإبقاء عليها، وفقا لتقييمها لمدى التزام الخرطوم بتنفيذ الاشتراطات الأمريكية.

ويعتبر “تعاون” الخرطوم مع واشنطن في محاربة الإرهاب، واحدا من 5 مسارات تم التفاوض عليها بين البلدين، لمدة 6 أشهر، ومهدت للقرار الأمريكي.

ومع ذلك، لم يشمل القرار شطب الخرطوم من قائمة الدول الراعية للإرهاب، المُدرجة فيها منذ 1993، فضلا عن الإبقاء على عقوبات عسكرية أخرى، مرتبطة بالحرب الأهلية في إقليم دارفور، غربي البلاد.

وخلال الأشهر الماضية، درج مسؤولون حكوميون على التأكيد بأن إدارة ترمب ستلتزم بتنفيذ القرار في 12 يوليو/ تموز الجاري، مع إيفاء السودان بتعهداته.

وفي مايو/ أيار الماضي، ارتفعت آمال الخرطوم في موقف إيجابي من إدارة ترمب، عندما أبلغ مدير الاستخبارات الوطنية الأمريكية، دانيال كوتس، الكونغرس بأن “النظام في السودان سيلتزم بشكل كبير بوقف العدائيات في مناطق النزاع، وهو أمر مطلوب لرفع العقوبات، رغم أن بعض الاحتكاكات بين الجيش السوداني والمتمردين ستؤدي إلى حالات عنف ونزوح منخفضة، وأوضح أن “السودان غالبا يسعى لاستمرار الحوار البناء مع واشنطن بقرارها رفع بعض العقوبات في يناير 2017.

ورغم أن واشنطن ليست عضوا في المحكمة، إلا أنها تدعم ملاحقتها للبشير، منذ 2009، بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وإبادة جماعية في دارفور، يرفضها الرئيس السوداني.

ونهاية يونيو/ حزيران الماضي، وجدت الخرطوم نفسها أمام اختبار آخر، عندما عبرت السفارة الأمريكية عن “قلقها إزاء سجل حقوق الإنسان في السودان، بما في ذلك القيود المفروضة على الحرية الدينية، وحرية التعبير والصحافة.

وبالمقابل، انتقدت الخارجية السودانية موقف السفارة الأمريكية، لكن بصيغة تحاشت التصعيد الذي كان سمتها، طيلة العقود الثلاثة الماضية، بقولها إن  “قضايا حقوق الإنسان بالسودان شأن داخلي سيادي، ومع ذلك فإن الحكومة، وبكل ثقة، مستعدة للارتباط (للتعاطي) الإيجابي.

وواجهت الخرطوم تحد آخر، عندما وقع 53 عضوا في الكونغرس، من الحزبين الديمقراطي والجمهوري على مذكرة تطالب ترمب بتأجيل رفع العقوبات 12 شهرا، كفترة “مراقبة” إضافية.

وقلل وزير الخارجية السوداني إبراهيم غندور من “تأثير” المذكرة، واصفا الموقعين عليها بأنهم “لا يريدون رؤية السلام في السودان.

ورأى أن أي قرار خلاف رفع العقوبات سيكون “غير منطقي وغير مقبول”، ومن شأنه “تشجيع” الحركات المتمردة على الحرب، بدليل أنها “رفضت” استئناف المفاوضات قبل انقضاء المهلة.

وفي خطوة تعزز موقف السودان، عبرت بعثة الأمم المتحدة، الخميس، عن رغبتها في اتخاذ واشنطن قرار”إيجابي” حول العقوبات، قائلة إن الأشهر الـ 6 الماضية شهدت “تحسنا ملحوظا” في إيصال المساعدات الإنسانية.

وبالنسبة إلى أستاذ العلوم السياسية بجامعة الخرطوم، محمد نوري الأمين، فإن “المؤشرات الحالية ترجح تمديد المهلة لأشهر إضافية.

وفي تعليقه للأناضول قال الأمين، “خلافا لأجهزة الاستخبارات، التي يبدو أنها مؤيدة لرفع العقوبات نظير التعاون في مكافحة الإرهاب، إلا أن المؤسسات واللوبيات المدافعة عن حقوق الإنسان تعارض ذلك.

لكن تمديد المهلة المُحتمل، كما يعتقد أستاذ العلوم السياسية “لا يعني أن واشنطن تخلت كليا عن خطتها لرفع العقوبات، فقط على الخرطوم إحراز تقدم في ملفها الحقوقي”.

المصدر : الأناضول + الجزيرة مباشر