محاكمة مبارك ونجليه ومعاونيه

جرت اليوم في مقر أكاديمية الشرطة في العاصمة المصرية القاهرة الجلسة الأولى لمحاكمة الرئيس المخلوع حسني مبارك ونجليه علاء وجمال وعدد من أعوانه بتهم مختلفة منها القتل العمد لمتظاهرين وإهدار المال العام.

وأظهرت صور مباشرة لوقائع المحاكمة بثها التلفزيون المصري من قاعة المحكمة بأكاديمية الشرطة قرب القاهرة، مبارك (83 عاما) ممددا على سرير طبي متحرك في قفص الاتهام ولا يظهر إلا وجهه وقد بدا واعيا وينظر حوله.

وظهر جمال مبارك بعد بدء المحاكمة واقفا في قفص الاتهام جنب والده، وكان ينحني بين الفينة والأخرى ليتحدث معه وقد وقف بجواره شقيقه علاء الذي كان يتحرك كثيرا وينظر إلى الأمام تارة والخلف تارة أخرى قبل أن يجلس على مقعد داخل القفص.

وهذه هي المرة الأولى التي يلتقي فيها علاء وجمال مبارك والدهما علنا منذ حبسهم جميعا احتياطيا في أبريل/نيسان الماضي، إذ أودع مبارك في مستشفى شرم الشيخ لأسباب صحية بينما نقل ولداه إلى سجن مزرعة طرة في القاهرة.

وحضر للدفاع عن مبارك ثلاثة محامين تقدمهم فريد الديب الذي احتج على القرار الذي صدر في 25 يوليو/تموز الماضي بضم قضية وزير الداخلية السابق حبيب العادلي ومعاونيه الستة إلى قضية مبارك ونجليه.

ويُحاكم مبارك في ثلاث تهم رئيسية هي قتل متظاهرين خلال ثورة الـ25 من يناير، وتصدير الغاز المصري إلى إسرائيل، وإهدار المال العام. وإذا تمت إدانته بالتهم الموجهة إليه قد يواجه حكما بالإعدام.

وكانت طائرة إسعاف صغيرة تتسع لنحو عشرين راكبا أقلت مبارك ومرافقين له اليوم من مطار شرم الشيخ إلى مطار ألماظة العسكري شرق القاهرة لينقل منه إلى مقر المحكمة. وقبل ذلك كان نقل في سيارة إسعاف من مستشفى شرم الشيخ الذي يرقد فيه إلى المطار تحت حراسة من قوات الجيش والشرطة، وفق مصادر متطابقة.

ويحاكم في القضية نفسها وزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي وستة من كبار معاونيه السابقين. بينما سيحاكم رجل الأعمال حسين سالم -المقرب من مبارك- غيابيا، لأنه هارب في إسبانيا.

وظهر العادلي مرتديا ملابس زرقاء لصدور حكمين بالسجن عليه مدتهما 17 عاما في قضايا فساد.

وقد طالب محامي الدفاع عن حبيب العادلي استدعاء رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة الحاكم المشير حسين طنطاوي ورئيس المخابرات السابق عمر سليمان للإدلاء بشهادتيهما.

يشار إلى أن طنطاوي يشغل منصب وزير الدفاع منذ عشرين عاما، بينما عين سليمان نائبا للرئيس في الأيام الأخيرة من حكم مبارك.

وترأس المحاكمة المستشار أحمد رفعت الذي حذر من أي إخلال بوقائع الجلسة مهددا بحبس من يخل بالنظام 24 ساعة. وطالب جميع الحضور “بالاستماع والتيقن حتى تتمكن هيئة المحكمة من أداء رسالتها على الوجه الأكمل بما يرضى الله وضمائر أعضاء هيئة المحكمة”.

وجرت المحاكمة في قاعة تتسع لـ600 شخص داخل أكاديمية الشرطة في ضاحية القاهرة الجديدة بشرق القاهرة. وإضافة إلى المتهمين والمحامين والصحفيين، سمح لبعض أسر الضحايا بحضور المحاكمة بصفتهم “مدعين بالحق المدني”.

يُذكر أن السلطات قررت لأسباب غير معروفة استبعاد مراسلي كل قنوات شبكة الجزيرة من الدخول ضمن الصحفيين الذين سمح لهم بتغطية وقائع جلسة المحاكمة.

وقال مراسل الجزيرة عبد البصير حسن من أمام مبنى أكاديمية الشرطة حيث وضعت شاشة عملاقة لمتابعة وقائع المحاكمة إن محيط المبنى شهد تراشقا بالحجارة بين أنصار الرئيس المخلوع ومعارضيه، مشيرا إلى أن عددهم جميعا يقدر بنحو مائتي متظاهر تقريبا وأن قوات من الشرطة التي انتشرت بكثافة هناك قامت بتفريقهم.

يذكر أن 850 شخصا لقوا مصرعهم وجرح أكثر من ستة آلاف معظمهم من الشباب خلال “ثورة 25 يناير” التي انتهت بسقوط مبارك ونظامه في 11 فبراير/شباط الماضي.

ويُعد مبارك أول حاكم عربي يقف وراء القضبان للمحاكمة منذ اندلاع ثورات عربية مطالبة بالإصلاح والديمقراطية عرفت إعلاميا باسم “الربيع العربي”. وكان الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي -الذي كان أول حاكم عربي يطاح به- حوكم غيابيا على اعتبار لجوئه للسعودية.