هاآرتس : قمة سلام عربية إسرائيلية برعاية السيسي

نتنياهو وسامح شكري

كشفت صحيفة “هاآرتس” الإسرائيلية تفاصيل القمة السرية الرباعية التي عقدت بمدينة العقبة بالأردن منتصف 2016 والتي شارك فيها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مع وزير الخارجية الأمريكي السابق جون كيري، والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.

خطة سلام مقابل تشكيل حكومة وحدة وطنية في إسرائيل

وقالت الصحيفة في عددها الصادر اليوم (الأحد) إن نتنياهو قبيل تراجعه عن خطة السلام الإقليمية مع الدول العربية قبل عدة أشهر، بعث إلى زعيم المعارضة في الكنيست إسحاق هرتزوغ وثيقة تحتوي علي مسودة ” إعلان مشترك ” لتشجيع مبادرة سلام إقليمية وتدشين حكومة وحدة وطنية داخل إسرائيل، ونشرت هاآرتس لأول مرة النص الكامل لتلك الوثيقة كما حصلت عليها من مصادرها.

 وفيما لم توضح الصحيفة أسباب تراجع نتنياهو عن خطة السلام الإقليمية التي عرضت عليه في العقبة، بما أدى لتوقف إجراءات تشكيل حكومة وحدة وطنية، ذكرت الصحيفة أن ” الإعلان المشترك” عكس قبول نتنياهو بمقترحات توافقية بشأن المناطق ( الخاضعة للاحتلال الإسرائيلي) في إطار “حل الدولتين” مع الفلسطينيين وتجميد عمليات البناء في المستوطنات.

وأشارت الصحيفة إلى أنه بعد 3 أسابيع من إرسال الوثيقة لهرتزوغ في 13 من سبتمبر/أيلول الماضي، وبعد التوصل إلى اتفاق مبدئي ( بشأن حكومة وحدة وطنية )، تراجع نتنياهو خلال الأزمة السياسية التي نشبت حول مستوطنة “عامونا ” غير الشرعية في الضفة الغربية ، موضحة أن الاتصالات بين الجانبين ( نتنياهو والمعارضة ) وصلت لطريق مسدود قبل أن تنهار في أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

وكشفت هاآرتس النقاب عن أن وثيقة الإعلان المشترك عبارة عن مسودة كان من المقرر أن يتم تبنيها في قمة تستضيفها مصر في القاهرة أو في منتجع شرم الشيخ بحضور السيسي والعاهل الأردني الملك عبد الله، والتي كان من المقرر أن تُعقد مطلع أكتوبر /تشرين الأول من العام 2016 الماضي في إطار إطلاق مبادرة سلام إقليمية يبدأ بعدها مباشرة كل من نتنياهو وهيرتزوج فور عودتهما لإسرائيل مفاوضات ماراثونية لتشكيل حكومة وحدة وطنية.

وأوضحت ها آرتس أن العديد من القادة الدوليين انخرطوا في تلك العملية حيث كان مسؤولون بارزون في مصر والأردن على علم بتلك الوثيقة، وكذلك رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير، والذي وصفته بأنه كان منخرطا عن كثب في تلك الاتصالات، إضافة إلى وزير الخارجية الأمريكي السابق جون كيري وعدد من مستشاريه.

وأشارت إلى أن المحلل السياسي الإسرائيلي بين كاسبيت كشف منذ عدة أشهر في صحيفة معاريف اليومية الإسرائيلية عن بعض تفاصيل هذا الاقتراح لكن هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها نشر نص ” الإعلان المشترك ” بالكامل من خلال صحيفة ” هاآرتس”.

وقد رد مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي في حينه عن الكشف عن تفاصيل مقترح خطة السلام الإقليمية في معاريف بالقول: “إن الوصف المتعلق بخطة سلام مقترحة والتي لم يتم تحقيقها هو وصف زائف من أساسه، والأمر لا يتعلق بمستوطنة عامونا، ورئيس الوزراء نتنياهو مهتم بدفع مبادرة إقليمية. وأيا ما كان الذى أعطي تلك المعلومة فإنه ليس على معرفة بالتفاصيل أو أنه يقوم بتزييف تلك المعلومات.

وقد أحجم مكتب زعيم المعارضة إسحاق هرتزوغ عن التعليق علي نشر ” ها آرتس ” للنص الكامل للإعلان المشترك الذى كان مقررا صدوره عن قمة سلام عربية- إسرائيلية ، كان من المقرر أن تعقد في مصر في أكتوبر/ تشرين الأول  الماضي 2016 .

 الترجمة الكاملة لخطاب الإعلان المشترك.

خطاب افتتاح قمة السلام العربية الإسرائيلية المزعومة كما نشرته صحيفة هاآرتس

* نشكر الرئيس السيسي لقبوله أن يلعب دورا نشطا في دفع السلام والأمن في المنطقة، ولإعادة إطلاق عملية سلام

* نجدد التأكيد على التزامنا بحل “دولتين لشعبين” وعلي رغبتنا في دفع هذا الحل

* تسعى إسرائيل لإنهاء الصراع وتصفية كل المطالبات، والاعتراف المتبادل بين دولتين، وتحمل ترتيبات إقليمية وحل متفق عليه بشأن الأراضي والذي يتضمن ضمن أشياء أخرى، أن يتم الاعتراف بالمراكز السكانية الحالية.

*فيما يتعلق بالسلام، فإن اسرائيل تمد يدها للفلسطينيين لبدء مفاوضات مباشرة وثنائية وبدون شروط مسبقة.

*تنظر إسرائيل بإيجابية إلى الروح العامة لمبادرة السلام العربية والعناصر الإيجابية فيها، وترحب إسرائيل بحوار مع دول عربية بخصوص تلك المبادرة حتى يتم عكس التغيرات الجذرية في المنطقة خلال السنوات الماضية وللعمل معا لدفع حل الدولتين وسلام أوسع نطاقا في المنطقة.

*وفي سياق الجهد المتجدد للسلام فإن أنشطة إسرائيل الاستيطانية في الضفة الغربية سيتم تنفيذها بشكل يسهل الحوار الإقليمي من أجل السلام وتحقيق هدف : “دولتين لشعبين “.

*ستعمل إسرائيل مع السلطة الفلسطينية لتحقيق تحسن ملموس في الظروف الاقتصادية والتعاون الاقتصادي، بما في ذلك المنطقة ج ، ولزيادة التنسيق الأمني ( بين الجانبين ).

*تسعى إسرائيل لتحقيق استقرار طويل الأمد في ( قطاع ) غزة بما في ذلك إعادة الإعمار الإنساني والترتيبات الأمنية الفعالة.

( انتهى نص الإعلان المشترك ).

كواليس لقاء كيري ونتنياهو في روما

وقد خصصت الصحيفة صفحة كاملة عن كواليس التحركات الدولية بشأن مبادرة السلام الإقليمية مع إسرائيل وعلاقتها باتفاق تشكيل حكومة للوحدة الوطنية استنادا لمصادر دبلوماسية إسرائيلية وأجنبية، وكشفت النقاب عما وصفته بالزيارة المفاجئة التي قام بها وزير الخارجية المصري سامح شكري لنتنياهو في منزله في القدس والرسائل التي حملها شكري لنتنياهو من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.

أيضا كشفت الصحيفة عن تفاصيل لقاء غير رسمي جمع بين نتنياهو وجون كيري في أحد المطاعم الفاخرة في العاصمة الإيطالية روما في محاولة من كيري لإقناع نتنياهو بمبادرة سلام إقليمية بمشاركة مصر والأردن ودول عربية أخري، كما كشفت دوافع زيارة وزير الخارجية المصري سامح شكري لإسرائيل والتي وصفتها بالزيارة المفاجئة.

وقالت الصحيفة إن لقاء نتنياهو وكيري تم في “مطعم بييرلويجي” بروما في 26 يونيو حزيران من العام 2016 واستمر ست ساعات، ونقلت الصحيفة عمن وصفته بمسؤول أمريكي سابق رفيع المستوى في إدارة أوباما قوله إن  كيري بادر نتنياهو في بداية اللقاء بسؤال عن خطته تجاه الفلسطينيين وماذا يريد أن يحدث حاليا، فرد عليه نتنياهو بأنه يرغب في دفع مبادرة سلام إقليمية مع دول عربية بناء على خطة النقاط الخمس التي قدمها في اجتماع العقبة في فبراير شباط 2016.

وأشارت الصحيفة إلى أن كيري أبلغ نتنياهو أن الخطوات التي يعتزم اتخاذها ليست كافية لإقناع دول مثل السعودية والإمارات للانضمام لخطة سلام إقليمية، موضحا أن إعلانا إيجابيا غامضا بشأن مبادرة سلام عربية مع خطوات رمزية على الأرض، لن تساعد في أن يجلس العرب على الطاولة، مؤكدا بالقول:” إنني أعرف ذلك- أي كيري- لأنني سألتهم بنفسي”.

ونقلت ها آرتس عن المسؤول الأمريكي قوله أن كيري أبلغ نتنياهو أنه لا يمتلك سبيلا للعودة إلى المفاوضات المباشرة مع الفلسطينيين، أو لديه قناة لبدء مباحثات مع بلدان عربية،:” لقد بلغت السقف الزجاجي، فما هي خطتك ؟!”، وقدم كيري نسخة معدلة من خطة النقاط الخمس التي دفع بها نتنياهو علي الطاولة في قمة العقبة .

وأفاد تقرير هاآرتس الذي كتبه باراك رافيد المحرر الدبلوماسي للصحيفة أنه في مطلع يونيو/حزيران من العام 2016، التقى وزراء خارجية 30 دولة في العاصمة الفرنسية باريس كجزء من مبادرة سلام فرنسية بين الفلسطينيين وإسرائيل، غير أن نتنياهو احتقر الخطة الفرنسية، وأبلغ كيري نتنياهو أن الخطة المعدلة التي يقترحها ستحل محل المبادرة الفرنسية وتتضمن أيضا ما وصفه بـ ” عنصر إقليمي “، وهو ما رغب نتنياهو أن يراه، وفقا للصحيفة.

وتضمنت مقترحات كيري- وفقا لهاآرتس- عقد مؤتمر سلام إقليمي يضم إسرائيل والفلسطينيين وبعض الدول العربية التي لا توجد علاقات دبلوماسية بينها وبين إسرائيل مثل السعودية والإمارات، إضافة الى روسيا والصين والاتحاد الأوربي، وأن هذا المؤتمر المزمع عقده سوف يُبنى على خطة البنود الخمس التي قدمها نتنياهو في قمة العقبة، والتي تتضمن أيضا الاعتراف بإسرائيل كدولة يهودية.

وأكد المصدر لهاآرتس أن نتنياهو لم يرد بالإيجاب ولا الرفض علي مقترحات كيري، لكنه أبلغه بالحرف الواحد أنه سوف يفكر فيها، وبعد يومين من اجتماعه مع كيري في روما، اتصل وزير الخارجية الأمريكي باسحاق هيرتزوج زعيم المعارضة في الكنيست وكذلك مع تسيبي ليفني الرئيس المشارك لتحالف أحزاب الاتحاد الصهيوني وأطلعهم على نتائج محادثاته مع نتنياهو والمبادرة المقترحة وسألهم ما إذا كان الانضمام إلى حكومة ائتلافية خيارا مطروحا بالنسبة لهما.

كواليس لقاء نتنياهو وشكري في القدس

وتحت عنوان زيارة مفاجئة لوزير الخارجية المصري سامح شكري، قالت ها آرتس إن المبادرة الفرنسية وعودة كيري لتجديد مقترحاته، راكم ضغوطا جديدة على نتنياهو دفعته لتجديد اتصالاته مع السيسي وبلير، ودفعته أيضا لاقتراح عملية سلام إقليمية مجددا يمكنها الالتفاف على محاولات إدارة أوباما، وفي ذات الوقت لا تتطلب التزام إسرائيل بالمبادئ الستة التي قدمها كيري.

في 10 من يوليو/ تموز وبعد أسبوعين فقط من لقاء كيري ونتنياهو في روما، زار وزير الخارجية المصري سامح شكري القدس في زيارة مفاجئة وصفتها الصحيفة بأنها أول زيارة يقوم بها وزير مصري لإسرائيل منذ 10 سنوات، وسبقتها زيارات للقاهرة قام بها مبعوث نتنياهو الشخصي لعملية السلام المحامي إسحاق مولخو.

وقد قام شكري خلال زيارته بالاجتماع مع زعيم المعارضة بالكنيست اسحاق هرتزوغ، كما استقبله نتنياهو في منزله بالقدس.

ونقلت ها آرتس عن مسؤول إسرائيلي رفيع المستوى- لم تكشف عن هويته- قوله إن شكري جاء للتأكد مما إذا كان نتنياهو لا يزال يتمسك بما أبلغ به السيسي بعد خطابه في منتصف مايو آيار الماضي ومفاده أنه يرغب أن تسعى مصر لإحياء المحادثات بين إسرائيل والفلسطينيين بدعم من الدول العربية.

وأبلغ شكري نتنياهو أن مصر ترغب في معرفة الخطوات التي يرغب رئيس الوزراء في اتخاذها لدفع مبادرة سلام ، مؤكدا أن السيسي لايزال يعتقد أن انضمام الاتحاد الصهيوني إلى حكومة ائتلافية في إسرائيل سوف يظهر جدية نتنياهو في التوجه نحو السلام، وقد أبلغ شكري نفس الرسالة إلى هرتزوغ.

وأكدت ها آرتس أن كثافة الاتصالات الدولية تراجعت في الأسابيع التالية في منتصف الصيف الماضي، لكن كيري استمر في إجراء اتصالات أسبوعية مع نتنياهو والعديد من القادة الآخرين في المنطقة، ونقلت عن دبلوماسي أمريكي سابق قوله ان كيري لم ييأس، رغم أن البيت الأبيض أبلغه أن نتنياهو ليس جادا.

المصدر : الجزيرة مباشر + هاآرتس