مصر تشهد أكبر معدل اقتراض في تاريخها

توسع غير مسبوق في معدلات الاقتراض تقوم به الحكومة المصرية، داخليا وخارجيا، أدى إلى زيادة غير مسبوقة في أعباء خدمة الدين العام وصلت إلى نسب قياسية من الإنفاق العام، والموارد العامة

ومع عجز متوقع في الموازنة العامة للدولة للعام المالي المقبل 2018-2019 يبلغ نحو 438.6 مليار جنيه (24.6 مليار دولار)، ضاعفت الحكومة معدلات الاقتراض لتصل معدلات غير مسبوقة في التاريخ المصري.

هل تصدق بأن الدولة تقترض 285 مليون جنيه في الساعة؟

 بحسب الجدول الزمني لإصدار أذون وسندات الخزانة الذي أعلنته وزارة المالية المصرية مؤخرا، ستقترض الحكومة في الربع الأول من العام المالي القادم (يوليو/تموز-سبتمبر/أيلول 2018) مبلغ 475.5 مليار جنيه (26.7 مليار دولار)، مقابل 371 مليار جنيه خلال الربع الأول من العام المالي الحالي الذي ينتهي بنهاية شهر يونيو/ حزيران الجاري، بنسبة زيادة قدرها 28%، منها 182 مليار جنيه خلال الشهر الأول يوليو/ تموز القادم، مقابل 110.75 مليار جنيه خلال يوليو من العام الماضي بنسبة زيادة قدرها 64.3%، وبمعدل اقتراض يومي بقيمة 5.9 مليار جنيه، أي نحو 285 مليون جنيه على مدار الساعة، هذا بخلاف القروض الخارجية، إذ توقع البيان المالي للموازنة العامة للدولة للعام المالي القادم أن تقترض الحكومة نحو 203.4 مليارات جنيه (11.4 مليار دولار) من الخارج.

هل تعلم أن خدمة الدين تلتهم 83% من إيرادات مصر؟

وبحسب البيان المالي، ستلتهم أعباء خدمة الدين العام ما نسبته 83% من إجمالي الإيرادات، إذ تبلغ أعباء خدمة الدين (فوائد وأقساط) في الموازنة الجديدة نحو 817.3 مليار جنيه، منها 541.3 مليار جنيه فوائد الدين العام، تمثل أكبر باب على جانب المصروفات في الموازنة، ومبلغ 276 مليار جنيه أقساط الدين الداخلي والخارجي، بينما تبلغ قيمة إيرادات الدولة المتوقعة خلال العام القادم نحو 989.2 مليار جنيه.

ومنذ الانقلاب العسكري الذي قاده عبد الفتاح السيسي في يوليو/ تموز 2013، وصل الدين الخارجي لمصر إلى نحو 82.9 مليار دولار بنهاية ديسمبر/كانون الأول من العام الماضي 2017، مقابل 43 مليار دولار حينها، بينما تجاوز إجمالي الدين العام الداخلي 3.4 تريليونات جنيه (187 مليار دولار)، مقابل 1.5 تريليون جنيه، وقد تجاوز حجم الدين العام (داخلي وخارجي) 4.8 تريليون جنيه ما يعادل 270 مليار دولار، بينما توقعت مؤسسة فيتش للتصنيف الائتماني في تقرير لها عن الاقتصاد المصري أن يكون الدين العام الخارجي قد تجاوز 100 مليار دولار.

استثمارات البنوك في الدين الحكومي 1.67 تريليون جنيه

وقد انعكست هذه الأرقام سلبا على نسب استثمارات البنوك في تمويل المشروعات العامة والخاصة، مع ما يتبع ذلك من ضعف معدلات النمو والتشغيل وزيادة معدلات التضخم والبطالة، فقد بلغت استثمارات القطاع المصرفي في أوراق الدين الحكومي نحو 1.662 تريليون جنيه بنهاية مارس/ آذار الماضي، وبلغت حصة أكبر 10 بنوك من الاستثمارات في أذون الخزانة 78.3% من إجمالي الاستثمارات بقيمة 1.303 تريليون جنيه.

وبسبب عجز الحكومة عن توفير مصادر تمويل طويلة الأجل لسداد ديونها تقترض الحكومة المصرية أكثر من أربعة أضعاف ما تحتاجه لسداد عجز الموازنة، فتلجأ إلى أدوات الدين قصيرة الأجل (الأذون) لسداد التزامات طويلة الأجل (الدين العام) مع ما يحمله ذلك من مخاطر ارتفاع تكلفة الدين بسبب التقلب المستمر في أسعار الفائدة، وعدم توافر السيولة لمواجهة سداد دفعات الأقساط والفائدة، وهكذا دخلت الحكومة المصرية ما يسمى بـ “الدائرة الجهنمية”، الاقتراض من أجل سداد أعباء الاقتراض.

لا يمكن التعايش مع هذه الأرقام!

كان وزير المالية المصري، “عمرو الجارحي”، قد حذر من أن تنامي مؤشرات عجز الموازنة وتزايد الديون سيكون أمرا يصعب التعامل معه.

وقال “الجارحي”، في تصريحات لصحيفة “فايننشال تايمز” معلقا على مؤشرات عجز الموازنة والديون: “لا يمكننا التعايش مع مثل هذه الأرقام”.

وأضاف “إذا تركناها على هذا الوضع سيزيد الدين ومستوى العجز سيرتفع والوضع سيكون أكثر صعوبة”.

المصدر : الجزيرة مباشر