من يحاسب المجلس العسكري ومحافظ البنك المركزي في مصر؟

اتهم محافظ البنك المركزي المصري الأسبق محمود أبو العيون المجلس العسكري بالمسؤولية عن خسارة مليارات الدولارات من الاحتياطي النقدي.

وفي أقوى اتهام ضمني للمجلس العسكري في مصر- الذي تولى المسؤولية عن حكم البلاد عقب تنحي الرئيس الأسبق مبارك- وكذلك فاروق العقدة محافظ البنك المركزي حينها، حمل أبو العيون المجلس والعقدة مسؤولية خسارة 12 مليار دولار  من الاستثمارات التي خرجت من البلاد، وفقد الاحتياطي النقدي 21 مليار دولار من العملة الأجنبية. خلال 18 شهرا.

وقال أبو العيون، أستاذ الاقتصاد بجامعة الزقازيق، فى حوار لديلي نيوز ايجيبت: ” أن تثبيت سعر الصرف خلال العام الأول الذى تلا يناير 2011 رغم هروب أكثر من 12 مليار دولار رسمياً أمر يحتاج تفسيرا ممن كانوا في الحكومة وفي البنك المركزي في ذلك الوقت“.

مضيفا: “هذا الأمر أدى إلى انهيار احتياطيات الدولة من النقد الأجنبي القابلة للاستخدام، ولجأنا لطلب مساعدات خارجية و ودائع من الدول العربية الخليجية لآجال تزيد عن العام، حتى يتم تبويبها ضمن الأصول الاحتياطية لدى البنك المركزي“.

سياسة مشبوهة

من المتعارف عليه عقب الثورات أن تقوم الدولة بخفض قيمة العملة؛ للمحافظة على اقتصاد البلاد، وزيادة الكلفة على المضاربين بعملتها، أو الراغبين بالخروج باستثماراتهم، لكن لا المجلس العسكري الحاكم، ولا فاروق العقدة محافظ البنك المركزي آنذاك فعلوا ذلك.

ويرى خبراء أن المجلس العسكري وفاروق العقدة أضرا بمصالح الوطن والمواطنين، من خلال الحرص على الحفاظ على سعر صرف الجنيه، دون أي اعتبار لقوى العرض والطلب، فلم ينخفض الجنيه سوي بنسبة 3% من قيمته بما يوازي 18 قرشا ليرتفع سعر الدولار مقابل الجنيه من 5 جنيهات و88 قرشا إلى 6 جنيهات و6 قروش، فاتحا الباب علي مصراعيه للصوص والمفسدين -بحسب قولهم- بتحويل أموالهم للخارج بصورة مباشرة أو غير مباشرة، والتي قدرها أبوالعيون في حواره المنشور بـ 12 مليار دولار، وهو ما مثل استنزافا للاحتياطي النقدي بالبنك المركزي، بفعل الدعم الضمني لسعر الصرف الذي حصل عليه هؤلاء المفسدون بالفرق بين سعر الصرف الحقيقي وسعره المعلن من قبل البنك المركزي.

وقد كلفت هذه السياسة النقدية المشبوهة في ذلك الوقت الدولة خسارة 60% من احتياطياتها النقدية خلال عام ونصف.

تدهور

كان الاحتياطى النقدي لمصر قد بلغ نحو 36 مليار دولار قبل ثورة 25 يناير/ كانون ثاني 2011 ، وبدأ النزيف ، خسر الاحتياطى النقدي خلال الـ 6 أشهر الأولى بعد الثورة حوالى 10 مليارات دولار، حتى وصل فى يونيو/ حزيران 2011 إلى 26 مليارا و 564 ألف دولار، وتوالى الانخفاض حتى وصل فى يناير 2012 إلى 18 مليارا و100 مليون دولار، بخسارة تقدر بحوالى 8 مليارات عن يونيو 2011، في أقل من 6 أشهر.

ثم تراجعت بشكل حاد، ووصل الاحتياطى النقدي فى يونيو 2012 إلى 15 مليارا و 534 مليون دولار، وتراجع فى الشهر التالى إلى 13 مليارا و900 مليون دولار بانخفاض قدره مليار و600 مليون دولار.

ومع تولى الرئيس محمد مرسى -أول رئيس مدني منتخب- الحكم فى بداية يوليو/تموز 2012، كان الاحتياطى النقدى لمصر قد بلغ 13 مليارا و900 مليون دولار، ارتفع إلى حوالى‏ 14 مليارا و900 مليون دولار في نهاية يونيو 2013 قبل ثلاثة أيام من وقوع الانقلاب العسكري.

من يحاسب؟

فمن يحاسب المجلس العسكري ومحافظ البنك المركزي الأسبق؟، خاصة وأن تداعيات السياسة النقدية لا زالت تتوالى سلبا على الاقتصاد المصري، حيث انخفضت قيمة الجنيه أمام الدولار بنحو 150% لتصل لنحو 18 جنيها مقابل الدولار حاليا، كما تضاعف حجم الدين الخارجي ليصل إلى نحو 70 مليار دولار نهاية يناير الماضي.

إضافة إلى ارتفاع غير مسبوق في معدلات التضخم وصل إلى 29.6% بنهاية يناير الماضي على أساس سنوي بحسب الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، وتدهور مستوى الخدمات بشكل كبير، وارتفاع معدلات البطالة، وتوقف المشروعات، وهروب الاستثمارات، وتراجع الإنتاج والصادرات، واتجاه الاقتصاد المصري نحو مرحلة الركود التضخمي باتجاه الكساد.

المصدر : الجزيرة مباشر