نازحو درعا لملك الأردن: “هل نذهب لإسرائيل؟!”

بين العطش الشديد والمرض، تجمع آلاف النازحين السوريين عند الحدود الأردنية مع درعا تحت أشعة الشمس الحارقة، أملًا في العبور والفرار من آلة القتل التي لم ترحم بشرا أو حَجَرا.

قصص كثيرة يحملها هؤلاء الذين تركوا بيوتهم وأرضهم في درعا –المدينة التي أشعلت فتيل الثورة السورية- ونزحوا باتجاه المجهول.. وكثيرة هي أوجاعهم، أطفال وشيوخ ونساء كلهم يعرفون لماذا يهربون؟  لا يعلمون السبب، فذنبهم الوحيد أنهم “سوريون” وأن حاكم بلادهم هو “بشار الأسد”.

أمام كاميرا “الجزيرة مباشر” وقفت طفلة صغيرة، وبخطى واثقة وجهت رسالة إلى العاهل الأردني عبدالله الثاني، تطالبه أن يفتح الحدود ويسمح لها ولعائلتها بدخول الأردن، وتبدو عليها ملامح الاطمئنان بأن الباب سيُفتح لا محالة ربما “لأننا جيران”.

وعلى مسافة قريبة منها، وقف شيخ مسن باكيًا يناشد “الملك عبدالله” بأن يرحم النساء والأطفال من آلة القتل التي ما أبقت على بشر أو حجر،ناشده باسم العروبة والإسلام أن يفتح الباب لهؤلاء الضعفاء، وكرر بحرقة وألم “اعتبرونا بشر”.

وفيما وجهت القوات الأردنية على الحدود رسالة للنازحين عبر مكبرات الصوت تطالبهم بالعودة إلى المناطق التي تسيطر عليها قوات النظام، صرخ الشيخ بحسرة “يريدونا أن نعود إلى أين؟ إلى الموت، إلى القتل، إلى الحمم، إلى القصف؟

واستنكر الرجل ذلك الصمت الدولي والعربي، منتحبًا “أين العالم؟ أين النخوة العربية؟ أين نخوة الدين والإسلام؟ هل تريدونا أن نخرج عن المِلّة؟ هل نذهب لإسرائيل كي تحمينا؟ هل نلجأ لليهود لأن العربي والمسلم لا يريد حمايتنا؟!”.

أما هذا الشيخ الذي جلس على الأرض منهكًا يحمل أحد الأطفال ويشير نحو الآخر الذي بدا أنه “طفل معاق”، فتساءل “لماذا يبقى أطفالنا هكذا على الحدود بلا ماء ولا زاد ولا دواء؟ لماذا تريدون أن تتركونا تحت أشعة الشمس الحارقة حتى نموت مرضًا أو نموت في أرضنا قصفًا وقتلًا؟ لماذا يريدونا أن نعود لمناطق سيطرة النظام وهو الذي يلاحقنا بالقصف والدمار؟ نريد أن نحيا كالبشر”.

وأقسم الرجل والجمع من حوله أنهم سيبقون هكذا على الحدود فإما “نعيش كلنا أو نموت كلنا” وأخذ الجميع يرددون هتافات بصوت عالٍ ” يا الله ما لنا غيرك.. يا الله شعب أعزل.. يا الله عجل فرجك.. يا أردن افتح حدودك”.

أما هذا المواطن الأردني فهو متزوج من امرأة سورية وعاش معها في سوريا، ويحمل جواز سفر أردني ومعه كل الأوراق، يحكي المأساة مختصرة في عبارة واحدة “المكوث في سوريا يعني انتهاك الدين والعرض والمال”، مطالبًا ملك الأردن بأن يفتح بابه للأطفال والنساء حفاظًا على الدين والأعراض التي تنتهكها قوات الأسد.

فيما وصف نازح آخر بصوت منكسر المشهد بأنه “يوم أشد من يوم القيامة على معظمنا.. الدموع لا يمكن أن تعبر عما في النفوس.. فقدنا قلوبنا وأيام صبانا وحياتنا وبيوتنا ليس خوفًا من الموت بل خوفًا على الأعراض.. فهؤلاء بلا دين ولا ذمة وإذا دخلوا بيتًا لا يتركون عرضًا ولا شرفًا، نحن نريد فقط إنقاذ نسائنا وأطفالنا”.

وقتل 15 مدنيًا معظمهم أطفال، من الفارين من هجمات النظام وحلفائه، مصرعهم، قرب الحدود الأردنية مع درعا، بسبب ظروف قاسية عاشوها، منذ بدء الهجوم العسكري قبل 10 أيام، فيما أعلن الجيش السوري الحر الأحد فشل المفاوضات مع الجانب الروسي.

ومنذ أيام والمهجّرون المدنيون يتعرضون إلى رياح صحراوية مصحوبة بالغبار ودرجات حرارة عالية تصل إلى 45 درجة، وسط انعدام للخيام أو المأوي، ونقص في المياه الصالحة للشرب، فيما يرفض الأردن استقبالهم.

وفي 20 يونيو/حزيران الحالي، أطلقت قوات النظام السوري بالتعاون مع حلفائه والمليشيات الشيعية الموالية له، هجمات جوية وبرية مكثفة على محافظة درعا السورية، ما اضطر أكثر من 150 ألف شخص على النزوح باتجاه الحدود الأردنية والجولان المحتل، وسط تحذيرات دولية من كارثة إنسانية.

وبدأ الجيش الأردني، (السبت)، في إيصال مساعدات إنسانية لآلاف النازحين السوريين الذين لجأوا لمنطقة قرب الحدود مطالبين بالسماح لهم بدخول الأردن الذي أغلق حدوده بعد أن شن الجيش السوري هجوما كبيرا هذا الشهر تسبب في تشريد عشرات الآلاف.

المصدر : الجزيرة مباشر