مرسي أول رئيس مدني لمصر

فاز رئيس حزب الحرية والعدالة المنبثق عن جماعة الإخوان المسلمين محمد مرسي بأول انتخابات رئاسية تشهدها مصر في خضم الربيع العربي، ليتولى مقاليد الحكم بعد أن تنحى الرئيس السابق حسني مبارك عن السلطة في 11 فبراير/شباط 2011 تحت ضغط ثورة 25 يناير/كانون الثاني من العام نفسه.

وبعد أسبوع من إجراء جولة الإعادة أعلنت لجنة الانتخابات الرئاسية اليوم -في مؤتمر صحفي- النتائج النهاية للاقتراع، وأعلنت فوز مرسي بالانتخابات، متقدما على منافسه الفريق أحمد شفيق الذي كان آخر رئيس وزراء في عهد الرئيس مبارك.

وحسب النتائج التي أعلنتها لجنة الانتخابات الرئاسية، فقد حصل مرسي على 51.7% من الأصوات المعبر عنها، فيما حصل أحمد شفيق على 48.3% من الأصوات. ووفق تلك النتائج فقد فاز مرسي بـ13230131 صوتا، بينما أحرز شفيق 12347380 صوتا.

وبلغت نسبة المشاركة في الانتخابات 51.7%، حيث كان عدد المسجلين 50958794، لكن عدد الذين أدلوا بأصواتهم بلغ فقط 25577511 ناخبا، وتبين للجنة الانتخابات أن هناك أصواتا باطلة بلغ عددها 843252 صوتا.

الجمهورية الثانية
وبذلك يكون محمد مرسي “الرئيس الأول للجمهورية الثانية” -وفق تعبير رئيس لجنة الانتخابات الرئاسية المستشار فاروق سلطان- وأول رئيس مدني للبلاد التي تعاقب على حكمها -منذ ثورة الضباط الأحرار في 23 يوليو/تموز 1952- رؤساء منحدرون من المؤسسة العسكرية، وهم محمد نجيب وجمال عبد الناصر وأنور السادات وحسني مبارك.

فاروق سلطان (وسط) يعلن مرسى رئيسا لما سماها الجمهورية الثانية (الفرنسية)

ووصف فاروق سلطان الانتخابات الرئاسية بأنها مرحلة مهمة في تاريخ بناء الديمقراطية الناشئة في البلاد، وأشار إلى أن لجنة الانتخابات الرئاسية -التي بدأت عملها منذ نحو أربعة أشهر- كانت تتمنى أن يكون الإعلان عن نتائج الانتخابات يوما احتفاليا بعيدا عن أجواء التوتر.

لكن فاروق سلطان -الذي تحدث طيلة أكثر من 50 دقيقة في المؤتمر الصحفي لإعلان النتائج- تأسف للأجواء المشحونة التي طغت على عمل اللجنة، وما تعرضت له من “حملات إعلامية تشكك في نزاهتها”، لكنه أكد أن اللجنة واصلت مهمتها بإصرار وثبات.

وجاء الإعلان عن فوز مرسي بعد نحو أسبوع من الترقب والانتظار صاحبتهما شكوك ومخاوف، زادت حدتها مع الاعتصام المفتوح الذي ظل متواصلا في ميدان التحرير وسط القاهرة لليوم السادس على التوالي، وإلى غاية إعلان النتيجة النهائية لجولة الإعادة.

ويتوقع أن يتسلم محمد مرسي مقاليد رئاسة البلاد في نهاية الشهر الجاري من المجلس العسكري الذي ظل مضطلعا بشؤون الحكم منذ تنحي الرئيس مبارك.

وسيتولى محمد مرسي مهامه الرئاسية في حين لا تزال صلاحياته غير محددة بشكل واضح، إذ إن البلاد لا تزال من دون دستور، وهو ما يتوقع أن تعكف عليه اللجنة التأسيسية لصياغة الدستور التي لا يزال الجدل قائما بشأن تشكيلتها.

تسريبات
وقبل وقت قصير من الإعلان النهائي لنتائج جولة الإعادة، كان مراسل الجزيرة نت في القاهرة أنس زكي علم من مصدر قريب من لجنة الانتخابات الرئاسية أنها نظرت بجدية في كل الطعون التي قدمت إليها، حتى تلك التي قيل إن شفيق قدمها بشكل مخالف للوائح، وانتهت إلى إبطال عدد من الصناديق للشك فيها، لكن هذا لم يجعل الفارق يختلف كثيرا عما أعلنته حملة مرسي ووسائل الإعلام.

من جهة أخرى، علم مراسل الجزيرة نت أن قرار لجنة الانتخابات بفوز مرسي جاء بعد خلاف كبير داخل أعضاء اللجنة، حيث كان ثلاثة منهم يؤيدون إلغاء مزيد من النتائج بما يصب في صالح شفيق، أو على الأقل يريدون إعادة الانتخابات في بعض اللجان المطعون فيها.

وحسب المصدر، فإن عضوين آخرين في اللجنة -حصلا مؤخرا على ثقة القضاة لتولي مناصب عليا- أصرا على تطبيق القانون بشأن طعون شفيق التي كانت في معظمها إما واهية أو مخالفة للإجراءات الواجب اتباعها في تقديم الطعون، سواء من حيث الوقت أو الجهة التي يتم الطعن أمامها.

كما أشار المصدر إلى أن اللجنة تعرضت لضغوط في اتجاه معين، وبدا أن داخلها أغلبية من ثلاثة أعضاء تؤيد هذا الاتجاه، لكن المخاوف من عدم قبول العضوين الآخرين لهذا الضغط وعدم سكوتهما حال الاستجابة له، كان له أثر حاسم.

وكانت الجزيرة نت علمت أمس أن جهات سيادية عليا حذرت المجلس العسكري من تدهور شديد للأوضاع في مصر إذا جرى إعلان فوز شفيق بخلاف ما أشارت إليه النتائج.