ليست جريمة واحدة: ماذا يعني الاعتراف السعودي بمقتل خاشقجي؟

السعودية حولت قنصليتها في إسطنبول إلى مقر لاستهداف المعارضين وقتلهم

على الرغم من محاولة البيان الذي اعترفت فيه السعودية بمقتل الكاتب السعودي جمال خاشقجي التخفيف من وقع الحادث، فإنه أثبت تورط المملكة في العديد من الجرائم التي أحاطت بالعملية.

ويمكن تحديد أبرز تلك الجرائم فيما يلي:

  • انتهاك الاتفاقيات الدولية: وذلك عبر استغلال مقر بعثة دبلوماسية في ملاحقة المعارضين السياسيين، سواء كانت تلك الملاحقة عملية قتل أو محاولة اختطاف أو حتى استجواب أو “مناقشة تطورت إلى شجار” مثلما قال البيان السعودي في محاولة للتخفيف من وقع ما حدث، إذ يمثل ذلك مخالفة واضحة لاتفاقية فيينا التي تنظم عمل المقار والبعثات الدبلوماسية في أنحاء العالم. وهو ما سيؤثر على المكانة الدولية للسعودية وسمعة مقارها الدبلوماسية لفترة طويلة. وقد طالب النائب الجمهوري مايك كوفمان من الرئيس الأمريكي باستدعاء القائم بأعمال السفارة الأمريكية في الرياض بشكل فوري. مضيفا أن المجتمع الدولي عليه أن “يدين استخدام المنشآت الدبلوماسية كغرف تعذيب من قبل دول مارقة”.

  • القتل: وهي الجريمة الأبرز والأكثر تأثيرا، وهي التي حاولت السعودية إنكارها من البداية حتى لا تتورط في الأزمة التي أصبحت تواجهها في الوقت الحالي، وهي التي أثارت الرأي العام العالمي ضد المملكة بشكل لم يسبق له مثيل.
  • “إعادة المعارضين”: اعترف مصدر سعودي مسؤول لوكالة رويترز بوجود “أوامر دائمة” لجهاز المخابرات السعودي بإعادة المعارضين من الخارج إلى المملكة، وهو ما يثبت وجود نية وتخطيط سعودي مسبق باستهداف خاشقجي داخل القنصلية، إذ إن عملية “إعادة المعارضين” لن يتم تنفيذها إلا باستخدام القوة والعنف والإجبار والاختطاف، وغيرها من الممارسات التي ترتبط بالخروج عن القانون.
  • إخفاء معالم الجريمة: لم يكتف فريق الاغتيال بجريمة القتل، بل تعداها إلى محاولة إخفاء معالمها بطريقة اعتبرت وحشية وبربرية، إذ قام الفريق بمحاولة طمس الأدلة وتقطيع الجثة وإخفائها في مكان لم يتضح بشكل قاطع حتى الآن. وهو ما يزيد من وطأة جريمة القتل ويرفعها إلى مستوى القتل العمد.

  • الكذب: تورط مسؤولون سعوديون على أعلى المستويات في الإدلاء بتصريحات كاذبة حول مصير خاشقجي منذ اليوم التالي لاختفائه، أبرزهم ولي العهد نفسه الذي أكد في حوار مع وكالة بلومبرغ أن خاشقجي خرج من القنصلية بعد نحو 20 دقيقة من دخوله إليها، كما صرح شقيقه السفير السعودي في واشنطن خالد بن سلمان قائلا “من المستحيل أن يرتكب موظفو القنصلية في إسطنبول مثل هذه الجريمة والتعتيم عليها، دون أن يكون لنا علم بذلك”. وكذب القنصل السعودي أيضا عندما أكد لوكالة رويترز أن خاشقجي خرج من القنصلية واصطحب مراسل الوكالة في جولة داخل المبنى ليثبت زعمه. كما كذب وزير الداخلية السعودي عبد العزيز بن سعود بن نايف بن عبد العزيز عندما صرح بعدم وجود أي أوامر بقتل خاشقجي، مؤكدا أن الحديث عن تورط سعودي في الجريمة عبارة عن “أنباء زائفة”. كما تورط الإعلام السعودي وحلفاؤه في السعودية والإمارات في نشر العشرات من الأكاذيب طوال الأسبوعين الماضيين.
فريق التحقيق التركي أثناء قيامهم بتفتيش وفحص مبنى القنصلية السعودية في إسطنبول (رويترز)

 

  • الاستهانة بالدول الأجنبية: لم تخطط السعودية لاستهداف خاشقجي في الولايات المتحدة أو كندا أو بريطانيا أو غيرها من الدول الكبرى، خشية تعرضها لأزمة دبلوماسية عنيفة، لكنها اختارت تركيا متصورة أنها لن تستطيع الدخول في حرب دبلوماسية معها، وعلى ما يبدو فإن الأتراك وصلتهم الرسالة واعتبروا أنها تقليل من شأنهم واستهانة بالغة بهم، وقرروا الرد عليها عبر تدويل الأزمة والوصول إلى أدلة دامغة تدين السعودية.
  • الإنكار والتضليل: ادعت المصادر السعودية أن ولي العهد السعودي لم يكن على علم بتفاصيل العملية “بشكل محدد” وفقا لتعبير المصدر السعودي، وهو ما أثار تساؤلات عن الشكل أو مستوى المعرفة الذي يمكن أن يكون ابن سلمان على علم به، كما أن الادعاء بعدم معرفة ولي العهد أو الملك سلمان بالعملية يمثل طعنا في كفاءة ولي العهد الذي لا يمكن أن تتم مثل تلك العملية بدون معرفته أو أوامره. خاصة أن سعود القحطاني نفسه كان قد أكد قبل ذلك على حسابه بموقع تويتر أنه لا يؤدي أي مهمة بدون توجيه محدد ومسبق من الملك وولي عهد. كل هذه الدلائل تضعف من مصداقية أي اعتراف بعد ذلك نتيجة محاولات التضليل المكثفة التي جرت، خاصة أن تفاصيل الحادث كما رواه البيان السعودي لم تحصل على أي قبول أو تصديق من وسائل الإعلام والحكومات الأجنبية وأعضاء الكونغرس الأمريكي والمنظمات الدولية.

https://twitter.com/saudq1978/status/898273541367451648?ref_src=twsrc%5Etfw

  • التشويه والتخوين: لم يكتف المسؤولون السعوديون طوال الأسبوعين الماضيين بالكذب والإنكار فقط، بل شهدت مواقع التواصل الاجتماعي نشاطا مكثفا لما يسمى “الذباب الإلكتروني” السعودي الذي ملأ الفضاء الإلكتروني بمحاولات تشويه خاشقجي وخطيبته وسب كل من يتساءل عن مصير خاشقجي وتوزيع الاتهامات بالخيانة والعمالة ضد وسائل الإعلام العربية والأجنبية والمنظمات الحقوقية الدولية وتهديد الأشخاص الذين تبنوا قضيته بالقتل، كما تركز جزء من الهجوم على خطيبة خاشقجي التي كشفت عن اختفائه مبكرا وتسببت في تسليط الضوء على القضية في ساعاتها الأولى.
المصدر : الجزيرة مباشر