قرية محمد صلاح..”تحت الحصار” !

الدولي المصري محمد صلاح ، لاعب ليفربول الإنجليزي
الدولي المصري محمد صلاح ، لاعب ليفربول الإنجليزي

فوجئ رجل، كان يسأل عن قرية (نجريج) بأن جميع من كانوا على متن الحافلة المتجهة إلى محافظة الغربية يعرفونها جيدا..كيف لا وهي بلدة لاعب كرة القدم الدولي الشهير محمد صلاح.

وانفرجت أسارير الرجل الذي كان يصطحب طفلة وكان للتو حائراً، وأخذ طفلته تردد الأغنية الشهيرة “مو صلا .. مو صلاح” وبدأ الرجل يقصّ سبب بحثه عن منزل أسرة صلاح، قائلا إنه يواجه ديوناً بمبلغ 60 ألف جنيه (3400 دولار)، ويحتاج إلى مساعدة، وسمع أن أسرة صلاح تفعل ذلك.

وفي منزل بسيط بالقرية، من 3 طوابق يقطن والد صلاح ووالدته وشقيقه الصغير نصر، كما أن شقيقته متزوجة بالقرية نفسها، وخلال السير في شوارعها الضيقة والملتوية، لن تشعر أنّك في قرية صلاح، فلا توجد صورة للاعب معلقة فيها سوى في النادي الذي يحمل اسمه.

وحالة صاحب الدين “أحمد” وفق أحد المقربين من صلاح والذي فضّل عدم ذكر اسمه، هي واحدة من العشرات الذين يترددون يوميًا على البلدة لطلب المساعدة من كافة المحافظات.

ويوضح، أنه لا تمر ساعة سواء ليلا أو نهارا إلا وهناك اتصال هاتفي أو حالة تطلب المساعدة مشيرا إلى أن الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي ساعدوا في ذلك، بسرد الحكايات عن ذبح عجل مع كل هدف أو تبرعات ما يجعل العشرات ينتظرون عقب كل مباراة.

ويضيف “حتى المسؤولون بدأوا يروجون مثل هذه الشائعات كنوع من الإحراج للاعب، صلاح ليست مسؤوليته حل المشاكل هناك مسؤولون يجب أن يلتزموا بأدوارهم” ويتابع “صلاح يساعد ولكن كل شيء له آخر”.

 ويمضي قائلا “نجريج، التي تحتاج للمساعدة، أصبحت قبلة للوافدين من كل محافظات البلاد وكل منهم يحمل قصة مأساوية وبعضهم ظهر كذبه” ويؤكد أن “الأسرة أصبحت تحت الحصار لا تفتح أبوابها لأحد ولا تقابل أحداً، ولا تستطيع أن تمارس حياتها بشكل طبيعي”.

ومن جانب آخر يقول أحد جيران صلاح، إنه اعتاد على رؤية غرباء ما بين كاميرات وسائل إعلام محلية وأجنبية وطالبي المساعدة، في شارعهم الذي كان هادئًا قبل نجومية “مو صلاح” ويضيف أنه مع كل بطولة يكون الزائرون أكثر من أهل القرية ذاتها في النادي الذي يحمل اسم (محمد صلاح) وتسهر القرية حتى الصباح رغما عنها.

وفكر اللاعب الدولي في إنشاء جمعية خيرية تتولى بحث الحالات المحتاجة، ويدير الجمعية مجلس أمناء، من بين الأعضاء والد اللاعب، وحسن بكر، باحث اجتماعي في جمعية صلاح الخيرية، يقول، إن صلاح هو صاحب فكرة إنشائها في شهر رمضان الماضي، عندما قضى في القرية عدة أيام، ولاحظ كثرة تردد بعض الأهالي والمحتاجين على منزله بشكل عشوائي، ففضل أن يقنن هذا العمل، لتصل المساعدات إلى مستحقيها.

ويشير بكر إلى أن الجمعية تم تأسيسها رسميا نهاية العام الماضي و450 أسرة من القرية والقرى المجاورة، من الأرامل والأيتام، والمرضى يتلقون المساعدة شهريا، بجانب بعض حالات الزواج، رافضا الإفصاح عن قيمة المساعدات.

وبلدة نجريج تعاني نقص الخدمات، فهي بلا وحدة إسعاف ولا مطافئ وحتى النادي الرياضي تعرض للإهمال، فأصبح مكباً للقمامة، وتسود حالة سخط بين أبناء القرية حيث يتهمون الحكومة بأنها تنتظر من نجم ليفربول ومنتخب مصر أن يقوم بدورها في حل تلك المشاكل.

ونجح صلاح (25 عامًا) في جذب الأنظار إليه خلال الموسم الحالي مع ليفربول، حيث شارك معه في 48 مباراة بمختلف البطولات، مسجلًا 43 هدفًا وصانعا 15 آخرين، وبات خامس لاعب عربي يتأهل إلى المباراة النهائية لبطولة دوري أبطال أوربا لكرة القدم.

وبجانب ما يقدمه صلاح من مساعدات للمحتاجين بشكل غير معلن هناك قائمة تبرعات معلنة منه لبلاده، من أهمها (صندوق تحيا مصر) وهو صندوق حكومي لجمع التبرعات فخلال لقاء مع الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، يناير/كانون الثاني 2017، أعلن صلاح تبرعه بـ5 ملايين جنيه (285 ألف دولار) للصندوق.

كما أعلن والد اللاعب تبرع نجله بجهاز تنفس صناعي لمستشفى بسيون العام (الغربية) بالإضافة إلى تطوير قسم حضانات الرضع، عبر هدية من رجل أعمال مصري، فضل صلاح التبرع بها للمستشفى، وحصل اللاعب الدولي على موافقة السلطات في يونيو/حزيران 2017 على إنشاء وحدة إسعاف بقريته، وتعهد باستكمال بنائها، وأعلنت أسرة صلاح كذلك عن تبرعه لإنشاء معهد ديني لمرحلتين الابتدائية والإعدادية بتكلفة تصل إلى 10 ملايين جنيه (570 ألف دولار).

وارتفع عدد الذين يعانون من الفقر المدقع بمصر من 4.4 % في عام 2012/2013 إلى نحو 5.3 % في عام 2015، وفقا لبيانات الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، ويعرف الجهاز الفقر المدقع بأنه يعني عدم قدرة الفرد أو الأسرة على توفير الاحتياجات الغذائية الأساسية.

المصدر : الأناضول