نافتا.. معركة الخشب والحليب والهجرة

رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو في لقاء مع الرئيس الأمريكي دونالد ترمب في كندا
رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو في لقاء مع الرئيس الأمريكي دونالد ترمب في كندا

هدد الرئيس دونالد ترمب خلال حملته الانتخابية بوقف تطبيق اتفاقية “نافتا” والانسحاب منها، واصفا إياها بأنها أسوأ اتفاقية تجارة أبرمت في تاريخ الولايات المتحدة.

فما هي اتفاقية نافتا؟

في عام 1989، تم التوقيع بين الولايات المتحدة الأمريكية وكندا على اتفاقية للتجارة الحرة تتضمن حرية التجارة بينهما، قبل أن تلتحق بهما المكسيك رسميا بعد خمس سنوات.

وفي عام 1992 توصلت الدول الثلاث (أمريكا وكندا والمكسيك) إلى اتفاق يقضي بإنشاء منطقة للتجارة الحرة فيما بينها، فيما عرف باسم “اتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية” (NAFTA)، لكن الاتفاقية لم تدخل حيز التنفيذ إلا بداية عام 1994.

أهداف نافتا:

تضمنت الاتفاقية إزالة الحواجز الجمركية ورفع القيود الضريبية وفتح الباب أمام الحركة التجارية بين أطرافها، ومساعدة أصحاب المشاريع التجارية الصغيرة عبر تخفيض التكاليف وتسهيل عمليات البيع والشراء، وإلغاء الرسوم بين الدول الثلاث عن نحو تسعة آلاف سلعة خلال 15 عاما، وتسهيل حركة عبور التجارة بين البلدان المؤسسة لها.

تمنح اتفاقية نافتا وضع الدولة الأكثر تفضيلاً للموقعين عليها، وهذا يعني أن الدولة يجب أن تعامل جميع أطراف الاتفاقية معاملة متساوية، ويشمل ذلك الاستثمار الأجنبي المباشر، حيث لا يمكن إعطاء معاملة أفضل للمستثمرين المحليين أكثر من الأجانب، أو تقديم عروض أفضل للمستثمرين من الدول غير الأعضاء في نافتا، كما يجب على الحكومات أيضا تقديم عقود فيدرالية للأعمال التجارية في جميع دول نافتا الثلاث .

تقوم نافتا بإلغاء التعرفات الجمركية على الواردات والصادرات بين الدول الثلاث، كما وضعت الاتفاقية قواعد محددة لتنظيم التجارة في المنتجات الزراعية والسيارات والملابس، وكذلك بعض الخدمات، مثل الاتصالات السلكية واللاسلكية والتمويل.

أكبر المناطق الحرة:

تضم دول “نافتا” الثلاث  حوالي 490 مليون نسمة، ما يعني أن الاتفاقية أنشأت واحدة من أكبر المناطق الحرة في العالم، وأدى الاتفاق إلى انتعاش التجارة بين دول المنطقة، التي تضاعفت مرتين لتصل إلى تريليون دولار سنويا.

بعد سريان مفعول الاتفاقية ألغيت الضرائب وخفضت الرسوم بشكل كبير ثم ألغيت تماما عام 2008 على أغلب المواد باستثناء خشب البناء وجميع مشتقات الحليب تقريبا، حيث تحمي كندا قطاع الألبان فيها من خلال فرض تعر فات جمركية على الواردات لدعم الأسعار لصالح مزارعي البلاد. وزاد النزاع بشأن الألبان عندما وسعت كندا هذه السياسات لتشمل كذلك الحليب المصفى المستخدم في صناعة الأجبان التي تعد غاية في الأهمية بالنسبة للصادرات الأمريكية.

تهديد:

خلال حملته الانتخابية، هدد دونالد ترمب بوقف تطبيق الاتفاقية والانسحاب منها، ووصفها بالكارثة على الاقتصاد الأمريكي، وبأنها أسوأ اتفاقية تجارة أبرمت في تاريخ الولايات المتحدة.

وبعد انتخابه قال ترمب إنه اتفق مع نظيريه الكندي والمكسيكي على إعادة التفاوض بشأن الاتفاقية وقال: “الآن، إذا لم أتمكن من إبرام اتفاق عادل، للولايات المتحدة، بما يعني اتفاقا عادلا لعمالنا وشركاتنا؛ فسألغي نافتا. لكننا سندعم إعادة التفاوض بقوة”.

وكما يشكو الأمريكيون من دعم كندا لقطاع الأخشاب، يبدو أن قطاع الألبان الكندي هو في صلب المطالب الأمريكية خلال هذه المفاوضات، وقال رئيس الوزراء الكندي ترودو “سندافع عن إدارة الإمدادات” وهو نظام تسيطر الحكومة من خلاله على إنتاج وسعر الحليب الذي ينتجه مربو الماشية الكنديون بفضل حصص سنوية تؤمن لهم عائدات ثابتة يمكن توقعها.

وتطالب الولايات المتحدة بتفكيك هذا النظام الذي يفرض رسوما جمركية كندية على منتجات الألبان الأمريكية تبلغ 300%.

وقال ترمب في أبريل/نيسان الماضي إن مستقبل المفاوضات حول اتفاق التبادل الحر بين الولايات المتحدة وكندا والمكسيك، مرتبط بموقف المكسيك من ملف الهجرة.

وقال ترمب في تغريدة له: “على المكسيك التي لديها قوانين في مجال الهجرة شديدة القساوة، أن تمنع المهاجرين من عبورها الى الولايات المتحدة”.

وأضاف: “قد نجعل من هذا الأمر شرطا جديدا لاتفاق التبادل الحر”.

واتفقت الولايات المتحدة والمكسيك يوم الإثنين الماضي على تعديل نافتا، ما يمثل ضغطا على كندا للقبول بشروط جديدة في تجارة السيارات وقواعد تسوية النزاعات كي تظل جزءا من الاتفاق الثلاثي.

المصدر : الجزبرة مباشر + وكالات